شخصيات وطنية وسياسية وعشائرية تؤبن الدكتور معروف البخيت
نبأ الأردن -
أقامت عائلة المرحوم رئيس الوزراء الأسبق، الدكتور معروف البخيت، حفل تأبين للفقيد اليوم الاثنين في قاعة المؤتمرات بالمركز الثقافي الملكي في الذكرى السنوية الأولى لوفاته.
وخلال الحفل، الذي حضره رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان ورئيس مجلس الأعيان فيصل الفايز وعدد من رؤساء الوزراء السابقين والوزراء الحاليين والسابقين وجمع غفير من الشخصيات السياسية والوطنية والفعاليات الشعبية، استذكر الحضور والمتحدثون مناقب الفقيد ودوره خلال حقبة سياسية صعبة شهدها الوطن .
وأشار سمو الأمير الحسن بن طلال، في كلمة ألقاها نيابة عنه الدكتور عدنان بدران، إلى أن الدكتور معروف البخيت رحمه الله ترك إرثا في تاريخ الدولة الأردنية، التي شكل فيها حكومتين مختلفتين، بنفس إصلاحي هدفه الأول والأخير خدمة بلاده التي أحب.
وبين سموه أن "المرحوم البخيت رجل دولة أخلص في ولائه للأردن، التي أحبها وحفظ تاريخها عن ظهر قلب، وسطره في كتاب أرخ فيه للمفاصل الرئيسية في حياة المملكة بدءا من التأسيس".
ونوه سموه إلى أن "المرحوم لم يبخل على وطنه بجهده وفكره سواء، وهو في مناصبه القيادية والسياسية، أو عندما كان أستاذاً للعلوم السياسية في جامعة مؤتة، وكان رجل دولة حقيقي التزم، حتى النهاية، بأدبيات لقبه رئيساً سابقاً، وابتعد عن المهاترات السياسية ولعبة الإنتقادات".
ولفت سموه إلى أن أكثر ما يذكره بالمرحوم إنسانيته، وكذلك روحه الطيبة، وسمعته الرفيعة، ونزاهته وترفعه عن الشبهات في خضم الظروف الصعبة والمعقدة، نتيجة التحديات التي خاضتها المملكة الأردنية الهاشمية في السنوات العشرين الماضية.
وقال رئيس مجلس الأعيان في كلمة له "نستحضر اليوم سيرة شخصية وطنية كبيرة صاحبة سجل حافل بالعطاء والعمل، لرفعة الوطن وخدمة قيادتنا الهاشمية، وذلك على مختلف الصعد وفي كافة الميادين، السياسية والدبلوماسية والبرلمانية والعسكرية، إنها سيرة الدكتور معروف البخيت أبا سليمان، رحمه الله وأسكنه جنانه".
وأضاف "عندما نتحدث عن صاحب الدولة والباشا أبا سليمان، فإننا نتحدث عن شخصية فريدة غيبها الموت، شخصية أوجعنا فقدها ورحيلها، تاركة خلفها الأثر الطيب، ونبل السريرة، ونقاء القلب، فالمرحوم قامة وطنية كبيرة، يضيق الحديث حول مناقبها الحميدة ومسيرتها الخيرة".
وأشار "لقد عرفت المرحوم أبا سليمان زمنا طويلا، وربطتني به أواصر المحبة والاحترام والصداقة الوثيقة، عرفته من خلال عمله في الديوان الملكي العامر، ورئاسة الحكومة، ومجلس الأعيان، وغيرها من مواقع العمل العام، عرفته فارسا أردنيا شجاعا، ومفكرا عميقا صاحب رؤية مستنيرة، وعرفته شخصاً كبيرا بمواقفه وأخلاقه وقيمه ومبادئه وحضوره، كان إنسانا حاضرا بين أهله وربعه، أحبهم فبادلوه الحب بالحب، لقد ترجل الفارس والوطن بأمس الحاجة إلى أمثاله من الرجال أصحاب المواقف الثابتة والشجاعة، وممن يملكون الحكمة، وحب الوطن مغروس في قلوبهم.
لقد عاش المرحوم أبا سليمان حرا شريفا، دافع عن مبادئه وقيمه بكل إنسانية ورجولة، كما دافع عن الوطن وقضايا أمتنا بنفس الروحية الوطنية، ورحل عنا هذا الفارس النبيل، تاركا خلفه سيرة أعلى بها القيم النبيلة، فطيلة مسيرته كان قدوة في العطاء والبذل.
وأكد "لقد كان أبا سلميان، رحمه الله، مثالا للسياسي والجندي والبرلماني والدبلوماسي، الذي يمتلء مروءة ورجولة ووجاهة، كيف لا وهو ابن قبيلة كريمة، لها حضورها الاجتماعي والسياسي، وتحمل إرثا وطنيا وعروبيا كبيرا".
رفيق السلاح لدولة المرحوم البخيت اللواء الركن المتقاعد محمد خلف الرقاد قال في كلمة له: "لقد عاش الشهداء والعسكر وأهل الوفاء في ضميري ووجداني صاحب الذكرى المغفور له بأذن الله الدكتور معروف باشا البخيت".
وأضاف "منذ أن حطت ركاب طموحات دولة معروف باشا البخيت في ميادين الشرف والبطولة في الكلية العسكرية الملكية في عام 1964 فكان الجندي النبيل وظل حتى وصل إلى مرحلة القائد العسكري المحترف حين بلغ التقاعد برتبه لواء ركن دكتور، ونسلم عليه بعد التقاعد حين ،بحرت سفينة طموحاته وغاصت في محيط السياسة".
وأكد أن "حنين العسكري للعسكر سرمدي ولا يطاوله حنين ولا ينتهي بمصلحة ولا يرتبط بزمان أو مكان، وأسال نفسي وأقول يا معروف باشا إنك كنت العسكري بتميز واحتراف وصاحب رؤى استراتيجية عميقه وفكر سياسي ثاقب واتزان".
من جهته، قال وزير الخارجية الأسبق عضو مجلس الأعيان، ناصر جودة، في كلمة له باسم أصدقاء الفقيد معروف البخيت، نلتقي اليوم في الذكرى الاولى لرحيل رجل دولة حظي بمحبة واحترام الأردنيين وترك بصمات واضحة في الحياه السياسية الأردنية، اذ ستبقى سيرته حاضرة بيننا في خدمته العسكرية والدبلوماسية والأكاديمية والسياسية وبمآثره الشخصية وصفاته النبيلة وعلمه وتواضعه.
وأضاف "لقد عملت بمعية الفقيد في مواقعنا المختلفة حين اقتربت أو ابتعدت ثم بمعيته في حكومتين التي حمل فيهما أمانة وشرف الثقة الملكية الغالية في ظروف كانت صعبة وحساسة وشهدت أوضاعا وتطورات إقليمية ودولية ألقت بظلالها وتبعاتها على الأردن، ولقد أتاحت لي هذه السنوات الطويلة أن أتعرف على جوانب مختلفة من شخصية وفكر دولة الباشا معروف البخيت وخاصة الأبعاد الإنسانية في شخصيته، إضافة إلى أخلاق الجندية الأردنية وانضباطيتها واستعدادها وتأهبها دائما للتضحية والعطاء".
وأشار لقد كان الفقيد جندياً مخلصاً صلباً من جنود الوطن وأبناء للقوات المسلحة الأردنية وللمؤسسة الدبلوماسية الأردنية، فقد انطلق فهمه للقضية الفلسطينية ومستقبلها من ثوابت الدولة الأردنية وقيادتها الهاشمية الملهمة فيما يخص دور الأردن وواجبه في الدفاع عن القضيه الفلسطينية، ليس بوصفها قضية عربية إسلامية عادلة وشرعية فحسب، ولكن أيضا بوصفها وفي معظم أبعادها قضية أمن وطني أردني تترتب بشكل خاص على ملفات الحل النهائي وفي مقدمتها ملفات القدس واللاجئين والحدود ولقد كان للدراسات والمواقف والرؤى التي أعدها الفقيد أثناء إلمامه بملف اللاجئين بأن أصبح مرجعا أساسيا لموقف الدولة الأردنية وللمفاوض الفلسطيني".
ابنة الفقيد الدكتورة سوزان البخيت، في كلمة بالنيابة عن عائلة الفقيد، استذكرت المواقف واللحظات والوصايا والنصائح التي كانت تسمعها من والدها "الباشا" الذي أحبت أن تناديه بهذا الصفة خلال الحفل، كونها الصفة المقربة إلى قلبه، مستذكرة حياته العسكرية والسياسية.
وأضافت عرفتموه عسكريّاً وسياسيّاً؛ شديدًا، قويّ الإرادة، مؤمناً بقدسية رسالتهِ الوطنيّة، مناصراً للضعيفِ، لا يهاب في الحقّ أحداً.
وقالت عرفتهُ أباً، في قلبهِ من الحبِّ والعطفِ والحنان ما يكفي لجميع أبنائه بالقدر نفسه، الأبّ الذي كان ككلّ الآباء؛ يخصّ الصغيرَ بالحبِّ حتّى يكبر، والمريضَ حتّى يشفى، والغائبَ حتّى يعود.
وأضافت زرعت فينا حبّ الوطن وترابه والانتماء له، وحبّ الهاشميين وحب الجيش بوصفه عماد وعتاد هذه البلاد، كما كبرنا على قصص موفق السلطي ووصفي التل وبطولات الجيش العربي في المعارك، وتعلّمنا منكَ واجبَ الوقوف إلى جانب إخواننا في فلسطين.
وقالت لم تبخل علينا بدروس الحياة والديمقراطية، فلم أخف يوماً من حوارك وسماع وجهة نظركَ؛ لم تشعرني أبدا أنني أقل درايةً وعلماً.
وختمت، "سيبقى فقدانك أعظم ألمٍ وكسرٍ لن يجبر، ولكلّ من حضرَ اليوم، كلّ باسمهِ ولقبه حضوركم يعني لنا الكثير، فشكرا لهذا الحبّ الذي أحطتمونا به".
وتم، خلال حفل التأبين، عرض فيديو عن مسيرة الراحل إبان عملته في المؤسسة العسكرية -الجيش العربي وحتى دخوله الحياة السياسية سفيراً ومستشاراً لجلالة الملك ورئيسا للوزارء وعضوا في مجلس الأعيان.