ملتقى "مستقبل الإعلام والاتصال" ينهي أعماله (تفاصيل)
نبأ الأردن -
اختتمت مساء اليوم الثلاثاء بفندق الرويال عمان أعمال اليوم الثالث والأخير لملتقى "مستقبل الإعلام والاتصال" الذي ينظمه مركز حماية وحرية الصحفيين.
شارك في أعمال اليوم الأخير نخبة من المتحدثين العرب والأجانب بحضور واسع من الإعلاميين والصحفيين والخبراء ونشطاء وقيادات من مؤسسات المجتمع المدني.
الرئيس التنفيذي لمعهد الإعلام الأردني د. مصطفى الحمارنة أشار في الجلسة الختامية للملتقى بعنوان "رسائل عن مستقبل الإعلام" إلى حوارات جرت مع النواب ومجلس الأعيان حول حماية حقوق الأفراد وفتح الأبواب لحوار وطني للوصول إلى توافقات للحد من التغول على الحريات العامة.
وعبر الحمارنة عن خشيته من استخدام الأساليب العابرة للحدود واستخدام خطاب التحريض والكراهية في الهجوم على نشطاء وصحفيين محليين معتبراً أنها تدفع للمزيد من السياسات والممارسات المقيدة لحرية التعبير، وفرصة لصالح قوى الشد العكسي للاستثمار بها.
وأضاف أن خطاب الكراهية موجود بغض النظر إن قلنا أنه مبالغ فيه أم لا لكن الأساس هو الحصول على المعلومة ولا يوجد جهداً يبذل في ذلك في ظل الحديث عن الأخبار الزائفة.
ودعا الحمارنة إلى بناء تحالف حقيقي لكل المناضلين من أجل الديمقراطية والمطالبين بالحقوق والحريات وليس لكل من هو غاضب من الوضع القائم للديمقراطية والحريات.
وفيما يتعلق بتراجع الإعلام ودوره بنشر المعلومة مقابل انتشار المعلومات ومنها المضللة على السوشيال ميديا قال الحمارنة أنه يجب توجيه النقد لذواتنا في غياب المهنية، مشيراً إلى أن غياب الممارسة المهنية في العمل الصحفي لن يوصلنا إلى المعلومات وإلى مصادر المعلومات المفتوحة.
وأضاف "الضعف مبني لعدم وجود تحالف حقيقي يعي دوره بين الصحفيين مقابل قوى الشد العكسي التي تعي دورها، وحالة النكوص هي الأسباب الرئيسية في التراجع مع تراجع العلم والمعرفة وتوسيع القاعدة المعرفية والنظر للأمام، فالصحفيون لا يعملون من أجل الدمقرطة لغياب هذه الخصائص".
وألمح بالقول أن "عجزنا أدى إلى تراجع المشهد العام وبالنهاية هنالك دور للصحفي بقول الحقيقة وأن لا يستسلم من أجل ذلك".
وأشار الحمارنة إلى ضرورة دعم الإعلام المستقل الذي لعب دوراً حاسماً لمرحلة انتقالية في الأردن امتدت لثلاثين عاماً حملت بعض الخصائص للخروج من تلك المرحلة ومنها بعض الخصائص للدخول في مرحلة مقبلة لم تكتمل عناصرها بعد حيث لدينا قضايا شديدة التعقيد.
وقال أنه يمكن العودة للتلفزيون الأردني والصحف الكبرى كالرأي والدستور إذا طورت من عملها وأدواتها في الديجيتال والرقمنة.
هل يمكن للإعلام أن يتحرر من سلطة منصات التواصل الإجتماعي ..
وفي جلسة تحت عنوان "كيف يفكر العالم في الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، وهل اعلام والسوشيال ميديا ضرورة للدولة؟" أشارت الصحفية البلجيكية فلورنس هنت إلى ان هناك دراسة مهمة حول العنف السيبراني ضد النساء في العالم، وهناك إنعدام للأمان لدى المرأة، مضيفة أن خوارزميات منصات التواصل الإجتماعي هي المسؤولة عن كل ما نراه اليوم، مشيرة إلى أن ميتا (فيسبوك) كشفت مؤخرا عن بعض أسرار خوارزمياتها كانت تعتبر سابقا في غاية السرية، وان أسوأ ما هو موجود في السوشيال ميديا هو "التفريق" بين الجنسين، لافتة إلى ان 70% من مستخدمي منصات التواصل الإجتماعي هم من الذكور.
وقالت هنت انها غادرت منصتي فيسبوك وتويتر منذ سنوات بسبب وجود العنف، لافتة إلى ان هناك كثيرا من الأشخاص أيضا فقدوا الثقة في الإعلام التقليدي.
نقيب الصحفيين التونسيين مهدي الجلاصي أكد على وجود تراجع في الصحافة التقليدية بمواجهة السوشيال ميديا، وان الصفة التجارية طغت على الصحافة الالكترونية.
وعن مسألة الضبط والحريات، قال الجلاصي أن بعض الدول التي اصدرت تشريعات ضابطة تحولت إلى قوانين قامعة للحريات والتعبير، وان معظم مؤسسات المجتمع المدني لم تشارك في صياغة هذه التشريعات، مؤكدا على ان الحكومات هي أكثر الجهات القامعة للحريات والتعبير، حيث تقوم الحكومات بتشويه صورة كل شخص يطالب بحرية التعبير، مشيرا إلى أن الدول التي تتغنى بالديمقراطية تقوم أيضا بتقييد حق التعبير ومنها فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية.
وأشار الجلاصي إلى وجود دخلاء كُثر على مهنة الصحافة وهم من خارجها واصبحوا نجوما، وان أهل المهنة فقدوا السيطرة على الإعلام نتيجة لهؤلاء الدخلاء ما جعل حالة من الخوف تسيطر عليه حيال ذلك.
المديرة التنفيذية في مركز عدل للمساعدة القانونية هديل عبد العزيز قالت ان كثيرا من الأشخاص وجدوا أنفسهم في السوشيال ميديا، وأن الحكومة ورأس المال سيطرا على صوت الإعلام.
وأشارت عبدالعزيز إلى ضرورة إعادة تربية ابنائنا على ما هو مسموح وممنوع على منصات التواصل، مؤكدة أن تعديلات قانون الجرائم الإلكترونية في الاردن لم يتم تصميمه برؤية الحماية ولو ان شكله يوحي بذلك، لافتة إلى ان هذا القانون مُستنسخ ومُبالغ فيه، وأن المشهد الذي نعيشه حاليا تقييد التعبير الجيد، في حين لا يشمل هذا التقييد "التفاهة".
وأضافت انه لا يمكن إستنساخ قانون وُجد لمجتمع آخر، وبذات الوقت لا يمكننا التظاهر بأننا منعزلون عن المجتمعات الأخرى.
الإعلاميون حين يصبحون أهدافاً ..
وأثارت الجلسة التي جاءت بعنوان "الإعلاميون حين يصبحون أهدافاً .. سيرة صحفيين وصحفيات سقطوا على خط النار" الكثير من الأسئلة التي شارك بها المشاركون في الملتقى.
من جهتها قالت المتحدثة الدكتورة جاكلين هيريسون الحاصلة على كرسي اليونسكو لحرية الإعلام وسلامة الصحفيين أن هناك استهدافاً للصحفيين، داعية إلى تنفيذ مبادرات لحماية ودعم الصحفيين عالمياً، مشيرة إلى ضعف التعاون بين دول العالم في مجال حقوق الإنسان والدفاع عن الصحفيين.
واضافت أن الصحفيين يقومون بحماية مجتمعاتهم من خلال مهنتهم ولكن بنفس الوقت يتم اعتقالهم وهم مستهدفون، مشيرة إلى أن هذا هو حال الواقع الراهن في الكثير من الدول حيث تجد أن الصحفيين يستهدفون بطريقة أو بأخرى، أحيانا يتم مهاجمتهم مباشرة ونسمع كثيراً عن مثل هذه الاستهدافات في دول ديمقراطية ويتم توضيبها بشكل أو بآخر ولكن في تلك الدول هنالك قوانين تحمي الصحفيين من الاستهداف.
وبينت هيريسون أن هناك صحفيون تم اغتيالهم بسبب وجودهم في الفضاءات الرقمية، مشيرة إلى أن اليونسكو تنظر لكل هذا السياق من خلال رفع الوعي والتدريب، وترى أن العاملين في وسائل الإعلام يجب حمايتهم من التعرض للمحاكمات والقضاء.
وعرض الباحث في هيومن رايتس ووتش آدم كوجل للحماية التي وضعها قانون حقوق الإنسان والقانون الدولي قائلاً أن هاجسنا في قضية اغتيال الصحفية شيرين أبوعاقلة على سبيل المثال كان في كيفية جلب العدالة ومحاسبة المسؤولين، وأسهب في عرض الوقائع في قضية أبوعاقلة وكيف رفض الاحتلال التعاون بالتحقيق في قضية الاغتيال.
وأضاف كوجل "نشهد ارتفاعا في القوانين المقيدة ونحن نرصد ونوثق الانتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون في 100 دولة حول العالم ومنها المنطقة العربية".
وحول استهداف الصحفيين في دول العالم العربي أكد كوجل أن الصحفيين في الدول العربية لديهم فضاء من الحرية وكل المعلومات التي يحتاجونها للمشاركة السياسية ولكن بنفس الوقت هنالك تراجع لحرية التعبير ليس فقط بالمنطقة بل في العالم ككل، وهناك زيادة في التشريعات في الكثير من الدول التي تعنى بتقييد الفضاء، إضافة إلى غياب التشريعات التي من شأنها حماية الصحفيين بما فيها الحماية من الجرائم السيبرانية التي قد يتعرضون لها.
وأشار كوجل أن وسائل الإعلام لديها دور هام في هذا السياق، في الوقت الذي لا تريد فيه الحكومات حرية الحوار في الكثير من القضايا الجدلية، وهنا نحاول أن ندفع باتجاه إيجابي ونستطيع خلق زخماً للتغيير.
رئيس المعهد العربي لحقوق الإنسان عبدالباسط بن حسن قال أن بعض البلدان العربية بعد عام 2011 حيث ثورة الربيع العربي قامت ببعض المبادرات لتطوير حرية الرأي والتعبير، مشيراً أن ذلك جاء في محاولة لجلب الجمهور إلى الوراء ولكن مع ذلك كانت لحظة هامة، واليوم وتدريجيا نعود بالشعور بالخوف من خلال مؤشرات تشترك بها الدول العربية ومنها هيمنة القوانين والمراسيم مثل قوانين الجرائم الإلكترونية.
وأضاف بن حسين أن هناك عدم اعتراف بحرية الرأي والتعبير خاصة من قبل المجتمع، إضافة إلى احتكار وسائل الإعلام وتراجع التأهيل المعرفي للصحفيين وهي كلها مسارات للتراجع.
من ناحيته قال جاد شحرور المتحدث عن مؤسسة سمير قصير لحرية الصحافة في لبنان "نعاني من ظاهرة الإفلات من العقاب في المنطقة، وحيث حوادث اغتيال الصحفيين إلا أنه لا يوجد تحقيق في اغتيالهم مثلما هو الحال في واقعة اغتيال الصحفية شيرين أبوعاقلة حيث لا يوجد أي تحقيق جدي بل تم الالتفاف على قضية اغتيالها".
إعلام المستقبل .. الريادة والابتكار ونماذج الاستدامة
وفي جلسة بعنوان "إعلام المستقبل .. الريادة والابتكار ونماذج الاستدامة" قال وزير الإتصالات الأسبق مروان جمعة أن الحديث كثُر مؤخرا عن موضوع ومفهوم الريادة، وعلينا التمييز بين مفهوم الريادة وأصحاب المشاريع العادية حيث هناك مجازفة وإبداع في الريادة، وليس كل صاحب مشروع يعتبر رياديا.
وأكد جمعة على ان السبق الصحفي أصبح أهم من المحتوى حيث أصبح المال هو الهدف، وأن الانترنت اصبح بنية تحتية اساسية ومهمة لكافة القطاعات.
وقالت المدير التنفيذي بمؤسسة عبدالحميد شومان الاء ابو ليل أن الإبتكار عملية مستمرة وهناك تحديات، والإبتكار في مجال الإعلام الرقمي في تطور مستمر، وهناك الكثير من التحديات التي تواجه شبابنا اليوم، لافتة إلى ان رحلة ريادة الأعمال ليست بالأمر السهل .
الأستاذ في جامعة الحسين التقنية يزن حجازي أكد على وجود الكثير من التحديات التي تواجه الشباب، وعلينا التركيز على القيمة، وأن رحلة الريادة عبارة عن تحديات على الريادي تخطيها .
وقال الخبير في الإعلام الرقمي زيد ناصر علينا النظر جيدا إلى المحتوى الذي ينتجه الصحفي، معتبرا أن السوشيال ميديا هي إحدى القنوات التي يتم توزيع ونشر المحتوى من خلالها، لافتا إلى أن البُعد والمسافات الطويلة ليست عائقا للوصول إلى الداعم، حيث هناك أدوات أخرى تمكننا من الوصول للدعم .