النكبة المستمرة: 75 عامًا من سياسات “الاحتواء” والصمود الفلسطيني
نبأ الأردن-يصادف تاريخ 15 أيار/مايو 2023 الذكرى الخامسة والسبعين للنكبة، وهي “الكارثة” التي شهدت تهجيرًا ونفيًا قسريًّا لثلاثة أرباع الشعب الفلسطيني جراء بلوغ المشروع الاستيطاني الاستعماري الصهيوني ذروته التي تمثلت في إقامة الكيان الإسرائيلي. لم تؤثر هذه الكارثة على الفلسطينيين فقط، ولكن على العالم العربي بأسره، فهي جرحٌ ما يزال يلقي بثقله على المنطقة ككل، وعامل مهم في منعها من التحرر الفعلي من الاستعمار وتحقيق الاستقرار السياسي.
وعليه، فإننا لا نستذكر المأساة التي ما تزال أساسًا مركزيًّا للهوية الجمعية الفلسطينية فحسب، بل نتعداها إلى مصيبة الهجرة والتهجير والذي اتسمت بها التغريبة المستمرة للشعب الفلسطيني، والذي صار أفراده الآن جيلًا خامسًا منذ وقوع النكبة.
بعد مرور ثلاثة أرباع القرن، استمر المشروع الصهيوني في محاولاته إبعاد السكان الأصليين لفلسطين، والقضاء عليهم، كما تحول هذا المشروع إلى نظام هيمنة معقد يعتمد القائمون عليه استراتيجيات عسكرية وسياسية لتنفيذه غالبًا ما يدعمها الصمت الخاطئ للمجتمع الدولي. يعكس الواقع المعاش للفلسطينيين صورة مصغرة من الانتهاكات التي يتعرضون لها والتي يتخللها العنف، والتهجير، والترحيل، والتفرقة، والاستغلال والسجن الجماعي، ما يديم استمرار النكبة دون توقف.
ويستمر احتواء معظم الفلسطينيين في كانتونات ومخيمات في الأردن، ولبنان، وفلسطين المحتلة وسوريا، مع منعهم من العودة إلى ديارهم الأصلية بسبب السياسات الاستعمارية الاستيطانية الصهيونية المستمرة التي يمارسها الكيان الإسرائيلي، فمنذ أوائل الخمسينيات من القرن الماضي وصاعدًا، غادر العديد من اللاجئين الفلسطينيين البلدان العربية المضيفة بحثًا عن فرص اقتصادية أفضل، بالإضافة إلى ذلك، أُجبر العديد من اللاجئين على الرحيل مرة أخرى بسبب القمع، والعنف والترحيل، وقد كرس هذا استمرار النكبة. أما في وقتنا الحالي، فيمتد الانتشار الفلسطيني إلى أكثر من 50 دولة في جميع أنحاء العالم.
فيما نحيي ذكرى النكبة، يواصل الشعب الفلسطيني مطالبته بحقه في مقاومة استعمار وطنه والهيمنة عليه. اتخذت المقاومة ضد المشروع الصهيوني صورًا جديدة، منها الحركات الشعبية، والعصيان المدني، وآليات حقوق الإنسان، ودعوات المقاطعة، وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات. هذا الالتزام المتجدد بالمقاومة هو شهادة على الصمود الفلسطيني وفشل الاستراتيجيات السابقة أيضًا، والتي اعتمدت على المفاوضات إلى حد كبير غير أنها رسخت في نهاية المطاف الاستعمار الاستيطاني ونظام الفصل العنصري الصهيوني.
يجب أن تمثل هذه الصور الجديدة من المقاومة نقطة انعكاس لتجاوز الأساليب القديمة وغير الملائمة التي ثبت فشلها مرارًا وتكرارًا. إذ أننا في منعطف تاريخي حاسم تسمح فيه التحولات السياسية في المنطقة إلى جانب التعبئة الشعبية الفلسطينية المستمرة بإعادة تقييم الاستراتيجيات الدبلوماسية السابقة، والتفكير في وجهات النظر المستقبلية بعدسة ناقدة. ينبغي إعادة التفكير في عملية السلام التي تجسدها اتفاقيات أوسلو، ورواية “الأرض مقابل السلام” التي هيمنت على الخطاب حول فلسطين على مدار الثلاثين عامًا الماضية، وتحليل أثرها بشكل نقدي على الوضع القائم في إطار القمع الاستعماري المستمر للوصول إلى فهم كامل لحدود المفاوضات وفشلها.
في الذكرى الخامسة والسبعين للنكبة، تنظم منظمة النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض) عددًا من الفعاليات ضمن حملتها الهادفة إلى تسليط الضوء على آثار هذه النكبة المستمرة والاستعمار الاستيطاني لفلسطين وشعبها، وفشل مبادرات السلام بين طرفين غير متكافئين بطبيعتهما، وإمكانية ظهور أشكال جديدة من المقاومة الساعية إلى تحقيق العدالة وتحرير فلسطين.
فعاليات البرنامج من 2 أيار/مايو إلى 5 حزيران/ يونيو 2023:
2 أيار/ مايو، كلمة ألقاها مستشاري برنامج القضية الفلسطينية، ليكس تاكنبرغ في المعهد الفرنسي للشرق الأدنى في عمان بعنوان “بعد 75 عامًا من النكبة المستمرة: تأملات في دور الأمم المتحدة في توثيق وحماية واحتواء اللاجئين الفلسطينيين” ضمن ندوة حول الهجرة واللجوء في الأردن.
7 أيار/ مايو، ندوة إلكترونية “اللاجئون الفلسطينيين من وفي سوريا: “، تديرها مريم أبو سمرة من منظمة النهضة العربية (أرض)، ويتحدث فيها: نعيم إسماعيل/ مجموعة عائدون من سوريا، ووسام سباعنة مؤسس ومدير مؤسسة جفرا ببيروت، وجابر سليمان مؤسس ومدير مركز حقوق اللاجئين (عائدون) في لبنان.
15 أيار/ مايو، تخصيص يوم إعلامي في راديو البلد إحياء لذكرى النكبة.
15 أيار/ مايو، فعالية تضامنية تعقدها منظمة النهضة (أرض) مع منظمة مجتمع مدني شبابية تضم أهالي مخيمات اللجوء الفلسطيني في المملكة (حطين، والزرقاء، والسخنة)
30 أيار/ مايو-1 حزيران/ يونيو، ورشة عمل حول آليات عمل وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) لإطلاق مشروع مدته عام واحد عن التوجه الاستراتيجي للوكالة، بناء على الدراسات الدولية الثلاث الأخيرة لتقييم عمل الوكالة.
من 15 مايو/أيار – 5 حزيران/يونيو، إصدار بيانات ومقالات ومواد إعلامية متنوعة على منصات منظمة النهضة (أرض) وهنا صوتك وتمودا.