سمير عبدالصمد يكتب: الطاقة السلبية والطاقة الإيجابية

{title}
نبأ الأردن -

لماذا نصرُّ على أن نشحنَ أنفسنا بالطاقة السلبية؟
منذ الصباح نعيش في قلق واضطرابٍ مع خيوط الفجر الأولى، مثل: الدوام الصباحي للطلاب، فالتوقيت الصيفي يجبرهم على الخروج مبكرين (قبل طلوع الضو) تخاف عليهم من الكلاب الضالة أوعتمة الطريق أو التأخر عن الدوام، وما يتبعه من عقوبات وتأنيب.
تذهب إلى (تلفزيون عمَّان)، تستمع إلى (ياسر النسور) في برنامجه (بصراحه)، فتتفاجأ بعدد المشتكين والمتذمرين، هذا يشكو من قرارات حبس المدين، وآخر من حالة الطرق والحفر التي تصطاد السيارات، وغيره يتذمَّر من عدم شمول ابنه بقروض الجامعات، وآخر يستنكر ارتفاع فاتورة الكهرباء بدون وجه حق، وسيدة تسأل عن جدوى دمج فواتير الماء والكهرباء، وأخرى عن (عجقة) السير التي تؤخرها عن دوامها، وأخرى عن اكتظاظ المراكز الصحية، ونقص الأدوية، والمذيع الرصين يجيب بذكاء وكياسة، مُبديًا قناعته بوجهة نظرهم، مُستعينًا بابتسامة لا تفارقه، واعدًا الجميع بمتابعة قضاياهم لدى المسؤولين، وهنا تفقد جزءًا مُهمًا من طاقتك الإيجابية.





تستريح قليلًا وتذهب إلى برنامج (يحدث اليوم) في التلفزيون الأردني فتتفاجأ بكثرة المشاكل في البلديات: النفايات وبسطات الأرصفة، ومشاكل الأوتوبارك وانقطاع المياه وعدم انتظام الدوام في المدارس، وعدم اكتمال الهيئة التدريسية، والخوف من الأبنية الآيلة للسقوط على رؤوس ساكنيها، وتهالُك الطرق، والمذيع أو المذيعة يبسِّط الأمور، ويهدئ من روع المتصلين، ويتصل بالمَعنيين، بعضهم يعده بالحل (قبل أن يرتد إليك طرفك)، والبعض يُنكر أن هناك مشاكلَ ذات أهمية، وأنَّ الأمور كلها (سمن على عسل) وبعضهم يغمز من قناة المتصل ويتهمه بالمبالغة، تتابع كل ذلك فتفقد جزءًا آخر من طاقتك الإيجابية، لا تفلح ثلاثة فناجين قهوة باستردادها.





تستريح قليلًا تُعيد البحث في بعض القنوات المحلية، فتصدمك حوارات النواب وعصبيتهم، وصراخهم، وإن كنت تحاول البحث عن شيء جديد فقلما تجد، وتحس أنك قد سمعت مثل هذا الكلام مرات ومرات من قبل.





تستريح قليلًا، وعند المساء تذهب إلى قناة (المملكة) في برنامج (صوت المملكة) ليطلَّ عليك مجموعة من المتحاورين الأنيقين المتحفزين، وقد أعدوا العدة لمعركة لغوية وقانونية وفكرية، حول السبب في ارتفاع الأسعار، أو نقص الأدوية، أو التطبيقات الذكية أو ارتفاع نسب البطالة، أو سعر صحن الحمص، و(عامر الرجوب) يحاول أن يوزع الحوار بينهم بالعدل، ويطرح الأسئلة الدقيقة، بذكاء حينًا وبدهاءٍ أحيانًا، وينتهي الحوار دون أن تصل إلى نتيجة، وتكاد تحس وكأن (الدنيا خربانة) فتفقد جزءًا غيرَ قليلٍ من طاقتك الإيجابية.





تذهب إلى محطة (رؤيا) لتروِّح عن نفسك فتتفاجأ (بمحمد الخالدي) في (نبض البلد) مُتكِّأً على قبضة يديه، يناقش المختصين و(الخبراء، وما أكثرهم!) ونظراته الثاقبة تَسترِقُ النظر إلى لغة أجسادهم، هل عندنا نفط؟ هل ستنخفض أسعار المحروقات؟  هل عندنا مصادر مياه تكفي الأجيال القادمة؟  هل سنتعرض لهزة أرضية؟ وكم ستكون على مقياس رختر الذي دوخَّنا؟ تستمع وتدّعي أنك فهمت، وبالنتيجة تخرج وكأنك لا تفهم شيئًا، فتفقد ما تبقَّى من طاقتك ورغبتك، وربما يُجافي العيون نومها لساعات.





هذا يحدث دون أن تذهب لمواقع التواصل الاجتماعي التي تشعرنا بأنه لم يعد لدينا بصيص أمل، وأن الحل الوحيد أمامنا هو الهجرة، فقط لاغير (يا لطيف تلطف)





أحباءنا:
اتركوا في إعلامكم مساحة للبحث عن مصادر الجمال، فكروا في الإيجابيات، اذهبوا بنا إلى الطبيعة، ادعونا لنذهب إلى الحدائق والمتنزهات والمتاحف، حدثونا عن تاريخنا المشرق، عن قلاعنا وحصوننا وآثارنا بطريقة سهلة مبسطة، حدثونا عن الإنجازات والطموحات والمستقبل الباهر، حدثونا عن التسامح وقيم المحبة والصفح، حدثونا عن شعرائنا وأدبائنا ومبدعينا، وما أكثرهم!





التفاؤل، يا أحباءنا، يتسع لكل القلوب النقية، ولكل النفوس الصافية، اغسلوا وجوهكم بماء الحب، عطِّروا أسماعكم بالكلام الجميل، دعونا نستنشق الهواء النظيف، ونستمتع بأشعة الشمس الذهبية، ابحثوا عن منابع الفرح، وما أكثرها في بلدي! اتركوا مساحة للإيجابيين والعشاق، الباحثين عن معاني الصفاء والألفة.
اشحنونا بالطاقات الإيجابية، ما استطعتم، ورددوا معي:





ألقاكَ يا أردنُّ صبًّا عاشقًا
تدعوكَ أشواقي صباحَ مساءَ





وإليك تحملُني الأماني غضةً
فيلفُنـي دفءُ الأمانِ كِساءَ





ويهزني ألقُ الحقولِ كأنه
ذهبُ الضفائرِ مُرسَلًا لألاءَ





أنّى نظرتَ رأيتَ سهلًا ناضرًا
يُحيي النفوسَ وروضةً غنَّاءَ





ياجنةَ العشاقِ نعشقُ تربةً
عبقت جمالًا خالدًا ونقاءَ





وتضاحكَ الريحانُ في وجناتِها
وتَضوَّعَت عِطرًا ثرى وسماءَ





وافترَّ ثغرُ المجدِ يروي سيرةً
من نورِها هذا الزمانَ أضاءَ


تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير