كل ما تحتاج معرفته عن تمويل الانتخابات الأميركية

{title}
نبأ الأردن -
يعتبر الكثير من علماء السياسة أن النظام الأميركي -رغم كل ما به من عورات- هو الأفضل في العالم، كونه العمود الفقري وراء أقوى وأغنى دول العالم على مدار العقود الأخيرة، دون وجود تهديد لهذه المكانة في المستقبل المنظور. إلا أن هذا النظام يدور في فلك حركة لا تتوقف من جمع الأموال وتمويل المرشحين دون توقف، مع زيادة ضخمة في مواسم الانتخابات الرئاسية.

ففي عام 2020، أنفق الأميركيون ما يقرب من 15 مليار دولار على الحملات الانتخابية، ذهبت 6 مليارات منها للانتخابات الرئاسية، في حيت ذهبت 9 مليارات لانتخابات الكونغرس وحكام الولايات والانتخابات المحلية الأخرى، وتتوقع التقديرات أن تشهد انتخابات 2024 إنفاقا يتخطى 20 مليار دولار.

ولا تعرف دولة أخرى ما تعرفه الولايات المتحدة من تعقيدات قانونية وسياسية في تمويل انتخاباتها، ورغم شفافيتها الكبيرة فإنها تعرف فسادا ضخما، القليل منه يتم كشفه والتحقيق فيه، بينما الكثير منه لا يقترب منه أحد.

وتحاول الجزيرة نت في صيغة سؤال وجواب مد القارئ العربي بما يحتاجه لفهم الصورة العامة لتمويل الانتخابات الأميركية الشديدة التعقيد.

رغم ما يتمتع به النظام الأميركي من ديمقراطية وشفافية وحرية، لم يجد هذه النظام بعد علاجا حقيقيا يستطيع معه القضاء على تأثير دور المال بالانتخابات، وما استطاعوا التوصل إليه هو مجموعة من القوانين الجادة التي تنظم تلك العلاقات بين المتبرعين والمرشحين، وتضع قواعد وحدود الإنفاق، لكن نفوذ المال ما زال يمثل كابوسا متكررا مع كل دورة انتخابية، سواء رئاسية أو للكونغرس.

أما بخصوص الشفافية حول ما يتعلق بمن يمول المرشحين، فهناك الكثير من المواقع الإلكترونية ذات المصداقية الكبيرة في هذه الشأن، منها موقع (Open Secrets) حيث يمكنك البحث عن طريق الاسم أو المهنة أو المبلغ الذي تم التبرع به، وأين يعيش هؤلاء الأشخاص، كما أن هناك موقع لجنة الانتخابات الفدرالية الذي يوفر الكثير من البيانات والمعلومات عمن يمول من.

جاء تأسيس لجنة الانتخابات الفيدرالية (Federal Election Commission) عام 1974 كجهة محايدة، تُشرّع للعمليات الانتخابية، وتشرف على التزام المرشحين والأحزاب بالشفافية والعلنية المطلوبة، كخطوة مهمة في هذا الطريق الوعر.

ومن أهم إنجازات هذه اللجنة إلزام كل المرشحين أنفسهم بالإعلان عن هوية المتبرعين ومقدار مساهمة كل منهم، كما تنشر تقارير مجمعة عن المبالغ المقدمة لكل مرشح، وتتيحها للشعب للاطلاع عليها.

وتتكون اللجنة من 6 مفوضين، ثلاثة من كل من الحزبين الرئيسيين، الديمقراطي والجمهوري، وهو ما يصعب في بعض الأحيان الوصول إلى قرارات نافذه للجنة.

هناك 3 قواعد أساسية وغير تقليدية للانتخابات، يمكن من خلالها فك طلاسم تعقيدات تمويل الانتخابات الأميركية، وذلك على النحو التالي:

أولا: لا توجد حدود للإنفاق السياسي وذلك بموجب التعديل الأول للدستور الأميركي كما فسرته المحكمة العليا، فلا يمكن إخبار أي مجموعة أو أي فرد كم يمكنه أو يمكنهم إنفاقه في الشأن السياسي، بما فيه من تمويل الانتخابات أو دعم مرشحين، أي ببساطة لا توجد قوانين تحد من الإنفاق السياسي، لكن توجد قوانين وقواعد لحدود مساهمة الفرد أو المجموعة في منح مرشح أو حزب قدرا معينا من الأموال، وذلك بهدف منع وأبعاد شبه الفساد.

ثانيا: كل التمويل تقريبا على المستوى الفدرالي يأتي من مصادر خاصة، هناك بعض التمويل العام المحدود للمرشحين. لكن وبسبب محدودية هذه الأرقام، لا يكترث المرشحون أنفسهم باستخدام هذه الأموال العامة المخصصة لهم، خاصة مع ارتفاع تكلفة خوض الانتخابات في العقود الأخيرة.

ثالثا: إنفاق المجموعات المستقلة، التي لا تربط نفسها بمرشح أو بحزب سياسي، تزداد بسرعة كبيرة.

هناك 3 مصادر أساسية، ومصدر واحد غير أساسي، على النحو التالي:

أولا: الأحزاب السياسية هي التي توفر المال للمرشحين، ويمكنها تمويل عرض إعلانات في وسائل الاعلام، ويمكنها المساعدة في تعبئة الناخبين.

ثانيا: لجان العمل السياسي (PACs) وهي تجمعات ترعاها شركات أو نقابات أو جماعات نشطة، حيث يجمعون المال ويعطونه لحملات المرشحين.

ثالثا: المتبرعون الأفراد، حيث يمكنهم إعطاء مبالغ غير محدودة للعديد من المرشحين والأحزاب كما يريدون.

وهناك الجماعات المستقلة التي يطلق عليها اسم (Super PAC) لا تساهم بصورة مباشرة في تمويل الانتخابات، وبدلا من ذلك تنفق ما تريد من الأموال بشكل مباشر لمساعدة المرشح، حيث تعرض الإعلانات، وتضع لافتات، وتوزع مواد ترويجية، لكنها وبشكل رئيسي لا تستطيع التحدث إلى المرشح أو الحزب، لأنها مستقلة، وإذا تحدثت معه فإن ذلك يعتبر مساهمة، وهذا له حدود.

هل هناك أي حدود للمساهمات المالية الداعمة لمرشح أو حزب؟

نعم هناك بعض القيود المفروضة على المساهمات للمرشحين والأحزاب، فبموجب القانون الفدرالي، يمكن للشخص التبرع بما يصل بحد أقصى 3300 دولار لكل انتخابات، ويمكن للشخص إعطاء نفس المرشح بالانتخابات التمهيدية والانتخابات العامة، أي ما مجموعة 6600 دولار كحد أقصى، كما يمكن للشخص إعطاء الحزب 41 ألف دولار في كل دورة انتخابية.

ومن المهم هنا الإشارة إلى أن أغلب المساهمات الفردية تأتي من عدة مناطق جغرافية محددة، على رأسها نيويورك ولوس أنجلوس وهيوستن وواشنطن وشيكاغو وبقية المدن الكبرى.

أما لجان العمل السياسي (PACs) فيمكن لكل لجنة التبرع بـ 5 آلاف دولار، وعلى سبيل المثال، إذا كنت رئيس شركة أو زعيم نقابة، فيمكنك جمع هذه الأموال الضخمة وتقديمها للمرشح أو الحزب المفضل.

كما تسمح قواعد تمويل الانتخابات للأشخاص بتجميع التبرعات من الأصدقاء والمعارف ضمن الحدود المشار إليها، وتقديمها للمرشح أو للحزب، وهذه ممارسة شائعة تسمى (Bundling) حيث ينظم شخص مهم حفلا في منزله ويجمع فيه الكثير من المال من أصدقائه الأثرياء، ثم يسلم هذا المال إلى المرشح أو الحزب.

وتحظر القوانين تلقي أي تبرعات من أي اشخاص أو جهات غير أميركية، في حين يسمح لحاملي الإقامة الدائمة (بصفتهم من دافعي الضرائب) المشاركة في تمويل الانتخابات، رغم عدم قدرتهم على التصويت بالانتخابات إلا بعد حصولهم على الجنسية الأميركية.

لماذا لا تضع الحكومة حدودا للإنفاق السياسي؟

قضت المحكمة العليا بأنه رغم أن حدود المساهمة المباشرة مبررة بهدف منع الفساد، لا يمكن لأي جهة تحديد المبلغ الذي يمكن للشخص إنفاقه، حيث يكون ذلك انتهاكا للتعديل الأول في الدستور المتعلق بحرية التعبير عن الرأي بصور مختلفة.

ومن أشهر القضايا التي حسمت هذه الخلاف ما تسمى (Citizens United v. the Federal Election) عام 2010، حيث حكمت المحكمة العليا بأنه "لا يمكن تقييد حق أي مجموعة في حرية التعبير" أي لا حدود للإنفاق في هذه الحالة.

من هم أكبر الممولين للحملات الانتخابية في أميركا؟

الكل يساهم في الحملات الانتخابية، الأفراد والأشخاص والعائلات والشركات وجماعات المصالح، لكن البيانات المجمعة تشير إلى أن صغار الممولين (ممن يعطون أقل من 200 دولار) هم أكبر قوة فاعلة في تمويل الانتخابات، في حين أن كبار المانحين (ممن يعطون أكثر من 200 دولار) تقل نسبتهم الإجمالية في تمويل الانتخابات الأخيرة.

هل يتم إنفاق أموال الانتخابات بالتساوي بين مختلف الولايات؟

لا، يتم إنفاق النسبة الأكبر من الأموال في الولايات المتأرجحة التي من غير المضمون الفوز بها، ويتوقع أن تكون خلال الانتخابات الرئاسية هذا العام 6 ولايات، هي ميشيغان وويسكونسن وبنسلفانيا وجورجيا ونيفادا وأريزونا.

هل يلعب المال الدور الحاسم في الانتخابات الرئاسية؟

لا، ولو كان الأمر كذلك لترشح الملياردير إيلون ماسك، بصفته أغنى شخص في العالم، وضمن الفوز بالرئاسة، لكن الأمر أكثر تعقيدا.

هل يفوز المرشح الذي يجمع أموالا أكثر من منافسيه؟

ليس بالضرورة، فقد جمعت المرشحة هيلاري كلينتون أموالا أكثر بكثير مما جمعه ترامب بانتخابات عام 2016، إلا أنه ألحق بها هزيمة فادحة.
تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير