الطنطاوي: هناك ارتباط بين السلوك الجرمي ونوع المخدر.. ويوجه رسالة للأسر
نبأ الأردن -
الإدمان مشكلة اجتماعية خطيرة لم تعد تُواجه الأسرة فقط، بل المجتمع باكفة اركانة، وبخاصة في الفترة الأخيرة بعد تنامي مشكلة المخدرات بأشكالها المختلفة وذلك رغم الجهود الكبيرة التي تبذل من قبل الجهات المختصة.
وهناك مسببات أخرى كثيرة ساهمت في ازدياد حجم المشكلة، حيث كانت المواد المخدرة تقتصر على المواد التقليدية، أما الآن فأخطار المخدرات المُركبة والتي تظهر آثار تعاطيها سريعا على الشخص، لأن التركيز فيها نسبته عالية لاحتوائها على مزيج مجمع من المواد الكيميائية مما يؤدي إلى سرعة الإدمان والحاق ضرر مباشر في الجهاز العصبي.
• مشكلة المخدرات الأكثر تعقيدا
تعتبر مشكلة تعاطي وإدمان المخدرات من أكثر المشكلات تعقيداً في عصرنا الحديث لما لها من تبعات اجتماعية وأمنية ودينية وسياسية، وذلك لارتباطها بالعديد من السلوكيات غير المرغوبة والخاطئة؛ ومنها السلوكيات الإجرامية وعند هذه النقطة نجد أن الارتباط قد أصبح مباشراً مع ظهور المواد الكيميائية المخدرة والتي أصبحت تشكل الجانب الأكثر انتشاراً في المنطقة العربية بالسنوات الأخيرة.
وكان واضحاً في هذه السنوات ارتفاع نسبة الجرائم الناتجة عن السلوك الإدماني على مستوى المنطقة وحسب الإحصاء والأرقام الصادرة عن الجهات سواء الرسمية أو المؤسسات الأخرى ذات العلاقة والتي أشارت الى أن جزءًا ليس بقليل من الجرائم وقع داخل نفس الأسرة التي يكون أحد أفرادها متعاطياً أو تقع الجريمة في داخل الحي أو المنطقة التي يقنطها احياناً ذلك الشخص
وقال رئيس قسم الاعلام في مستشفى الرشيد المختص ببرامج الوقاية من أخطار المخدرات والإدمان، أنس الطنطاوي، إن هناك أسباب عديدة ترتبط بسلوك المدمن سواء كان تحت تأثير المادة المخدرة أو عند انقطاعها وحدوث الحاجة الملحة للحصول على الجرعة جراء ظهور الأعراض الانسحابية الخطيرة أو مايسمى "بالتكريزة”.
وأضاف أن متعاطي المخدرات ضحية ومريض يجب علاجة قبل أن يتحول إلى مجرم نتيجة وجوده تحت تاثير المواد المخدرة، مشيرًا إلى أن المواد المخدرة تنقسم إلى مواد مهلوسة للجهاز العصبي ومواد مهبطة وأخرى منشطة.
"تجد أن متعاطي المواد المهلوسة كالحشيش وكذلك الحشيش الصناعي الجوكر، وبعض الحبوب المهلوسة يعاني من عدم قدرته على تمييز الأشياء مثل المسافة والوقت والحجم، ولا يقدر على التركيز في العمل أو الدراسة الأمر الذي يؤدي إلى فقدان السيطرة على النواحي العقلية والفكرية نتيجة إصابته بالهلوسة والتوتر العصبي وقد يدخل في حالة اكتئاب شديدة تجبره على الانتحار أحياناً”، وفق طنطاوي.
وواصل: "ولمجرد انقطاع سيجارة الحشيش أو أية مادة مهلوسة عن المتعاطي يبدأ عصبي المزاج وغاضب جداً، الأمر الذي يجعل منه شخص شرس وعدواني ويبدأ بالاعتداء على الأسرة وخاصة المرأة والطفل ولا يتقبل أي رأي، حيث سبيل المثال لا الحصر "لن يميز المسافات خلال قيادته السيارة وقد يرتكب حادث يقع ضحيته أبرياء وبالنسبة للوقت فإن معظم المتعاطين للمواد المهلوسة يتم إنهاء خدماتهم من أماكن العمل كونهم لا يميزوا وقت الصباح من الظهيرة أو المساء، وقد يذهب إلى عمله بعد انتهاء ساعات الدوام ويتكرر ذلك وكذلك، أما الأحجام فقد سبق لمتعاطي حشيش في أحدى السنوات أنه قفز من سطح المنزل معتقداً أن المسافة تعادل درجة واحدة من درجات السلم مما ادى إلى وفاته”.
وأكد أن معظم متعاطي هذه المواد يؤول بهم الأمر الى مرض الفصام أو اضطرابات نفسية أخرى، وما يجدر ذكره هنا بأن الحشيش ومادة الماريجوانا التي يستخلص الحشيش منها لم تصنف بأنها من المواد المهبطة، ولكن عندما يتم تعاطيها بكميات أكثر يصبح تاثيرها كمواد مهلوسة وعليه يتم ذكر هذه المواد مع المهلوسات كون متعاطي الحشيش والماريجوانا غالباً لديه الميل المستمر لزيادة الجرعة.
يرى طنطاوي أننا لو ذهبنا إلى سلوك متعاطي المواد المهبطة للجهاز العصبي كالمورفينات وأشهرها مادة "الهيروين” فالملاحظ أن متعاطي هذه المادة شخص منطوي ويعيش عزله عن العالم المحيط وكثير النوم ومهمل سواء تجاه نفسه أو الأخرين ولا يراعي حاجات أحد ويصاب "بالبلادة” واللامبالاه وعدم الاكتراث لأي شيء من الاحداث المحيطة به مهما كبرت وإذا تحدثت معه تجده مشوش ولا يريد الحديث ويغلب عليه النعاس وثقل اللسان والحركة حتى أن حياته تتعطل بالكامل ولايستطيع تحمل أية مسؤولية في أي عمل كان.
نجده ايضاً ـ وفق طنطاوي ـ فاقداً للشهية؛ فالهيروين يعطل مراكز الجوع في الجسم ولا يشعر أنه بحاجة للطعام الأمر الذي يؤدي إلى فقدان الوزن والهزل العام في الجسم، كما أنه من أكثر الأشخاص ارتكاباً للسرقة واختلاق الأعذار للحصول على المال كون المواد المهبطة تسبب للشخص أعراضاً انسحابية خطيرة لمجرد انقطاع الجرعة لساعات قليلة مما يجبره على ارتكاب أي عمل ومهما كان هذا العمل وقد يقدم أعز الأشياء لديه للحصول على الجرعة أو المال لجلب الجرعة المخدرة، وهناك بعض أنواع الحبوب ايضاً مهبطة للجهاز العصبي وقد تحدث تأثير ومفعول مشابه إلى حد ما لمفعول مادة "الهيروين”؛ كونها مصنعة من نفس نبتة خشاش الأفيون ذات نفس المصدرة للمواد المهبطة.
وما يجدر ذكره هنا بأن مادة الهيروين ليست من المواد المنتشرة حالياً في منطقتنا أو الأردن مقارنة بالكريستال والكبتاجون والحشيش، ولو ذهبنا إلى المواد المنشطة نجد أن الكوكائين والكريستال أو ما يسمى (الشبو) وكذلك حبوب الكبتاجون (الكبت) هي أكثر الانواع المنشطة.
وأوضح طنطاوي أن الكريستال المخدر لأصبح يشكل شيء سيء ومنتش رفي السنوات الأخيرة، لوجدنا أن متعاطي هذه المادة يسلك بطريقة مشابهة للمواد المهلوسة كون مصنعي هذه المادة يمزجون مواد مهلوسة سريعة الاحتراق مع الميث ام فيتامين وهي المادة المنشطة الأصل في تركيبة الكريستال، فنجد الشخص يعاني من مشكلات المنشط السلبي الزائف مثل قلة النوم وبدون وعي بمعنى أنه مجرد جسد حاضر وعقل مغيب وارتباك عصبي واضطراب نبضات القلب وحالات هلع مفاجئة ويعتبرالكريستال من أكثر المواد المسببة للسلوك العدواني كونه يجمع المنشط مع المهلوس ويعمل على تغييرات سريعة بوظائف الدماغ ويسبب هلوسات سمعية مثل سماع اصوات غريبة او سماع انفجارات مدوية وهلوسات بصرية فتحدثوا لنا انهم كانوا خلال فترة التعاطي وقبل العلاج يشاهدون نار وافاعي ومشاهد اخرى مرعبة ويسمعوا اشخاص يحرضونهم على قتل الاخرين ويدخل الشخص باضطرابات نفسية خطيرة ، وحالات ذهانية ويصبح بحاجة لعلاج نفسي متخصص مرافقاً لعلاج الإدمان، فكيف لنا بعد سرد هذه السلوكات لمتعاطي الكريستال أن نصنفها بالمواد المنشطة فقط . وفي قصة تحدث بها معي احد الشباب المتعافين من تعاطي مادة الكريستال”الشبوة” حيث قال بأنه يوم وفاة والده ترك الجنازة والحضور وذهب ليحضر جرعة وبعد أن قام بتعاطيها وبقي في غرفة عند احد اصدقاته ملقاً على الارض ولا يوجد لديه القوة الكافيه للعودة الى العزاء وكان قد ذكر بانه هو من تسبب بتعرض والده لسكته دماغية مفاجئه قبل الوفاة باسبوعين جراء تعاطيه للمخدرات وبقي في المستشفى لحين وفاته، وأنه لم يهتم ولو للحظة واحدة بحالة والده علماً انه قبل التعاطي كان اليد اليمنى للوالد ولكل العائلة ويحمل عنهم اعباء كثيرة ولكن تم استدراجه من قبل احد رفاق السوء الى تعاطي الحشيش بالاقناع ومن ثم اوقعه بالكريستال تدرجا الى ان اصبح مدنا شرها .
وبين طنطاوي أن الكبتاجون "الكبت”؛ حبوب ممنوعة دولياً ولا يوجد لها أي استخدامات طبية على الاطلاق على عكس ما يعتقد البعض وخاصة ان مروجي هذة الحبوب وبعض المواقع العالمية المشبوهة على شبكة الانترنت توهم الشباب بان الكبتاجون دواء وانة يساعد على السهر والعمل والدراسة وهذة المادة ايضاً تسبب تواجد جسدي للشخص دون وعي او ادراك (العيون مفتوحة والعقل نايم) وتسبب مشكلات واضطرابات نفسية متعددة فنجد أن متعاطي الكبتاجون غالباً ما يحمل نظرية المؤامرة ويشك بأهله واخوانه وان الجميع يتآمرون عليه ويريدون الابلاغ عنه كما أنه لا يؤمن على احد بالمحيط فقد يعتقد بان اشخاص يخططون لقتله فيبدأ بحراسة البيت ليلاً وقد يحمل السلاح ويتهم زوجته وشقيقاته واحياناً والده بوجود رجل أو رجال غرباء عندهم في البيت ويدعي لابل ويقسم انه قد شاهد ذلك بنفسه.
وقد يشعر احياناً بالاضطهاد ويبدأ بالبكاء دون سبب وتسبب هذه السلوكات وخاصة الشك بالزوجة حدوث مشكلات اسرية خطيرة تؤدي الى الانفصال وتفكك الاسرة وتدمير العلاقات الاجتماعية وقد تحدث بعضهم بعد أن تم علاجه بأن هذه الحالة كانت السبب الرئيسي لبحثه عن العلاج وتبين لديه أنه كان مخدوع بهذه المادة لعدة سنوات بسبب احد الاشخاص والذي كان يروج له حبوب الكبتاجون بأنها منشط للسهر وهكذا حديث.
وحديثي حول الكوكائين وهو منشط سيء ايضاً، ولكن لن ياخذ الحيز الكبير كالكبتاجون والكريستال كون الكوكائين من المواد الشحيحة وله مناطق انتاج ومناطق استهلاك في اقاليم اخرى من العالم وهو من المواد شديدة التأثير واعراضه السلوكية تشابه اعراض مادتي الكبتاجون والكريستال كما وتعتبر مادة أو نبته القات ايضاَ من المواد المنشطة ومتعاطي المواد المنشطة وخاصة الكوكائين يصاب بجنون العظمة والثقة الزائدة بالنفس ايضاً.
فالجرائم التي ترتكب في العديد من المجتمعات من قبل مدمني المخدرات تكون مرتبطه بسلوكهم سواء تحت تأثير الجرعة أو عند انقطاعها وظهور الرغبة القهرية للحصول عليها وسلوكهم ايضا يرتبط بنوع المخدر الذي يتعاطونه ومدة التعاطي وخصائص الشخص نفسة وظروف بيئية اخرى محيطة ولكن نوع المخدر بشكل العامل الاهم في توجيه سلوك الشخص وهذا الامر يوجب علينا جميعاً الحذر كون التعاطي مرتبط بالعديد من الجرائم الخطيرة سواء الواقعة على الانسان او الاموال او الاعراض ولابد من جهد كبير وتعاون وتشاركية مع الجهات ذات العلاقة للحد من هذه المشكلة .
واضاف الطنطاوي بأنه لم يركز بحديثة هذا على اشكال المواد المواد المخدرة او ادوات التعاطي او طرق اكتشاف المدمن وانما هو حديث متخصص بارتباط السلوك وخاصة الاجرامي منة بنوع المادة المخدرة التي يتعاطاها الشخص
وهنا رسالة لكل اسرة حول أهمية العلاج وسرعة التقدم للعلاج عند ظهور أعراض التعاطي والمبادرة الى الفحص للتأكد وحتى لو انكر الشخص سلوك التعاطي او رفض العلاج فعلينا عدم تركه وخاصة أنه يمر في مرحلة يكون كشف الذات لديه والاعتراف ليس بالأمر السهل إلا إذا حصل على الثقة والمان من الأسرة أو من الشخص الذي يرغب بمساعدته مع الاخذ بعين الاعتبار ان تاجيل حل المشكلة يعني استمرار التعاطي وزيادة الجرعات وهذا سيؤدي به الى الاقدام على ارتكاب سلوكات غير مرغوب بها تدفع الى حد الجريمة فالتقدم المبكر للعلاج يساهم في تحقيق افضل النتائج العلاجية .