الذكرى السادسة لفاجعة البحر الميت: رحلة مدرسية تحولت إلى مأساة وطنية
– نبأ الأردن
في ظهيرة الخامس والعشرين من أكتوبر عام 2018، انطلقت رحلة مدرسية من العاصمة عمان إلى منطقة وادي زرقاء-ماعين في البحر الميت، مليئة بأصوات الأطفال وضحكاتهم البريئة، في يوم بدأ مشرقًا بأجواء صافية وحماس لا يُضاهى. إلا أن هذا اليوم سرعان ما تحول إلى كابوس مأساوي، حين اجتاحت السيول العارمة المنطقة، جارفًة معها أرواحًا بريئة لم يُكتب لها العودة، تاركةً الوطن في حالة من الصدمة والحزن.
بداية الكارثة
بدأت الرحلة كأي يوم آخر، لكن عند الساعة 1:45 ظهرًا، تغيّرت الأحوال الجوية بشكل مفاجئ. إذ انقلبت السماء لتصب الأمطار الغزيرة بشكل مباغت، مما أدى إلى تدفق سيول مدمرة جرفت الصخور وكل ما كان في طريقها نحو وادي زرقاء-ماعين، حيث كانت الحافلة المدرسية متواجدة مع أطفالها الذين لم يتوقعوا أن ينقلب يومهم إلى "مسرح أسوأ كارثة مدرسية عرفتها البلاد."
في تلك اللحظات العصيبة، حاول الطلاب والمرافقون الهروب من مجرى السيول، لكن قوة الماء كانت أكبر من كل الجهود. احتُجز العديد منهم في الوادي، يصارعون للبقاء على قيد الحياة في مشهد تقشعر له الأبدان.
استجابة فرق الإنقاذ
ما أن انتشر الخبر حتى تحركت فرق الدفاع المدني على الفور، حيث وصلت طائرات الإخلاء من سلاح الجو الملكي الأردني، وبدأت فرق الإنقاذ عملياتها للوصول إلى الضحايا والمصابين، في ظل تحديات تضاريس المنطقة الوعرة والسيول الجارفة. وعلى الرغم من الجهود الحثيثة، كانت الكارثة قد وقعت بالفعل، مخلفةً وراءها 22 شخصًا، بينهم 19 طفلًا، وتركين أهلهم وذويهم في حالة من الألم والحسرة.
الحزن في مستشفى الشونة الجنوبية
في مستشفى الشونة الجنوبية، خيم الصمت والخوف على أهالي الأطفال، الذين وصلوا باحثين في حزن وقلق عن أبنائهم المفقودين. كانت المستشفى تعج بمشاهد دامية من الأهل الذين ينتظرون أنباء عن فلذات أكبادهم، وآمالهم تتحطم أمام أعينهم.
الانتقادات والنتائج
بعد وقوع الحادثة، انطلقت موجة من الانتقادات الحادة تجاه الجهات المسؤولة عن تنظيم الرحلات المدرسية ومراقبة الأحوال الجوية، وطالبت الأصوات الشعبية بفتح تحقيق شامل لمحاسبة المتسببين في التقصير. وقد تعهدت الحكومة الأردنية حينها بتشديد إجراءات السلامة في الرحلات المدرسية، وتطوير نظم الإنذار المبكر لتحذير المناطق الوعرة المعرضة للسيول.
ذكرى حزينة ودروس للمستقبل
تأتي الذكرى السادسة لهذا اليوم لتجدد الحزن والألم في قلوب الأردنيين، وتعيد إلى الأذهان أهمية اتخاذ الحيطة والحذر في مواجهة المخاطر الطبيعية، وضرورة الالتزام بالإجراءات الوقائية في الأنشطة المدرسية. يبقى الخامس والعشرون من أكتوبر تاريخًا محفورًا في ذاكرة الأردن، وذكرى تُلهم الجميع لمواصلة العمل نحو مستقبل أكثر أمانًا للأطفال، وضمان ألا تتكرر مثل هذه الفاجعة الأليمة مرة أخرى.