علي سعادة يكتب: توضيح ضروري..هذا ليس تاريخا أو تحقيقا هو محاولة للفهم بعيدا عن التقليد

{title}
نبأ الأردن -

الرواة والقصاصون والحكواتية ظلموا الشخصية العربية في العصر الجاهلي، وأظهروا العرب في تلك الفترة بطريقة همجية، رغم أن قريش الوثنية، على سبيل المثال، كانت قبيلة متحضرة ومدنية فغالبية رجالاتها كانوا تجارا وملاك مواشي وبيوت وعبيد، وكانت قافلة الوليد بن المغيرة (والد خالد بن الوليد)، على سبيل المثال أيضا، تدخل من جميع أبواب مكة من ضخامتها، بلغة هذه الأيام يوضع في مجلة "فوربس" للأثرياء وكذلك حال أبو سفيان وغيرهم.
تاريخ العصر الجاهلي غالبيته انتحل ووضع، ولم تترك فترة ما قبل الإسلام أدبا مكتوبا، فهي كانت ثقافة شفوية، وكانت أقرب إلى الرواية، وهو أسلوب السرد القصصي شبه التاريخي، إلا أنه يخلو من أي نظرة تاريخية ومن التحقيق والتدقيق، وبقيت تاريخا شفويا لأكثر من 250 عاما قبل أن تدون وبالتالي دونت كما هي وفقا للقصاصين .
وبداية التدوين الحقيقي كانت مع تدوين القرآن الكريم والأحداث النبوية وكل ما يتعلق بالسيرة، ولم يهتم المسلمون بتدوين الشعر والقصص والحكايات المتعلقة بالعصر الجاهلي إلا في فترة متأخرة جدا.
أيضا لعبت الدراما العربية دورا في رسم صور بعيدة عن الواقع لرموز العصر الجاهلي قبل الإسلام، "أبو لهب"، على سبيل المثال، عبد العزى بن عبد المطلب بن هاشم هو عم النبي محمد بن عبد الله بن عبد المطلب عليه السلام، ولكن الاسم المشهور له هو "أبو لهب"، لقبه إياه أبوه عبد المطلب لوسامته وإشراق وجهه. ويظهر في الدراما شخص قبيح وبعيون جاحظة وحواجب غليظة ويتحدث ببلاهة، وحين يأكل يتساقط الطعام على كرشه وتنزلق الخمرة من لحيته.
وهذه صورة تبدو غير واقعية لشخص كان سيدا في قومه وثريا. وأيضا صورة عمرو بن هشام ( أبو الحكم) ويعرف إسلاميا بـ"أبو جهل" وذلك لقتله الصحابية سمية بنت خياط بالحربة بسبب جهرها بالإسلام وكانت عجوزا . "أبو جهل" هذا كان سيدا في قومه.
قريش الوثنية كانت تعيش بين أصحاب ديانات سماوية، في المدينة كان اليهود، وفي نجران كانت المسيحية، وكانوا على تماس مع الروم (المسيحيين) والفرس (المجوس) والأحباش(المسيحيين)، وكانت قبائل العرب تفد إليهم للحج وللتجارة، وبالتالي لم يكونوا في جزيرة معزولة عن العالم.
"أبو لهب" و"أبو جهل" ألحقا الأذى بالرسول بشكل شخصي على نحو لا يتصوره عقل، وهما في جهنم مخلدين فيها وبئس المصير.. لكن هذا شيء وسيرتهم في الجاهلية شيء أخر.
ما أردت قوله هو أن القصاصين والحكواتية ادخلوا في تاريخ العرب قبل التدوين قصصا وأشعارا حتى تناسب ذوق جمهور المستمعين لهم. ولم يحاول المؤرخون في عصر الإسلام تنقيح هذه الروايات ولم يهتموا إلا في حالات قليلة ونادرة جدا، ودققوا وحقوا فقط الروايات المتعلقة بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم وبسيرته النبوية، وما عدا ذلك تركوه للقصاصين ليكتب فيما بعد، ولم يبحثوا طويلا في "داحس والغبراء " و"البسوس" والأدب الجاهلي بشكل عام.


تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير