نيويورك تايمز: بوتين مصدوم من "مذبحة موسكو" التي جاءت بعد أيام من انتخابه
نبأ الأردن -
قبل أقل من أسبوع، فاز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بولاية خامسة بأعلى حصة من الأصوات على الإطلاق، مستخدماً انتخابات تم تنظيمها ليُظهر للأمة والعالم أنه يسيطر بقوة على الأمور. لكن بعد أيام فقط جاءت المواجهة المؤلمة: حيث فشل جهازه الأمني في منع المذبحة الأكثر دموية في روسيا منذ 20 عاما.
وكان الهجوم الذي وقع يوم الجمعة، والذي أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 133 شخصًا في قاعة للحفلات الموسيقية في إحدى ضواحي موسكو، بمثابة ضربة لهالة الرئيس بوتين كزعيم يعتبر الأمن القومي له أهمية قصوى.
ويصدق هذا بشكل خاص بعد عامين من الحرب في أوكرانيا التي وصفها بأنها أساسية لبقاء روسيا والتي جعلها على رأس أولوياته بعد الانتخابات التي جرت يوم الأحد الماضي.
وقال ألكسندر كينيف، عالم السياسة الروسي، في مقابلة : "لقد أظهرت الانتخابات نصراً واثقاً على ما يبدو". "وفجأة، على خلفية النصر الواثق، هناك هذا الإذلال الواضح".
وبدا بوتين مصدومًا من الهجوم وفقا لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية ، واستغرق الأمر أكثر من 19 ساعة لمخاطبة الأمة حول الهجوم، وهو الهجوم الأكثر دموية في روسيا منذ حصار المدرسة عام 2004 في بيسلان، في جنوب البلاد، والذي أودى بحياة 334 شخصًا.
وعندما القى الخطاب لم يقل الرئيس الروسي شيئًا عن الأدلة الواضحة على أن فرعًا من تنظيم داعش ارتكب الهجوم.
وبدلا من ذلك، ألمح بوتين إلى أن أوكرانيا كانت وراء المأساة، وقال إن المهاجمين تصرفوا "تماما مثل النازيين"، الذين "نفذوا ذات يوم مذابح في الأراضي المحتلة" مستحضرا مزاعمه المتكرر لأوكرانيا الحالية بأنها دولة ديمقراطية يديرها النازيون الجدد.
وقال بوتين في نهاية خطابه الذي استمر خمس دقائق، محاولاً الخلط بين الحرب ضد الإرهاب وجهوده في أوكرانيا "إن واجبنا المشترك الآن ورفاقنا في الجبهة، وجميع مواطني البلاد هو أن نكون معًا في جبهة واحدة "
الرأي العام الروسي وبوتين
ويتساءل المراقبون ما إذا كان بوتين، في ظل الغزو وصراعه مع الغرب، يضع المصالح الأمنية للبلاد في قلبه حقاً أو ما إذا كان يتخلى عنها بشكل مؤسف، كما يقول العديد من خصومه.
ومن المرجح أن تؤدي حقيقة تجاهل بوتين على ما يبدو لتحذير من الولايات المتحدة بشأن هجوم إرهابي محتمل إلى تعميق الشكوك. وبدلا من الاستجابة للتحذيرات وتشديد الإجراءات الأمنية، وصفها بأنها "تصريحات استفزازية".
وبعد الهجوم الذي وقع يوم الجمعة، استشهد بعض منتقديه المنفيين برد فعله كدليل على انفصال الرئيس عن المخاوف الأمنية الحقيقية لروسيا.
وبدلاً من الحفاظ على المجتمع آمناً من الإرهابيين العنيفين الفعليين، كما يقول هؤلاء النقاد، وجه بوتين أجهزته الأمنية المترامية الأطراف لملاحقة المنشقين والصحفيين وأي شخص يعتبر تهديداً لتعريف الكرملين "للقيم التقليدية".
وحتى مع إعلان داعش مسؤوليته عن الهجوم ونفت أوكرانيا أي تورط لها، بذل رسل الكرملين جهودا حثيثة في محاولة لإقناع الرأي العام الروسي بأن هذا كان مجرد خدعة.
وقال مسؤولون أمريكيون إنه لا يوجد دليل على تورط أوكرانيا في الهجوم على قاعة الحفلات الموسيقية، وسخر المسؤولون الأوكرانيون من الاتهامات الروسية.
وكانت السنوات الأولى لبوتين في السلطة قد تميزت بالهجمات الإرهابية، والتي بلغت ذروتها في حصار مدرسة بيسلان في عام 2004؛ حيث استخدم تلك الأحداث العنيفة لتبرير تراجعه عن الحريات السياسية.
وقبل يوم الجمعة، كان الهجوم الإرهابي الأخير الذي أسفر عن إصابات جماعية في منطقة العاصمة هو تفجير انتحاري في مطار في موسكو في عام 2011 أدى إلى مقتل 37 شخصًا.
ومع ذلك، ونظراً لفعالية الكرملين في قمع المعارضة ووسائل الإعلام، توقع السيد كينيف أن العواقب السياسية للهجوم على قاعة الحفلات الموسيقية ستكون محدودة، طالما لم يتكرر العنف.