سلمان النقرش يكتب: شبكة الآمان الاجتماعي في النموذج الليبرالي

{title}
نبأ الأردن -
يحرص دعاة الليبرالية في الأردن والعالم العربي، والمتحمسون منهم للنسخة الامريكية وما تطرحه المؤسسات الدولية "صندوق النقد الدولي"،على تذييل مشاريعهم بذكر "أهمية بل وضرورة " إيجاد شبكة آمان اجتماعي مع أي مشروع تصحيح اقتصادي، يتطلب رفعاً لأسعار الحاجيات والسلع الضرورية لعيش الفئات الشعبية وذوي الدخل المحدود، بهدف التخفيف من الآثار الاجتماعية لمشاريعهم تلك، ويضيفون حجة" الحفاظ على التوازنات" في مجتمع يصرخ من التفاوت الحاد في الدخل وتركيز الثروة بأيدي قلة قليلة من الأغنياء، التي  تزداد ثراءً وتقل عدداً ، فيما الفقراء وذوي الدخل المحدود وبعض من الطبقة الوسطى يزدادون فقراً وحرماناً وعددا وتتبخر حصتهم من الثروة الاجتماعية( في الأردن 10% من المواطنين يملكون 90% من ودائع البنوك بينما 90% من المواطنين يملكون 10% من الودائع) 
     المتتبع لتنفيذ مشاريع "التصحيح الاقتصادي" وفق النموذج الليبرالي وشروط حُماته الدوليين، يلحظ كيف تتهاوى حجج هؤلاء، بخصوص "حماياتهم الاجتماعية" متذرعين اما بتدخلات ذوي المصالح من الطبقة الحاكمة، او لعدم ايفاء المانحين بتعهداتهم، او بسبب تعدد التشريعات اوتقلب الوزارات...الخ.
     هنا ، وعقب التعثر والفوضى التي تسود تنفيذ المشاريع، ينطلق النقاش والسجالات حول مصير شبكات الآمان الموعودة و"المؤودة"،وتبدأ الاتهامات والمعلومات المتضاربة لوسائل الاعلام الرسمية والخاصة، ويدخل على الخط نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي، وكل منها يثير الشكوك وبعضها يحترف التغطية على الحقائق، وفي وسط دخان الاقاويل والاشاعات وانصاف الحقائق، يفقد المستهدفون من مظلة الحماية الاجتماعية أملهم المنشود، ويفوز عرًابي المشاريع ومروجيها من الليبراليين المحليين بـ "الابل".
    وباعتبارنا، في "الحزب الديمقراطي الاجتماعي الأردني"، منحازين لنموذج مغاير" الديمقراطية الاجتماعية" فنحن لا ننكر على النموذج الليبرالي توفره على هامش من الحرية الفردية والاقتصادية واحياناً الاجتماعية، الا انه يطلق يده- التي لم تعد خفية - نحو تدمير قيم التعاون والتضامن والتآخي والمشاركة، ويميل نحو الاحتكار والانانية والفساد، ويتفنن في نقل الأموال من جيوب الفقراء الى خزائن الأغنياء، والمال عندهم ليس فقط لتأمين رغد العيش، بل لممارسة النفوذ والسلطة واحتواء المعارضة وشراء الذمم وتعطيل احكام  القوانين وتوسيع الهوة الاجتماعية والتفاوت الطبقي، بهدف تأبيد سلطتهم، معتمدين على قدراتهم ، المستمدة من سطوة المال وجبروته.
    ان النموذج الليبرالي، وبنسخته الجديدة المتوحشة "النيوليبرالية"، حوُلَ المجتمع الإنساني الى غابة، واحيا غريزة التملك الانانية لدى الافراد، واضاع حقوق الناس والجماعة وحتى مؤسسات الدولة، لصالح نفوذ شلل وطغم مالية وسياسية، تتحكم بالسوق والموارد والسلطة، وهذا النموذج، على النقيض مما تبتغيه "الديمقراطية الاجتماعية"، التي ننادي ونناضل من اجل ان تحتل مساحتها في المشهد السياسي الأردني القادم، لا يعير أي اهتمام جدي بالقطاع الإنتاجي، الصناعي او الزراعي، وهو غير معني بالتعليم المدرسي او الجامعي العام، وهو يدير ظهره للتأمين الصحي الشامل ولوسائل النقل العام، الرخيص والآمن، ودون ادنى اهتمام بشبكات الآمان الاجتماعي، التي تحمي الطبقات الدنيا من الشعب: العمال وصغار الكسبة والموظفين والجنود والمتقاعدين المدنيين والعسكريين، ناهيك عن لامبالاته تجاه كبار السن والأطفال والنساء والعاطلين قهراً عن العمل...!

تابعوا نبأ الأردن على