“البحوث الزراعية” توضح حول تدني نسبة زيت الزيتون لهذا العام
نبأ الأردن -
أكد مدير عام المركز الوطني للبحوث الزراعية، الدكتور نزار حداد، أن قطاع الزيتون الأردني من أهم القطاعات الزراعية الاقتصادية، حيث يساهم بشكل فاعل في الناتج المحلي الإجمالي بحجم استثمار يزيد عن مليار دينار أردني (1.4 مليار دولار)، وتوفيره لمصدر دخل لما يزيد عن 80 ألف أسرة ريفية أردنية، متواجدة في عدة محافظات بالمملكة تشتهر بإنتاج زيت الزيتون الأردني طيب المذاق.
ويقدرعدد أشجار الزيتون المثمرة قرابة 12 مليون شجرة، أما الأشجار التي لم تصل إلى مرحلة الإنتاج فيقدرعددها 2-3 مليون شجرة، ويغطي مجموع هذه الأشجار ما مساحته حوالي 640 ألف دونم، تشكل ما نسبته 74% من مساحة الأشجار المثمرة المزروعة.
وتنتج هذه الأشجار حجم إنتاج كلي يصل إلى 250 ألف طن ثمار زيتون سنوياً، يستخدم منها 50 ألف طن لغايات الرصيع (التخليل الأخضر والأسود)، و200 ألف طن ثمار لغايات إنتاج زيت الزيتون وبإنتاج متوقع لهذا العام ما بين 30 – 33 ألف طن زيت زيتون؛ حيث تكون حاجة السوق المحلي منها ما يقارب 25 ألف طن والباقي حوالي 8 آلاف طن زيت تستخدم كمخزون استراتيجي ولغايات التصدير بحسب النشرات الصادرة عن وزارة الزراعة.
إلا أنه ولهذا العام؛ تم رصد العديد من الشكاوي والاستفسارات من قبل مزارعي الزيتون في الصحف ووسائل التواصل الاجتماعية؛ عن أسباب تدني نسبة وكميات الزيت المستخرجة من الثمار بعد عصرها، حيث تفاجئوا بأن نسبة الزيت وكميته كانت منخفضة وأقل مما كانوا معتادين عليه في الأعوام السابقة ووجود شك لديهم بكفاءة عمل خطوط العصر داخل المعاصر، مع العلم بأنهم يقومون بعصر ثمار زيتونهم في معاصر حديثة ذات الطرد المركزي وتعمل بنظامي المخرجين (Two Phase) والثلاث مخارج (Three Phase) ، والتي يقدر عددها ب 141 معصرة من أصل 145 معصرة.
وبحسب مدير عام المركز الوطني للبحوث الزراعية فقد بدأنا في الاردن نشهد بشكل ملحوظ تأثيرات وتداعيات التغير المناخي على دول العالم ومن ضمنها الأردن.
حيث من آثاره؛ درجات حرارة منخفضة بدون تدرج وصقيع متأخر أثناء الشتاء، أو شتاء دافىء نوعا ما وعدم توفر ساعات البرودة الكافية، أو انحباس للأمطار، أوعدم وجود نمطيه لتساقط الأمطار وتوزيعها بشكل متساو على أشهر الشتاء، أو أن تكون أمطار ومضية (Flash Flood) بحيث تسقط أمطار بكميات كبيرة جدا وبوقت قصير تعجز التربة عن امتصاصها مما يؤدي إلى حدوث الفيضانات، أو التعرض خلال أشهر الصيف إلى موجات حرارية حارة وزيادة انتشار الآفات الزراعية، مما أدى إلى أنها أصبحت واقعا يجب التعايش معه والتخفيف من آثار تداعياته على القطاع الزراعي ككل.
ويتوقع بالعقود المقبلة تبعا لبرامج النمذجة الرقمية المعمولة حتى تاريخ 2050، أن يكون هنالك تغير للنمط السائد بزراعة المحاصيل المختلفة خصوصا للزراعات البعلية ومناطق زراعتها، كالقمح الذي يحتاج لمعدل سقوط أمطار لا يقل عن 300 -350 ملم وبالتالي التحول لزراعة الشعير الذي يحتاج كميات أمطار أقل من ذلك، وكالزيتون الذي يحتاج إلى سقوط مطري أكثر من 400 ملم سنوياً وتوزيعها جغرافيا تبعا لكميات الأمطار الساقطة.
وأشار إلى ضرورة العمل على تخفيف الأضرار الناجمة عن التغير المناخي؛ بزيادة إنشاء حفائر الحصاد المائي القادرة على استيعاب الأمطار والفيضانات الوميضية لتخفيف خطورتها واستخدام أصناف الزيتون المختلفة المتحملة لظروف التغير المناخي بالأردن بالرجوع للسلالات والأصناف المحلية واستخدامها في برامج التربية والتهجين عن طريق بنك البذور الذي يقوم المركز بإنشائه بالتعاون مع الجامعة الهاشمية.
والعمل على إكثار هذه الأصناف وتوزيعها على المزارعين ومن ضمنها زيتون المهراس المعمر، والذي يُعد أحد أهم أصناف الزيتون المحلية المتحملة لظروف التغير المناخي كظروف الجفاف وقلة مياه الأمطار وارتفاع درجات الحرارة صيفاً وقلة إصابته بالأمراض والحشرات، حيث أن المركز يعمل على تسجيله حالياً بسجل تجاري جماعي بإسم (مهراس) وجاري وضع الأسس والمعايير لمنح الماركة المسجلة لزيت الزيتون المهراس المعمر، ولإدراجه لدى منظمة اليونسكو ضمن التراث الثقافي غير المادي وبالتعاون مع وزارة الثقافة.
كما أن نسبة الزيت بالمهراس تصل إلى 30% وهذه النسبة تعتبر الأعلى محلياً وعالمياً عند مقارنتها مع أصناف الزيتون الأخرى وبجودة عالية تشمل الصفات الحسية الإيجابية كالنكهة الفاكهية للزيت ووجود الشعطة والمرارة المقبولة ومحتوى عالي من حامض الأوليك تصل نسبته إلى 70%.
أما بخصوص ورود العديد من الشكاوى والاستفسارات من قبل مزارعي الزيتون؛ عن أسباب تدني نسبة وكميات الزيت المستخرجة من الثمار بعد عصرها في المعاصر؛ أوضح رئيس قسم بحوث الزيتون بالمركز الوطني للبحوث الزراعية المهندس إبراهيم العمد، بأن جميع هذه المعاصر، هي معاصر حديثة تعمل بكفاءة عالية، وتستخدم التكنولوجيا المتقدمه بعصر ثمار الزيتون، ويقوم على إدارتها كادر كفوء ومدرب، وتستخدم طريقة العصرعلى البارد بحيث لا تزيد درجة الحرارة داخل خطوط العصر عن 27 درجه مئوية أثناء فترة عصر الثمار وإنتاج الزيت.
وبالعادة ومع بداية موسم إنتاج زيت الزيتون يقوم مالك المعصرة بالتأكد من كفاءة عمل خطوط العصر وتحضيرها للعمل وقبل بدء استقبال ثمار المزارعين؛ وذلك بعصر كمية تجريبية من الثمار وبمعدل نصف طن لكل خط، وحساب كمية ونسبة الزيت الناتج من عصر الثمار ضمن معادلة معينة ومقارنتها بكمية الزيت المستخرجه مخبريا .
أما بالنسبة لزراعة الزيتون، فتحتاج أشجار الزيتون إلى شتاء بارد نوعا ما وتوزيع مطري جيد وبكميات مناسبة خلال فصل الشتاء لا تقل عن 400 ملم للأشجار المزروعة بعلياً، وصيف معتدل الحرارة خلال فترة تكوين الزيت داخل الثمار، والتي تبدأ بالنصف الثاني من فصل الصيف وتستمر حتى منتصف شهر تشرين أول، بعد مرحلة تصلب نواة الثمرة والتي تنتهي تقديرا بمنتصف شهر تموز.
وبالرجوع للسجلات المناخية لدائرة الأرصاد الجوية لهذا العام؛ تعرض الأردن لعدة موجات حرارية حارة كانت أبرزها الموجة الحرارية التي سادت خلال الفترة من 12- 24 من شهر أب/ أغسطس واستمرت لمدة 13 يوم والتي وصفت بأنها مرهقة؛ واعتبرت بأنها أطول موجة حارة شهدتها المملكة حسب السجل المناخي الأردني؛ مما كان له الأثر السلبي على تكوين وتخليق الزيت داخل ثمار الزيتون وظهور تجعد على ثمار الأشجار المزروعة خصوصا البعلية.
إضافة لعدم قدرة الأشجار على القيام بالعمليات الفسيولوجية الحيوية النباتية؛ كعملية البناء الضوئي وتصنيع المواد الغذائية التي تدخل بتخليق الزيت؛ بسبب إغلاق الثغور الموجودة على الأوراق لتقليل الفاقد من المياه عن طريق النتح، وللمحافظة على المحتوى الرطوبي داخل الأشجار، حيث أن العلاقة تكون عكسية ما بين تكوين الزيت وزيادة درجة الحرارة صيفاً 5 درجات مئوية عن الدرجه المثلى لتكوين الزيت والتي تكون أقل من 32 درجة مئوية، إضافة لأثرها السلبي على وزن الثمار ونوعية الزيت وتركيز حامض الأوليك به وهو الحامض الدهني الأهم والمكون الرئيسي لزيت الزيتون الذي تعزى له الفوائد الغذائية والطبية.
كما ترتبط درجة التأثر السلبية لتكوين الزيت داخل الثمارعلى طول فترة الموجة الحرارية الحارة ودرجات الحرارة السائدة خلالها، والمحتوى الرطوبي للتربة، وعلى الصنف؛ حيث أنه وحسب الدراسات البحثية تختلف الأصناف فيما بينها حول تأثرها بدرجات الحرارة المرتفعة، كما أن الارتفاع عن سطح البحر يلعب دورا مهما بالتأثر بزيادة درجات الحرارة.
ولوحظ هذا العام من خلال فحص نسبة الزيت لعينات ثمار واردة من مزارعين لمختبر الزيتون بالمركز، بأن الزيتون المزروع بعلا على ارتفاعات أقل من 550 م فوق سطح البحر، كان الأكثر تأثراً مقارنة بالمزروع بالمرتفعات الجبلية حيث لم تتجاوز كمية الزيت داخل الثمار ما نسبته 12-13% والتي ظهر عليها النضج الفسيولوجي وتلون 60-70% من الثمار على الشجرة باللون البنفسجي المائل للسواد في حين كانت نسبة الزيت لنفس ثمار الصنف بمواسم سابقة لا تقل عن 20%.
ونصح المركز "بدورنا كباحثين بالمركز الوطني للبحوث الزراعية، للتخفيف من تداعيات التغير المناخي على قطاع الزيتون؛ اختيار الأصناف المتحملة لدرجات الحرارة والجفاف كصنف المهراس، والاهتمام بالري التكميلي صيفاً مع إضافة السماد البوتاسي من خلاله، لما له من أثر كبير بتجاوز درجات الحرارة المرتفعة خلال أشهر الصيف، والتي تؤثر سلباً على إنتاجية أشجار الزيتون وتكوين الزيت داخل الثمار”.