سياسيون وقانونيون: الملك يضع العالم أمام مسؤولياته لوقف الجرائم في غزة

{title}
نبأ الأردن -
في قمة القاهرة الدولية للسلام التي استضافتها جمهورية مصر العربية اليوم، وضع جلالة الملك عبدالله الثاني في كلمته العالم أمام مسؤولياته تجاه المشهد الحزين والمؤلم في غزة؛ جرائم إنسانية اكتملت أركانها وترقى الى الكارثة. أحداث دموية مروعة لا يمكن أن تتوقف إلا بتضافر الجهود لتطبيق القوانين وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية تحقيقا للأمن والسلم الدوليين.

"يتعين على القيادة الإسرائيلية أن تدرك أنه لا حل عسكريا لمخاوفها الأمنية، ولا تستطيع الاستمرار في تهميش خمسة ملايين فلسطيني يعيشون تحت احتلالها، محرومين من حقوقهم المشروعة، وأن حياة الفلسطينيين لا تقل قيمة عن حياة الإسرائيليين"، تلك هي الرؤية الملكية الحصيفة لحق ثابت طال أمد المطالبة به، وتلك كانت المفارقة المؤلمة التي أسمعها جلالته للعالم: "حياة الفلسطينيين أقل أهمية من حياة الإسرائيليين، حياتنا أقل أهمية من حياة الآخرين، وتطبيق القانون الدولي انتقائي، وحقوق الإنسان لها محددات، فهي تتوقف عند الحدود، وتتوقف باختلاف الأعراق، وتتوقف باختلاف الأديان".

لقد حدد جلالته بكل وضوح المطلوب من المجتمع الدولي أن يفعله حين قال "إن من واجبنا كمجتمع دولي أن نفعل كل ما هو مطلوب لإعادة إطلاق عملية سياسية هادفة يمكنها أن تأخذنا إلى سلام عادل ومستدام على أساس حل الدولتين"، فكانت كلمات جلالته دقيقة وتمثل وجهة النظر العميقة والانعكاس الشعبي الأردني لما يطلبه نصرة لأشقائه الفلسطينيين، كما يؤكد خبراء في الشأن السياسي والقانوني في أحاديثهم لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، مشيرين الى أن جلالته أطّر قواعد القانون الدولي الإنساني التي يجب أن تسود ويجب المحافظة عليها سواء في أوقات السلم أو أوقات الحرب.

واعتبر العين الدكتور بسام التلهوني أن خطاب جلالة الملك القوي والحازم أمام قمة القاهرة هذا اليوم، استنهض دول العالم أجمع للقيام بدورها في إيقاف الحرب وإحلال السلام، وتطبيق العدالة والحفاظ على التوازن عند التعامل مع قضايا العالم المختلفة، وعدم التفريق بين الشعوب على أساس اختلاف العرق والدين، مثلما أكد جلالته أن السبيل الوحيد لمستقبل آمن لشعوب الشرق الأوسط والعالم مسلمين ومسيحيين ويهودا على حد سواء؛ يبدأ بالإيمان بأن حياة كل إنسان متساوية في القيمة.

وأضاف التلهوني: لقد سطر جلالته في خطابه رسالة ستبقى محفوظة في سجل التاريخ لتذكير المجتمع الدولي بدوره في دفع الظلم عن قضية الشعب الفلسطيني وإدارة ظهره للاحتلال وظلمه، وحذر من أن إبقاء الوضع كما هو، سيؤدي إلى استمرار العنف والدمار، موضحا جلالته أن الإجراءات المتخذة خلال 15 سنة الماضية نجحت في تحويل حل الدولتين إلى ما يشبه الحلم عند جيل كامل من الفلسطينيين، وأن عدم تحقيقه ولّد اليأس عند هذا الجيل.

لقد كانت كلمة جلالته في القمة اليوم، يقول التلهوني، تجسيدا للثوابت الوطنية الأردنية التي آمن بها الأردن شعبا وقيادة على مر الزمن وهي أن يصل الجميع إلى سلام عادل ومستدام على أساس حل الدولتين، وكانت قوية كعادة جلالته حين يتحدث، وفيها إدانة واضحة ورفض قاطع لكل أعمال القتل والإبادة الجماعية ضد المدنيين الفلسطينيين، مشيرا الى أن جلالة الملك أطّر قواعد القانون الدولي الإنساني، التي يجب أن تسود ويجب المحافظة عليها سواء في أوقات السلم أو أوقات الحرب.

وزير العدل الأسبق الدكتور إبراهيم العموش قال، إن جلالة الملك ركز على المفاصل الرئيسية للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني العربي، حين دعا دول العالم الى تحمل مسؤوليتها الإنسانية لوقف الهجوم العسكري على غزة فورا ووقف جرائم الحرب الإسرائيلية التي تمارس بحق الأبرياء وتقتيلهم وحرمانهم من مقومات الحياة الأساسية من ماء وكهرباء وغذاء، فاستمرار هذه الحرب سيؤدي بالمنطقة الى الهاوية.

ولفت العموش إلى تركيز جلالته على أن العالم يغمض عينيه عن الجرائم الفظيعة التي ترتكبها إسرائيل ليس فقط في هذه الحرب، وإنما منذ قيام دولة إسرائيل، لسبب واضح هو أنها لا تخضع للمحاسبة ولا تحترم قرارات الشرعية الدولية، وفي المقابل فالحرب والعنف والتدمير والقتل لن يخلق السلام في منطقتنا وأن الحل العسكري ليس هو الأمثل للمخاوف الأمنية الإسرائيلية، وإنما يتمثل بالعودة لطاولة المفاوضات التي يجب أن تفضي لقيام دولة فلسطينية قابلة للحياة، كما أكد جلالته.

لقد كانت كلمة جلالة الملك في القمة دقيقة ومتكاملة من حيث إحاطتها بكل ما يلزم عمله تجاه ما يحصل في غزة الآن وسابقا، يقول السفير السابق زياد المجالي، لافتا الى أن جلالة الملك كعادته دقيق في طرحه وهو العارف كيف يتعامل مع العقلية الأوروبية التي ساند بعضها الجانب الإسرائيلي دون الأخذ بعين الاعتبار الأساسيات التي أدت إلى أحداث السابع من تشرين الأول.

وأضاف المجالي، إن كلمة جلالته تمثل وجهة النظر العميقة والانعكاس الشعبي الأردني نصرة لأشقائه الفلسطينيين، وتطرق الى مسببات هذه الحرب الضروس وعلى رأسها الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية وغياب أي أمل في السلام، إذ لا بد أن يكون هناك عملية سلمية تؤدي إلى قيام الدولة الفلسطينية على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.

وأشار المجالي الى أن تعابير وجه جلالة الملك كانت صارمة ودقيقة، فضلا عن أن كلمته أحاطت بكل المفردات المتعلقة بالصراع العربي الإسرائيلي بشكل عام، وكذلك الأحداث المتعلقة بغزة، ولم تخل الكلمة من الإشارة إلى كل مستلزمات ما يرتبط بهذا الحادث وهذا الوضع المتأزم.

وأضاف: لقد شدد جلالة الملك على أن يكون هنالك توافق دولي لمنع توسع هذه الأحداث وتلافي ما قد يهدد الأمن والسلم الدوليين، ويتجاوز الموضوع البعد الإقليمي.

النائب السابق الدكتور هايل ودعان الدعجة، قال، لقد كانت كلمة الملك رسالة واضحة وصريحة وباللغة التي تفهمها الأطراف المعنية والمستهدفة بهذا الخطاب الذي انطوى على الكثير من الإشارات البليغة التي تجعل من العدالة الدولية موضع شك وتساؤل في ظل الانتقائية والازدواجية التي تغلف المواقف الدولية من الأحداث التي تشهدها غزة التي تتعرض لحرب إبادة وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وتستهدف المدنيين الابرياء على مرأى من العالم الذي التزمت غالبية دوله الصمت تجاه ما يرقى الى الإبادة.

وأشار الدعجة بكثير من الإعجاب الى توقف جلالة الملك عند المعايير الإسلامية الإنسانية التي تشكل المبادئ والقواعد التي يسير عليها الجندي المسلم ويراعيها ويلتزم بها، والتي يفترض أن تجسد قواعد عامة يلتزم بها كل من يؤمن بالإنسانية، وفي المقابل من هذا كان تعاطي بعض الأطراف الدولية المنحاز الى جانب الكيان الإسرائيلي الذي يشن قصفا عنيفا وعقابا جماعيا على سكان محاصرين، سقوطا مدويا للمنظومة القيمية والأخلاقية.

وأشار إلى أن جلالته أوضح الموقف الاردني من الأحداث الجارية من خلال التأكيد وأن السبيل الوحيد لضمان مستقبل آمن ليس فقط في المنطقة، وإنما في العالم أجمع، لا يكون إلا من خلال إيجاد أفق سياسي يضمن إقامة الدولة الفلسطينية على أساس حل الدولتين تطبيقا للقرارات الدولية، وبالإيمان بأن حياة كل إنسان متساوية في القيمة وليس بالظلم والعنف وسفك دماء الابرياء. أن أنه لا يمكن تجاهل خمسة ملايين فلسطيني تحت الاحتلال، مؤكدا على الأولويات الأردنية التي تتمثل بالوقف الفوري للحرب على غزة وحماية المدنيين وإدخال المساعدات الإنسانية والغذائية والإغاثية والرفض القاطع للتهجير القسري للفلسطينيين الذي يمثل خطا أحمر .

رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية الدكتور خالد شنيكات قال، إن جلالة الملك، أشار في كلمته إلى ضرورة تطبيق القانون الدولي في الحرب، والنأي عن سياسة العقاب الجماعي، وتطبيق القانون الدولي الإنساني واحترام حقوق الإنسان، التي لا تتوقف على معيار الأعراق أو الأديان، والانتقائية.

لقد كانت كلمة جلالته رسالة للعالم أجمع فيما يتعلق بموقف الاردن الثابت تجاه القضية الفلسطينية، وضرورة أن لا ينظر الغرب بعين واحدة كي يفهم حقيقة وطبيعة الصراع الذي أدى بالنتيجة الى الحرب المستعرة في غزة، مشيرا إلى أنه يجب إيجاد حل سياسي يفضي إلى حل الدولتين.
تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير