بيان سفارة جمهورية أذربيجان لدى المملكة الأردنية الهاشمية بمناسبة احياء الذكرى الرابعة ليوم النصر في جمهورية أذربيجان
نبأ الأردن -
تحتفل أذربيجان، بالذكرى الرابعة لتحرير إقليم كاراباخ والمحافظات المحيطة به بعد مرور 30 عاما على احتلالها من قبل أرمينيا ، فقد تمكنت القوات المسلحة الأذربيجانية من تحرير أراضيها عقب صراع دام لمدة 44 يوما ، وقد أعلن الرئيس الهام علييف رئيس جمهورية أذربيجان بأن يوم 8 نوفمبر "يوم النصر في الحرب الوطنية الأذربيجانية"، تاريخ دخول القوات الأذربيجانية إلى مدينة شوشة العاصمة الثقافية بعد تحريرها ،ذلك اليوم الذي حدد فيه مستقبل جنوب القوقاز ، وهويوم الاحتفال ايضا بالقانون الدولي وتحقيق العدالة باستعادة الأراضي الأذربيجانية المحتلة ، وضمان حقها بتنفيذ قرارات وبنود مجلس الأمن التي دعت فيها للانسحاب الفوري الغير مشروط والكامل من أراضي أذربيجان المحتلة ، المعترف بها دوليا ،
اليوم ومن منبر سفارتنا لدى المملكة الأردنية الهاشمية نتوجه بتحية فخر واعتزاز إلى جنودنا الأبطال الذين سجلوا صفحات بطولية جديدة في تاريخ جمهورية أذربيجان في ظل القيادة الحكيمة وتوجيهات فخامة الرئيس الهام علييف القائد العام للقوات المسلحة المنتصر في هذه الحرب، ونقف بكل إجلال لأرواح شهدائنا الطاهرة وذكراهم العطرة الذين ضحوا في حياتهم من أجل تحرير أراضيهم المحتلة والحفاظ على سيادتها ووحدتها .
إن الانتصار الأذربيجاني في حربه الوطنية التي استمرت 44 يومًا والتي هزمت فيها أرمينيا، قد سجل أعظم وألمع الانتصارات العسكرية في تاريخ الشعب الأذربيجاني الممتد للقرون واثبت بإن الأهمية الدولية لهذا الإنجاز سوف تزداد من الآن فصاعداً ، فقد قاتل في هذه الحرب الجندي والضابط الأذربيجاني لهدف واحد وهو الاصرار على إنهاء هذا الاحتلال والظلم ، لتسود العدالة التاريخية بعزيمة الشعب ووحدته واتصاله العميق بجذوره العريقة واحترامه لقيمه الوطنية ، فقد فتح هذا النصر طريق العودة إلى الوطن أمام مليون شخص من اخواننا الذين تم تهجيرهم وابعادهم عن اراضيهم ، لقد واصلت أرمينيا بالرغم من هزيمتها استفزازاتها المتكررة متجاهلة لمبادئ القانون الدولي فما كان من أذربيجان الا ان قامت بالرد اللازم على هذه الاستفزازات وفي 19 سبتمبر 2023، بسطت أذربيجان سلطتها بالكامل على كافة أراضيها وكان ذلك في عملية محدودة كرست لمكافحة الإرهاب.
وبالنظر إلى ما يقرب من ثلاثة عقود من الاحتلال لا يسعنا إلا أن نسلط الضوء على حجم الدمار الهائل الذي لحق بالأراضي الأذربيجانية خلال فترة احتلالها ، والهدم والتخريب الذي تعرضت اليه المدن في تلك المناطق المحتلة والتي كانت سابقا مأهولة بالحيوية بحيث اصبح يطلق على مدينة أغدام اسم "هيروشيما القوقاز"، و لم يسلم التراث الديني والمساجد ودور العبادة من إساءة وتدنيس لحرماته وبلا تورع ، فقد خصصت هذه الأماكن المقدسة آبان احتلالها كمأوى وزرائب للحيوانات ، كما تم هدم وتخريب العديد من المعالم الأثرية التاريخية القديمة ، والمتاحف والمكتبات وحرق للكتب فيها وتدمير للمسارح والمعاهد الموسيقية وصالات الموسيقة والمعارض الفنية.
أذربيجان ما بعد النصر
لا تزال هناك تحديات كبيرة تقف على طول الطريق، وما زالت قضية تلوث الأراضي الأذربيجانية المحتلة سابقًا بالألغام الأرضية معلقة لسوء الحظ ، وبحسب التقارير الرسمية فإن الأراضي الأذربيجانية تعتبر من بين أكثر المناطق تلوثًا بالألغام في العالم ، بالرغم من جهود الحكومة التي تقوم حاليا بتنفيذ العديد من مشاريع البنية التحتية في أراضي كاراباخ المحررة أما بشأن بطء إجراءات العودة إلى المناطق التي تم تحريرها فإنها لا يمكن أن تتم قبل إزالة الألغام لضمان أمن وسلامة الأشخاص، علما بأنه قد تم تطهير 168 ألف هكتار من الأراضي من الألغام إلا أنه يعتقد بوجود 1.5 مليون لغم غير منفجر في المناطق المحررة ولا يزال المدنيون الأذربيجانيون يعانون بشكل يومي بسبب الألغام الأرضية التي زرعتها أرمينيا في الأراضي الأذربيجانية المحررة خلال سنوات الاحتلال ، وستظل هذه قضية ملحة وهامة خلال السنوات المقبلة بالرغم من استخدام أذربيجان لاحدث الاساليب التكنولوجية المتقدمة المطبقة في هذا المجال من خلال تعبئة كافة قواها خلال اقصر وقت ممكن، وقد أعلنت أذربيجان رسميًا أن إزالة الألغام للأغراض الإنسانية هي الهدف الوطني الثامن عشر للتنمية المستدامة، وتعمل على ضمان الاعتراف بهذه القضية باعتبارها هدفا عالميا للتنمية المستدامة للأمم المتحدة.
لقد اطلقت اذربيجان مبادرة لانشاء فريق اتصال خاص معني بإزالة الالغام للاغراض الإنسانية داخل حركة عدم الانحياز وقد بدأت مجموعة الاتصال عملها ، لوجوب تعزيزالشراكات الدولية في مجال إزالة الألغام للأغراض الإنسانية ومناقشة طرق تعبئة الموارد المالية لخفض أثر التلوث بالألغام والمتفجرات من مخلفات الحرب على البيئة، وهنا نشير بامتنان إلى أن المملكة الأردنية الهاشمية كانت من الدول التي شاركت بالمؤتمر الدولي لإزالة الألغام للأغراض الإنسانية تحت شعار «خفض أثر الألغام على البيئة وتعبئة الموارد لمستقبل آمن وأخضر»، في باكو - جمهورية أذربيجان هذا العام، وقد مثل الاردن اللجنة الوطنية لإزالة الألغام وإعادة التأهيل وكان بالتعاون مع الوكالة الأذربيجانية لإزالة الألغام والبرنامج الإنمائي الأممي.
تعمل الحكومة على تطوير طريق سريع بين فضولي وشوشا ، و بناء عدة مراكز سياحية في جميع أنحاء ناغورنو كاراباخ ، إن مشروع "مطار فضولي الدولي" و"ظفر يولو" (طريق النصر) في منطقتي قره باغ وشرق زانجيزور، هي مؤشرات واضحة للقوة البناءة لأذربيجان وتغير وجه المنطقة.
لقد بدأت أذربيجان بالفعل في إعادة بناء البنية التحتية اللازمة في الأراضي المحررة وتشارك الشركات العالمية من دول مختلفة بنشاط ملفت في إعادة إعمار وتطوير المناطق الأذربيجانية المحررة لجعلها صالحة للسكن للنازحين في البلاد للعودة إلى ديارهم ، وقد حرصت توجهات القيادة الحكيمة في أذربيجان لبناء مدن وقرى ذكية في كاراباخ مع المحافظة على الهوية التاريخية والثقافية للمنطقة ، وكذلك الدعم لاستخدام مصادر الطاقة المتجددة لتلبية احتياجات المنطقة من الطاقة، كما وتنفذ جمهورية أذربيجان سياسة التوطين الناجحة لـ "أجندة 2030" والتي تتكون من 17 هدفًا ، واستنادا إلى القوانين والحقائق الحالية، يجري تحسين أولوية كل هدف وتحويل منطقة كاراباخ إلى مركز اقتصادي وسياحي من خلال إعادة بناء الطرق السريعة والمدن، وفتح مطارات دولية جديدة في مناطق فضولي وزانجيلان ولاتشين ، وإعادة إعمار المناطق المحررة بانشاء خطوط سكك الحديدية ، ومن الجدير بالذكر أن طول خط السكة الحديد المكهرب الممتد من فضولي – شوشا يبلغ 83.4 كم. ويلتزم المشروع بتصميم وبناء محطتين جديدتين.
لقد بدأت أذربيجان بالفعل في عملية الاستعادة السريعة لكاراباخ، ومن خلال ذلك تساهم البلاد في عملية التكامل الاقتصادي الإقليمي ، ويعد بناء المطارات الدولية أمرًا في غاية الأهمية بالنسبة لباكو لعدة أسباب أولاً : تسهيل نقل البضائع والركاب إلى منطقة كاراباخ وبأكثر ربحية.
ثانيًا: وعلى اعتبار أن منطقة كاراباخ منطقة ذات امكانات سياحية عالية خاصة في كالباجار ولاتشين وشوشا. لذا فإن المطارات الدولية سوف تدعم قطاع السياحة وتمكن الناس من السفر إلى هذه المدن بشكل مريح وفي فترة زمنية قصيرة وتعززايضا التنمية الاقتصادية المحلية ، ولعل مطار فضولي الدولي المعروف باسم "البوابة الجوية إلى كاراباخ”، للانفتاح على العالم الخارجي ، تم افتتاحه في أكتوبر 2021 ، ويعد أول مطار دولي يتم بناؤه في منطقة كاراباخ المحررة ولديه القدرة على استقبال أي نوع من الطائرات ، حيث يبلغ طول المدرج 3,000 متر وعرضه 60 مترا. ومجهزبأحدث إسس البنية التحتية، ويتم التعامل مع ما لا يقل عن 200 مسافر في الساعة .
هناك خطط أخرى لتطوير الحياة الثقافية من خلال المهرجانات الأدبية والمتاحف وأماكن الحفلات الموسيقية لجذب السياح من جميع أنحاء أذربيجان وخارجها ،وتسليط الضوء على العديد من المواقع الثقافية ذات الأهمية في منطقة شوشا وكهف الأزيك وغيرها..ولقد توافدت العديد من المجموعات السياحية الدولية لزيارة المناطق المحررة في كارباخ وزانجازور الشرقية لأكثر من 11 مرة خلال سنوات 2020-2024. وقد قدم أكثر من 400 سائح دولي من أكثر من 50 دولة ، وتحظى هذه الزيارات بأهمية استثنائية على نطاق الترويج للمناطق المحررة في إطار "السياحة السوداء" واستعراض لأعمال البناء والترميم الضخمة التي تجري فيها.
تأتي استضافة أذربيجان لمؤتمر الأمم المتحدة للمناخ COP29 في عاصمتها باكو خلال الفترة من 11 إلى 22 نوفمبر تشرين الثاني 2024 ، قفزة هامة تمنحها منصة بارزة عالميا وتسلط الضوء على جهودها في مجال التنمية المستدامة وحلول الطاقة المتجددة في منطقة القوقاز. وذلك في وقت يتزايد فيه الاهتمام العالمي بجهود مكافحة التغير المناخي، كما يعكس رغبة أذربيجان في أن تكون لاعباً رئيسياً في الحوار البيئي العالمي ، حيث تجمع بين التراث الغني والحداثة في سعيها لتحقيق مستقبل أكثر خضرة واستدامة ، كما يشكل هذا المؤتمر الحدث الأكثر أهمية في عام 2024 الذي يجمع الدول الأطراف في «اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ»، وآلاف الخبراء والصحفيين ونشطاء المناخ وممثلي الشركات والمنظمات الغير حكومية وقد نظمت الجلسات الحوارية مع مسؤولين من الاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون الإسلامي لتوحيد الجهود نحو مكافحة التغير المناخي، مما يعكس التزام أذربيجان بتنسيق رؤى وتطلعات الأطراف الدولية لتحقيق توافق شامل حول القضايا البيئية ،.
وفي هذا السياق، فقد أعرب الرئيس إلهام علييف عن أمله في أن يشكّل هذا المؤتمر فرصة لتعزيز علاقات التعاون الإقليمي والدولي، مشدداً على ضرورة توحيد الجهود لمواجهة تحديات المناخ من خلال تبني حلول عملية وواقعية، إن مؤتمر COP29 ، يوجه أنظار العالم نحو إمكانات أذربيجان في قيادة الحوار المناخي العالمي، ومن المتوقع أن تتضمن جلسات هذا المؤتمر استعراضاً واسعا لحلول مبتكرة في مجال الطاقة النظيفة، كما أن أذربيجان تتطلع لتكون نموذجاً للبلدان النامية التي تسعى لتحقيق التوازن بين التطور الاقتصادي وحماية البيئة .
وختاما،،، إن أذربيجان دولة مسالمة تدعو للسلام والأمن وتطمح لتحقيق التنمية الاقتصادية والتعاون والاستقرار في منطقة جنوب القوقاز، وقد أذهلت الكثيرين بانتصارها العسكري ، وهي تعمل الان على تقديم مفاجاة للعالم بقدرتها على توفير ظروف السلام الدائم في المنطقة ، كما تأمل بأن تفي أرمينيا بالتزاماتها خلال عملية التفاوض وأن تظل وفية للوثائق التي وقعتها كما أنها على استعداد لتطبيع علاقاتها مع ارمينيا وتوقيع معاهدة سلام معها على أساس قواعد ومبادئ القانون الدولي..
أن انتصار كارباخ لم يحرر الأراضي المحتلة فحسب، بل مهد الطريق نحو السلام الدائم والاستقرار والتعاون الذي كنا نتوق اليه ، و ينبغي التأكيد على أن الشعبين الأرمني والأذربيجاني قد عانا بما فيه الكفاية من حرب كاراباخ الطويلة الأمد الناجمة عن الاحتلال الأرمني للأراضي الأذربيجانية المعترف بها دوليا، والأن فقد انتهت هذه الحرب وحان الوقت لإعادة التكامل الاقتصادي الإقليمي بالمنطقة .