قراءة نقدية في رواية زمردة والذئب للروائي الاردني غسان الزعبي
نبأ الأردن -
بقلم الناقد: علي القيسي
رواية زمردة والذئب رواية غريبة غير عادية ونمطية ،كالروايات العربية ، ثمة سردية جديدة في هذه الرواية ، وأسلوب جديد ، واحداث وشخوص غير متجانسين
ثمة الانسان والجان والحيوان ، والسحر والسحرة ، هناك فانتازية ، وماورائيات، رواية تستدعي قصص الخيال العتيقة ، والقصص الشعبية الموروثة ، وقصص وحكايات الأزمان الموغلة بالقدم ،، أحداث غير واقعية ، أسماء مستعارة ، زمان ومكان غير محدد ،،سوى مصطلح الغابة ، القلعة ، وأسماء لأشخاص يقومون بمهام خارقة ، وأناس يتحولون إلى شياطين وحيوانات ، وحيوانات تتحول إلى بشر ،كي تؤدي مهمة محددة وتجرب حياة البشر ، وتعيش بينهم ،ثم تكتشف هذه الحيوانات مدى الظلم والشر الذي يجتاح عالم الناس والبشر ،، وتطلب هذه الحيوانات من مشغليها السحرة وأسيادهم ، بالتدخل كي يعود الانسان إلى طبيعته ذئب واسمه سرحان ، ويعود على الغابة كي يعيش عيشة الحيوان الذي يكون أقل شرا وعدوانية من الانسان ،
وينتقل بنا غسان الروائي المتميز ،إلى العلاقات الدينية بين البشر بين الامام والقسيس ، بين الكنيسة والمسجد ، والحوارات التي يتم اسقاطها على الواقع ،،وهذا الأمر مهم من جانب ان الناس من طينة واحدة ، ومن جد وجدة وأصل واحد وهو آدم وحواء ، وأن الاشكاليات من هو صاحب الخير ومن هو صاحب الشر ، من هو الطيب ومن هو الطالح ، رواية تعج بالشخوص والمحاور والجزئيات والكليات والعموميات والخصوصيات ، بالدهشة والمفارقة ، وبالحقيقة والخيال ، بالمنطق وغير المنطق ،، هناك جوانب مشوقة تبعث على التفكير والتعامل واستخلاص العبر والحكم والامثال ، هناك رسائل كثيرة تعجب بها الأحداث والحوارات والافكار ،، هناك جدل ونقاش ورأي وافكار ، ومن هذه الرسائل أن هذا الكون ، يضج بالمفارقات والأضداد ، وبالخير والشر ، وان لكل جنس وكائن خصائص ومزايا ،إن كان إنسانا أو حيوانات أو جانا وشيطانا ، فهناك مخلوق من النار ، ومن الطين ، ومن الماء ،ومن الهواء ، هناك ملائكة وشياطين ، هذا الكون الذي خلقه الله ، له حكمة ورؤية لاشك فيها ،، لا أريد الدخول إلى تفاصيل الرواية ، حتى أجعل المتلقي مجالا لقراءتها بحرية وتأمل ولا أكشف مافيها من مفاجآت ، فقراءتي لهذه الرواية الزمردة والذئب ، قراءة عامة وموضوعية ،تجنبت الدخول إلى عوالم النقد المنهجي أو التفكيكي أو غيره من المدارس والمذاهب ، وقد كان للكاتب غسان الزعبي هذا العمق الفكري ،في ترتيب فصول الرواية ومحتوى الرسائل المغلقة بأفكار نيرة ، تحمل دلالات وايحاءات الربط بين الكائنات والمخلوقات ،،وأثرها في الحياة على الانسان وتوازن الكون والبيئة ، واردت في هذه العجالة تجنب ذكر الكثير من الأسماء المستعارة والحقيقية ، وتلك الحوارات الداخلية والخارجية ، وأسماء الشياطين والجان ، وتفاصيل حركاتهم ومحادثاتهم وحواراتم ، فهذا اتركه للقارئ ،
فموضوع الرواية يتمازج مابين الحكاية الشعبية الموروثة التي تتصف في المبالغة والخيال والاساطير وغير المنطقي قصص الف ليلة وليلة وقصص شعبية توارثتها الأجيال والشعوب عبر ألوف السنوات ، وكانت هذه القصص حديث الناس وتسليتهم وإثارة خيالاتهم خاصة الأطفال ، وكانت الجدات في ذاك الزمان ، يسردن هذه القصص على الأطفال حتى يناموا ،وتأتي هذه القصص والخرافات في أحلامهم ، وتثير خيالاتهم وتبعدهم عن الواقع والملل وضيق الفكر والخيال ،وأيضا هذه الرواية الشعبية للكبار أيضا لما فيها من اشارات وامثال ومواعظ ربما تفيدهم في الربط بين أركان الكون والمخلوقات المختلفة في الشكل والمضمون ،فهناك عوالم وأمم مثلنا وذكرها القرآن الكريم ، عوالم سفلية وهوائية ونارية ومائية ، وربما هناك علاقات بين هذه العناصر في كثير من الأوقات والحالات فكم سمعنا عن قصص تتعلق بالانسان واللجان ،،عند السحرة وكيف يتم الزواج بينهما ، وكيف أن هذه المخلوقات تتحول إلى أجناس وأشكال ،، وكيف أن حكايات الغولة التي كانت تظهر في الزمن القديم على شكل امرأة غريبة الشكل ،وتكلم الأشخاص وتطاردهم ،ثم يكتشفون انها نوع من الجان ، فيعيش أهل القرى النائية بالخوف والرعب عند خروجهم ليلا من بيوتهم ،، وهناك اشارات في هذه الرواية حول المفارقة بين أن يكون انسانا الشخص أو حيوانات في تعامله من الآخرين ، فمهما تمنى الانسان ان يكون غير ذلك فلا بد للطبيعته البشرية ان تطغى ، الذئب جرب حياة الانسان ثم ضاقت ذرعا فيها ،،وفي النهاية يقول الله سبحانه وتعالى( وما خلقت الجنة والانس ألا ليعبدون)
فكل المخلوقات من المفترض ان تعبد الله وتسبح له إلا الذين ابتلاهم الله بالكفر والمعصية ولم يرد لهم الهداية
واخيرا يبارك الاستاذ الزميل غسان الزعبي هذه الرواية الرائعة راجيا دوام النجاح والتقدم.