الصفدي: إسرائيل لا تقتل الفلسطينيين فحسب..لكنها تقتل الإيمان بالسلام
نبأ الأردن -
أكد نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، أن ما تفعله إسرائيل لا يقتل الفلسطينيين الأبرياء فحسب، ولا يدمر سبل عيشهم فحسب، ولا يدمر غزة فحسب. وإنما تجعلها غير صالحة للسكن، وتقتل الإيمان بالسلام.
وأضاف الصفدي خلال مداخلة له في ندوة حوارية نظمها مركز ويلسون للأبحاث في واشنطن، إذا أجريت استطلاعا للرأي في المنطقة، وسألت الناس هل ما زالوا يعتقدون أن السلام مع إسرائيل قابل للحياة، فإن الأغلبية ستقول لا، وبالتالي فإن إسرائيل قد عانت حقا من هزيمة استراتيجية في هذه الحرب.
وأردف قائلا، إن إسرائيل كشفت عن السياسات التي كانت تطبقها بشكل منهجي حتى قبل الحرب في الضفة الغربية، ما أدى إلى قتل أي أفق للتوصل إلى تسوية سلمية لهذا الصراع من خلال توسيع المستوطنات، ومصادرة الأراضي، وحتى السماح للمتطرفين بتحديد مستقبل الفلسطينيين، مع أشخاص مثل بن غفير وسمورتيتش في مواقع صنع القرار في الوقت الحالي الذين كانوا يدعون علنًا إلى محو الشعب الفلسطيني من على وجه الأرض، وينكرون أن لديهم أي حقوق، وحتى رئيس الوزراء الإسرائيلي قال إنه سيخنق أي طموح فلسطيني للدولة.
ودعا الصفدي إلى النظر في سياق أحداث 7 تشرين الأول الرهيبة وما تلاها من حرب، مشيرا إلى أن إسرائيل تتحدى العالم كله بما في ذلك الأمم المتحدة، والولايات المتحدة الأميركية، لأنه حتى حلفاء إسرائيل يقولون إن الالتزام بالقانون الدولي ليس كذلك، فهي تقتل المدنيين بشكل عشوائي، وتحرم الناس من حقهم في الغذاء والماء والدواء، وتأخذ 2.3 مليون من سكان غزة كرهائن، حتى أنها تشترط دخول الإمدادات الإنسانية على إطلاق سراحهم.
وشدد على أن استخدام الغذاء كسلاح هو جريمة حرب أخرى يجب أن تتحمل إسرائيل المسؤولية عنها.
وقال الوزير الصفدي إن ما يحدث على الأرض في غزة، أعني أن هذه الحرب حطمت كل الأرقام القياسية؛ بقتل أكبر عدد من الصحفيين والمسعفين وموظفي الأمم المتحدة، وتدمير المستشفيات.
ولفت إلى أن رئيس الأونروا أرسل اليوم رسالة إلى رئيس الجمعية العامة يقول فيها: لم أعتقد أبدًا أنني سأتنبأ بوفاة زملائي، وكان مارتن غريفيث من مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية يقول إن النظام الإنساني ينهار لذا فإن هناك كارثة حقيقية تتكشف، وللأسف فإن مواقف زملائنا في الغرب بما في ذلك الولايات المتحدة لم تصل إلى الدرجة الصحيحة من القول بما فيه الكفاية.
وزاد الوزير، نحن نقدر بعض القرارات أو الإعلانات التي أصدرتها الإدارة الأميركية بشأن عدم السماح باحتلال غزة، والحث على المزيد من الإمدادات الإنسانية، ولكننا نختلف حول القضية الأساسية المتمثلة بعدم الدعوة إلى وقف إطلاق النار, لأن ما تفعله هذه الحرب، وعدد الفلسطينيين الذين سيتعين قتلهم حتى يدرك العالم أن الكيل قد طفح. وأكد مجددا أن حجة الدفاع عن النفس التي طرحت في بداية هذا الصراع، لا تتيح لمحتل الحق في الدفاع عن النفس، متسائلا كيف يقتل 17000 فلسطيني، غالبيتهم من النساء والأطفال، وجثث الأطفال تتحلل تحت الأنقاض دون أدوات لإخراجهم، كيف يمكن تبرير ذلك بأي شكل من الأشكال؟! لذا فإن ضحايا هذه الحرب ما هو أبعد من مأساة قتل الكثير من الناس وتدمير سبل عيشهم وتدمير مجتمع بأكمله، إنما هي مصداقية المجتمع الدولي.
وتابع، القانون يطبق بشكل انتقائي، وموقف العديد من شركائنا وأصدقائنا الغربيين في هذا الجزء من العالم لا يرتقي إلى مستوى الالتزام القانوني أو الأخلاقي بوقف هذه المذبحة التي تقع ضمن نطاق القانون الدولي، والتعريف القانوني للإبادة الجماعية في هذه المرحلة والخطر يكمن في المستقبل وليس في الوقت الحالي فقط.
ودعا وزير الخارجية إلى الوقوف لجانب السلام ولحق جميع شعوب المنطقة في العيش بسلام، لأن هذه الحرب لن تجلب الأمن لإسرائيل، ما لم يتمتع الفلسطينيون بالأمن أيضًا، ولن تساعد كذلك إسرائيل من خلال مواصلة العدوان الذي سيطارد المنطقة بأكملها لسنوات عديدة قادمة.
وقال إننا بحاجة إلى الولايات المتحدة كشريك وصديق لنا جميعًا، ولها دور لا غنى عنه في أي جهد لتحقيق السلام، ونحتاج إلى الولايات المتحدة لقيادته، في خطوة كبيرة من شأنها أن تحل هذا الصراع نهائيا، مشددا على أن الطريقة الوحيدة لذلك هي الإعلان عن خطة عملية لحل الدولتين مع آليات الوصول إليها وجداول زمنية.
وأوضح أن السلام الشامل والعادل هو الذي سينقذ المنطقة بأكملها من الاضطرار إلى عيش الفظائع التي نراها تحدث الآن. وتساءل إلى أي مدى تريد أن تذهب الحكومة الإسرائيلية؟ ما هو هدفها؟ هل تريد حل الدولتين؟ من الواضح الآن أنها تقول أنها لا تريد ذلك، ورئيس الوزراء الإسرائيلي قبل بضعة أيام قال إنه طالما بقي في منصبه، فلن يسمح بتحقيق حل الدولتين. ما يعنيه ذلك هو أنه لن يسمح أبدًا بحل الصراع، لأنه إذا كان يعتقد أن الفلسطينيين سيتخلون عن حقهم في تقرير المصير وإقامة الدولة، فإنه يخطئ في قراءة الدروس المستفادة من عقود من الصراع. إذن ما يقوله هو أنه يريد أن يستمر الصراع.
ولفت إلى أن ما يحدث في الضفة الغربية هو حرب هادئة تجري أيضاً، ووقع أكثر من 300 هجوم إرهابي للمستوطنين على الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ بدء النزاع في 7 تشرين الأول/أكتوبر. ويبلغ المعدل اليومي 6 هجمات إرهابية يقوم بها المستوطنون على الفلسطينيين.
وأشار إلى إن إسرائيل أعلنت قبل يومين عن توسعة استيطانية جديدة ستفصل القدس الشرقية عن جنوب الضفة الغربية، وكان ذلك قبل ثلاثة أيام فقط. ومرة أخرى يخرج السياسيون الإسرائيليون قائلين إنهم لن يعترفوا بحقوق الفلسطينيين، ويستمر تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم. لذا أعتقد أن ما نواجهه هنا ليس مجرد تحد لما يحدث في غزة.
ومضى قائلا: حتى الآن، لم نشهد سوى أعمال انتقامية قاسية تستهدف المدنيين، وإسرائيل نفرض الواقع المروع على كل من الضفة الغربية وغزة الآن فقط بمزيد من الدمار، والمزيد من الموت والمزيد من الألم، وتهجير الفلسطينيين من الشمال، وتدمير المباني، مثل المجلس التشريعي في غزة. وخلص الوزير الصفدي إلى أن الهدف الاستراتيجي الإسرائيلي هو إرسال رسالة إلى الفلسطينيين مفادها بأنه لن يُسمح لكم بالعودة أبدًا؟
وقال عندما يتم دفع جميع سكان غزة إلى أقل من 56% من مساحة غزة، ولا مستشفيات أو مدارس أو صرف صحي أو مياه، لفرض واقع يدفع الناس إلى الخروج، الأمر الذي يرفضه الأردن ومصر، وجميع الدول العربية، ولن ندعم ذلك أبدًا، أو نسمح أبدًا بتهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم.
ولفت إلى جلالة الملك عبد الله الثاني كان واضحا جدا بشأن الذي يشكل إعلان حرب علينا، وسنفعل كل ما يلزم لمنع تحقيق ذلك، لأن ما يعنيه ذلك هو أن إسرائيل تحاول حل المشكلة التي خلقها احتلالها على حساب أمن واستقرار المنطقة.
وبين وزير الخارجية أن إسرائيل تشن عدوانًا غير قانوني وغير أخلاقي وغير إنساني ضد الفلسطينيين، وهي تخلق واقعًا مروعًا، والعالم صامت، مؤكدا أن الفشل في دعم الدعوة إلى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية هو بمثابة تأييد لمزيد من القتل للفلسطينيين، والمزيد من انتهاك القانون الدولي وارتكاب جرائم الحرب، وتعريض مستقبل المنطقة بما في ذلك حياة الإسرائيليين للخطر.
وقال نحن جميعاً نؤيد إطلاق سراح الرهائن، والمرة الوحيدة التي جرى فيها إطلاق سراح الرهائن عندما كان هناك وقف لإطلاق النار، لأن ذلك سمح بإجراء المفاوضات، فمن خلال الاستمرار في الحرب يجعل من المستحيل إطلاق سراح الرهائن، الحرب الناشئة عن الانتقام. والغضب دون التفكير في العواقب.
وأكد أن وقف إطلاق النار هو بحكم تعريفه وقف إطلاق نار توافق عليه جميع الأطراف،وما سيفعله وقف إطلاق النار هو في الأساس وقف القتل والتدمير، والسماح بدخول الإمدادات الإنسانية، واستئناف المحادثات لإطلاق سراح الرهائن والسجناء.
وتساءل لماذا لم نحقق السلام في الشرق الأوسط حتى الآن؟ بالرغم من أن المجتمع الدولي برمته منذ عام 2002، بما فيها الدول العربية والإسلامية، طرحت على الطاولة علاقات طبيعية كاملة مع إسرائيل مقابل إنهاء الاحتلال الذي هو مصدر الشر الذي رأيناه على مدى عقود، مضيفا أننا جميعا اتفقنا على المشاركة، وشاركنا جميعاً، وما زلنا لا نملك حل الدولتين بسبب إسرائيل التي تراجعت في البداية عن اتفاق أوسلو.
وذكّر الوزير الصفدي بأن السلطة الوطنية الفلسطينية أنشئت عام 1993 لفترة انتقالية، وكان ينبغي أن تؤدي في النهاية إلى قيام دولة فلسطينية خلال 4 إلى 5 سنوات، ولكن هذا لم يحدث، بل تضاعفت المستوطنات بأكثر من 400%، وتحول الخطاب السياسي في إسرائيل من قبول صيغة الأرض مقابل السلام إلى محاولة فرض واقع لن يسمح بنشوء الدولة الفلسطينية. وأشار إلى أن السياسيين الإسرائيليين يدعون إلى الإبادة الجماعية للفلسطينيين، وبن غفير دعا حرفيا إلى قتل الفلسطينيين والإبادة الجماعية، وكذلك فعل سموتريش، ودعا نائب رئيس الكنيست إلى حرق غزة كلها، وأدلى نائب رئيس بلدية القدس أمس بتصريح غير إنساني بهذا المعنى أيضًا.
وقال وزير الخارجية إن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لحل هذا الصراع، لكن إسرائيل لا تسمح بالتوصل لهذا الحل، وتتخذ الإجراءات اللازمة لمنع ذلك، وتتصرف فوق القانون الدولي، وتقتل الناس، وتعرض مستقبل المنطقة للخطر، وتعرض مكانة الولايات المتحدة في العالم للخطر. ولا نرى أي إجراء ضد ذلك سوى التصريحات، وأعتقد أن الشعور بالإفلات من العقاب وانعدام المساءلة هو الذي يسمح لإسرائيل ليس بمواصلة هذا العدوان فحسب، بل بحرمان شعبها وشعوب المنطقة الأخرى من الحق في العيش بسلام وأمن والحصول على مستقبل.