زهدي جانبيك يكتب: الجريمة والعقاب

{title}
نبأ الأردن -
نتفق جميعا ان مباديء العدالة وسياسة الردع الخاص والعام تقتضي ان يكون لكل جريمة نص عليها قانون العقوبات عقابا يحقق مباديء العدالة ويكون رادعا للجاني وللمجتمع.
طيلة عملي في الامن العام كنت اتمنى نطبيق مبدأ جمع العقوبات في حال التكرار، ولم تتحقق امنيتي على الرغم من المطالبة بها لمرات عديدة، وبقي القضاء الاردني يطبق مبدأ دمج وادغام العقوبات وتطبيق العقوبة الاشد دون سواها، مهما تعددت وتكررت الجرائم التي ارنكبها الجاني، بحيث لو سرق الشخص 10 منازل قبل القبض عليه وتم الحكم عليه بالحبس لمدة سنة عن سرقة كل منزل، فإن الحكم النهائي يكون دمج العقوبات وتطبيق العقوبة الاشد ويتم حبسه لمدة سنة واحدة فقط.
ولكن هذا الامر تغير اعتبارا من عام 2022 بموجحب القانون رقم 10 لسنة 2022 المعدل لقانون العقوبات في المادة 72 منه، بحيث إذا ثبت للمحكمة وقوع عدة جرائم ناتجة عن أفعال متعددة فالحكم يكون بالعقوبة المقررة قانونا لكل جريمة على حدة وللمحكمة الحكم بتنفيذ العقوبة الأشد دون سواها، أو جمع العقوبات المحكوم بها وتنفيذها بالتعاقب على أن لا يزيد مجموع مددها في جميع الأحوال على 15 سنة في الجنح و30 سنة في الجنايات.
يعني حل وسط بين جمع العقوبات وبين دمجها وادغامها. فمهما تعددت الجنح التي يرتكبها الشخص لا يجوز الحكم عليه باكثر من 15 سنة فقط.
مشكلة العدالة:
كل هذه مقدمة لموضوعي اليوم، وهو يتعلق بالحالة التي يكون فيها المتهم مطلوبا لارتكابه اكثر من جريمة لاكثر من مديرية شرطة او اكثر من مركز امني وعند القبض عليه يتم التحقيق معه بجريمة واحدة فقط وتوديعه الى القضاء بهذه الجريمة وابقاءه مطلوبا عن باقي الجرائم الاخرى لباقي الجهات الامنية... وتقوم المحكمة بحبسه لارتكابه هذه الجريمة فقط.
في مثل هذه الحالة يصبح لدينا سجين محكوم وبنفس الوقت يبقى اسمه على سجلات المطلوبين جنائيا، مع انه فعليا موجود بايدي الامن العام داخل السجن...
وقد يكون هذا الامر متعمدا احيانا (حتى لا يستفيد المتهم من دمج العقوبات او جمعها)، او ناتجا عن الاهمال او الجهل في احيان اخرى...
والنتيجة الحتمية هي اعادة القبض عليه حالما يتم الافراج عنه وتقديمه الى القضاء لمحاكمته على جريمة اخرى كان قد ارتكبها قبل دخول السجن اصلا.
اداريا وامنيا ، هذا الوضع يؤدي الى تضخم غير مبرر باعداد المطلوبين ، كما يؤدي هذا الوضع الى ارباك في تنظيم السجلات بالاضافة الى المساس بحقوق المتهم وحرمانه من الضمانات التي يوفرها له القانون... كما انه يضع الجهة التنفيذية في دائرة شبهات خرق القانون.
الحلول المقترحة:
1. حصر اسماء جميع المطلوبين جنائيا وتصنيفها حسب الاقليم، مديرية الشرطة ، والمركز الامني الذي اصدر تعميم الطلب (جغرافيا ونوعيا).
2. تكليف المركز الامني والبحث الجنائي حسب الاختصاص الجغرافي والنوعي بتدقيق اسماء المطوبين له للتأكد من عدم وجود اي منهم داخل السجون.
3. في حال العثور على اي مطلوب داخل السجون تحويله للتحقيق واحالته الى المحاكم المختصة نوعيا وجغرافيا.
4. وكذلك تدقيق اسماء المطلوبين على قيود الاحوال المدنية للتأكد من انهم على قيد الحياة، وشطب اسماء المتوفين منهم من قوائم المطلوبين.
5. وبالتوازي، يتوجب على محاميي الدفاع تدقيق اسماء موكليهم والتأكد انهم غير مطلوبين على قضايا اخرى غير التي يتم محاكمتهم بشأنها، لحماية موكليهم من الوقوع ضحايا لهذه الحالة.
ان القيام بتطبيق مثل هذه الحملة سيؤدي بالتأكيد الى تطبيق مباديء العدالة من جهة، وينصف المجني عليهم الذين ينتظرون محاسبة من اعتدى عليهم، ويحمي سمعة الجهات المختصة من الاتهام بالتقصير او التواطؤ، بالاضافة الى تقليل عدد المطلوبين بشكل ينعكس مباشرة على اظهار الواقع الحقيقي للجرائم المجهولة ايضا.
تابعوا نبأ الأردن على