وائل منسي يقدم بحثاً كاملاً عن إربد .. تاريخ وجغرافيا

نبأ الأردن -
إن أفضل من كتب عن مدينة إربد في العصر الحديث هو المرحوم الأستاذ زياد أبو غنيمة في كتابه المعروف " إربداوي يتذكر".
ولكن وجدت مصادر أخرى تتحدث عن المدينة وتاريخها، واعتمدت عليها في منشوري.
لم تتجاوز مساحة مدينة إربد في العهد العثماني 85هكتار (0.10 كم²) وظلت كذلك قُبيل نهاية الحرب العالمية الأولى، وولكنّها بدأت في الازدهار تدريجياً والازدياد في الحجم منذ العشرينات من القرن الماضي عندما أصبحت مركز متصرفية لواء عجلون ومركزاً تجارياً مهماً. في الثلاثينات أصبحت مساحة إربد نحو 30 هكتاراً (0.31 كم²)، وفي الخمسينات من القرن الحالي نمت إربد نمواً ملحوظاً بوصول اللاجئين الفلسطينيين لتصل مساحة المدينة إلى 131 هكتاراً (1.32 كم²). في العام 1979م بلغت المساحة حوالي 600 هكتاراً (24 كم²) وفي العام 1995م قدرت مساحة المدينة مع الضواحي بنحو 3.300 هكتاراً (33 كم²).
يتخذ المخطط التنظيمي لمدينة إربد شكلاً سداسياً. ويمتد العمران فيها على شكل محاور بمحاذاة الطرق التي تربط إربد بإقليمها. ففي اتجاه الغرب امتد العمران على طول شارع فلسطين وصولاً إلى الجانب الشمالي ليندمج بمنطقة البارحة. وفي اتجاه الجنوب امتد العمران على طول شارعي ايدون والجيش ليلتحم بحرم جامعة اليرموك. وفي اتجاه الشرق امتد العمران على طول شارع بغداد. وفي اتجاه الشمال كان لإنشاء المدينة الصناعية أثر في جذب السكان والعمران نحوها، الأمر الذي أدى إلى وصول العمران حدود بعض القرى الصغيرة الواقعة إلى الشمال من إربد، وقد امتد هذا العمران على طول شارعي حكما وعبد القادر الحسيني فغطّى المساحات الشمالية التي كانت مردومة بالإضافة إلى المسلخ القديم.
تتواجد في المدينة منازل ومواقعٌ أثرية عِدّة تعتبر من تراث المدينة مثل السرايا التركي والمسجد المملوكي (مسجد أبو ذر الغفاري) أو ما يسمى بالجامع الغرب ومتحف إربد (بيت النابلسي) وبيت عرار ومتحف بلدية إربد الكبرى بالإضافة إلى العديد من المنازل التي يزيد عمرها عن مائة سنة ولها تاريخ مُسجّل وعريق مثل منزل علي خلقي الشرايري وغيره من البيوت القديمة الواقعة ضمن مُحيط مدينة إربد القديمة. ومع ذلك فإن المدينة تفتقر لوجود فنادق سياحية ومطاعم عالية الجودة.
يطالب غالبية سكان محافظة إربد الحكومة الأردنية بإقامة مطار دولي على غرار مطار عمان الذي يبعد عن مدينة إربد حوالي المئة كيلو متر. يرى الإربديون ان إقامة مطار في إربد سيسهل التنقل والسفر من وإلى دول العالم كافة ويعمل على إيجاد مئات فرص العمل لأبناء المدينة وجلب الاستثمارات إلى هذه المدينة التي تتسم بالطابع الريفي بالإضافة إلى تسهيل نقل البضائع وربط شمال الأردن بجنوبه بخط جوي وبطبيعة الحال تخفيف العبء على مطار عمان.
قُدِّر عدد سكان إربد في أواخر القرن التاسع عشر بنحو ألف نسمة، ولم يشهد هذا العدد أي زيادات ملحوظة على مرّ نصف عقدٍ من الزمن، حيث بلغ عدد السكّان 7000 نسمة في عام 1946م. ولكن هذا العدد قفز في العام 1952م ليصل عدد السكان إلى نحو 22 ألف نسمة، وترجع هذه الزيادة إلى هجرة الفلسطينيين بعد حرب ال48. وفي تعداد عام 1961م، بلغ عدد السكان 44 ألف نسمة. وقد شهد عدد سكان مدينة إربد زيادة ملموسة ثانية بعد حرب عام 1967م بوصول النازحين الفلسطينيين إليها. بلغ عدد السكان عام 1979م نحو 113 ألف نسمة ثم قُدِّر بنحو 201.208 نسمة في العام 1995م.
كان سكان إربد يتوزَّعون على عشرات العشائر والعائلات في مقدمتها عشائر الخرزات السبعة التي كانت تشكـِّـل العمود الفقري لتركيبة إربد السكـَّـانية ، والتي تـُسمـِّـي بعض المراجع مدينة إربد بإسمها " إربد الخرزات " ، وهي عشائر : التلول ، والرشيدات ، والحجازات ، والخريسات ، والشرايري / الشرايرة ، والعبندات / العبـندي ، والدلاقمة ( تؤكد عشيرة الحتاملة أنها إحدى عشائر خرزات إربد ، ويذكر الدكتور رؤوف سعد أبو جابر أنه كان في فتوته يسمع من بعض رجالات إربد الذين كان والده يستضيفهم في مضافته الشهيرة في اليادودة في جنوب عمَّـان أن عشيرة آل الجودة من عشائر خرزات إربد ) .
ومن العشائر والعائلات التي سكنت في إربد عشيرة كريزم التي كانت قد سكنت في مدينة إربد منذ وقت طويل ، حيث تذكر بعض الوثائق التاريخية بأنها سكنت إربد في القرن السابع عشر إبـَّـان حكم الدولة العثمانية لبلاد الشام ، ، وكان أحد رجالاتها الشيخ صالح الكريزم شيخا لقرية إربد مابين الفترة 1170هجرية الى 1262هجرية ، أي منذ 1757 ميلادية حتى 1846 ميلادية ، ثمَّ تلاه الشيخ أبوبكر بن صالح كريزم الذي تسلم الشيخة في 19رمضان1180هجرية ، أي في 18 شباط 1766 ميلادية ، وقد أثبتت ذلك الوثائق التي تحمل الرقم 74من المحفوظات السورية في مكتبة الاسد وقد ذكرت في عدة كتب تاريخية ، ثمَّ توالت فترات الشيخة لرجالات من عشيرة كريزم إلى أن وصلت إلى نهايتها مع الشيخ أحمد المصلح بن أحمد كريزم عام 1262هجرية أي عام 1846 ميلادية ، وفي بحثه المعنون " مشايخ وزعامات ناحية إربد في وثائق قافلة الحج الشامي العثمانية لعام 1180 هجرية ـــ 1766 م " المنشور في العدد 177 ( تموز 2003 م ) من مجلة " أفكــار " التي تصدرها وزارة الثقافة يورد الباحث أحمد صدقي شقيرات أن الشيخ أبو بكر بن صالح كريزم وهو الجدُّ الأعلى لعائلة كريزم كان شيخ قرية إربد في تلك السنة ، ويرجـِّـح أن دور عائلة كريزم في مشيخة إربد إستمرَّ حتى نهاية القرن 12 الهجري ـــ 18 الميلادي ، ويشير إلى أن إسم كريزم لا يزال يُـطلق على أحد أحواض أراضي إربد المحاذية لأراضي إيدون .
ومن العشائر والعائلات التي سكنت في إربد عشيرة الغرايبة ( أبناء عمومة الرشيدات ) ، و اللوباني ، الجوده ، خضير (الأرجح أنهم قدموا من دير السعنة ) ، الجمل ، المقالده ، الغزَّاوي ، شاهين / أبو خرُّوب ، أبو العيلة ، أبو سالم ، أبو رجيع ، المنديل ( أصلهم من عتوم سوف ) ، أبو حردان ، عنيزان / خريس ، السكارنه / السكران ، شوتر / الشواتره ، أبو السميد ، أبو زيد ( قدموا من قباطية بفلسطين قبل النكبة بزمن ) ، الدرزي ، الجيزاوي ، الشبَّار ، خشروم ، طخشون ، أبو عيـَّاد ، سعادات ، أبو دوله ، الشيخ حسين ، المطلق قناة ، الغرَّام ، وعائلات أخرى .
وكان يسكن في إربد بعض العائلات الشامية وأذكر من هذه العائلات عائلة آل الرجـَّـال وعائلة المحايري وآل قزِّيها وكان أهل إربد يسمُّـونها عائلة الدلال وآل الصبَّاغ السيبراني وعائلة آل جمعة وعائلة آل بيبرص وعائلة ناجي الدبس ( والد نقيب المهندسين والوزير السابق المهندس جعفر الشامي ) وغلب عليها إسم عائلة الشامي وآل الشيخ سالم واليبرودي والأمعري والشمَّاع وسوسان والبنـَّـا واللحام ( عميدهم أبو حامدالحلاق ) و سُكـَّريـِّه والملقي والعشـِّـي وذو الغنى والخطيب والمعرَّاوي والأعرج واكـْـرَيـِّـم وعرابي ويغمور والساطي وغنـَّـام وعزيزية والشلبي والروَّاس وقطرميز والسلاخ والبندقجي والسمكري والقضماني والقهوجي والشلبي والجباصيني ودركل والشرقطلي وحُبِّي والسيوفي وجروح والمدلل والسخني و كحـَّـالة ، والحلبي ( كان عميدهم أبو وحيد الحلبي ) وأبو ذبـَّانه وحبـَّـاب وأبو الذهب والموصللي ( قدموا من دمشق ، والأرجح أنهم من أصل عراقي من مدينة الموصل ) والحكيم والديركي والعطـَّـار والدرخباني والمهايني والحبـَّـال ومكـِّـي وقطيفان والحمصي والشربجي .
وكانت العديد من العائلات النابلسية تسكن في إربد و منها عائلات الحاج حسن النابلسي ( والد الشقيقين الطبيبين إسماعيل وأحمد النابلسي ) وعائلة أبو نبيه النابلسي وعائلة الحاج داوود النابلسي ( أبو قدري ) وعائلة صبحي النابلسي ( أبو سميح ) ، وآل مريش ، وآل عنـَّـاب ، ودار الشيخ العوينات ، ودار الحاج طاهر ، ودار القريوتي .
ومن العائلات المسيحية التي كانت تسكن في إربد أذكر آل النصراوي الذين تعود جذورهم إلى مدينة الناصرة بفلسطين ، وأذكر أن نساءهم كنَّ يشاركن النساء المسلمات في إرتداء الملاية التي تغطـِّـي الوجه كاملا جريا على عادة تللك الفترة ، وعائلة أسعد معمر القادم من الناصرة وأذكر منهم وليم النصراوي ، وآل سماوي الذين ينتمون إلى عشيرة السميرات التي تستقرُّ في الفحيص منذ القرن السابع الميلادي ، وكان كبيرها المحامي برهم سماوي والد الأستاذ جميل وباسم يشغل وظيفة " مستنطق " في إربد ( مدَّعي عام ) ثمَّ أصبح من أشهر المحامين في إربد وكان من أبرز الوجوه المسيحية في منطقة إربد .
ويرجع تزايد سكان مدينة إربد بشكل سريع إلى العوامل التالية:
قدوم الفلسطينيين إلى إربد والسكن بها بعد نكبة عام1948 ونكسة عام 1967،وحرب الخليج الثانية عام 1991.
وانضمام قرية البارحة إلى إربد عام 1962.
والهجرة من الريف إلى المدينة بسب توفر العمل والخدمات العامة التي تقدمها البلدية مثل الخدمات الصحية، وفتح الشوارع وتعبيد الطرق، وخدمات الإنارة ومياه الشرب، وتجميل المدينة بالإضافة إلى تنظيم الأسواق والمرور في المدينة.
وتأسيس جامعة اليرموك في إربد عام 1976، مما دفع الكثيرين من أبناء القرى المجاورة إلى الاستثمار فيها من خلال أعمال الخدمات التي تقدم إلى طلبتها وأساتذتها، مثل:فتح المكتبات، والمطاعم والاستراحات، وصالونات الحلاقة، والإكسسوارات، واستوديوهات التصوير، ومقاهي الإنترنت وبناء العمارات والمكاتب والشقق لإيجارها إلى طلبة وأساتذة الجامعة.
ويبلغ عدد سكان مدينة إربد اليوم نصف مليون نسمة، تبلُغ نسبة المواطنين الأردنيين منهم 85%. بينما البقية هم من النازحيين السوريين والجنسيات الاخرى، أما (محافظة إربد) فيبلغ عدد سكانها 1.770 مليون نسمة. ويشكل المسلمون معظم سكان المدينة إلا أن العائلات المسيحية تشكّل نسبة لا بأس بها من سكّان المدينة ولديها حضور قوي بالمقارنة مع باقي مُدن المملكة الأردنية الهاشمية.