دعوات لمجابهة الأمية بجميع أشكالها في اليوم العربي لمحوها
نبأ الأردن-أجمع متخصصون على أهمية جهود محو الأمية في جميع مستويات، لا سيما أن مفهومها اتسع ليشمل مجالات عديدة، وفي مقدمتها الأمية الرقمية.
ودعوا، في أحاديثهم مع وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إلى التصدي لكل أشكال الأمية سواء كانت أمية قراءة أو كتابة أو تخصص، مؤكدين أهمية تجسير الفجوة الرقمية الناتجة بفعل انتشار الأجهزة الإلكترونية، وسهولة استخدامها لمختلف الفئات العمرية.
وبينوا أن أكثر الفئات حاجة للتوعية الرقمية هم من تتراوح أعمارهم بين 14 و42 عاما كونهم الأكثر عرضة لمشاكل الفضاء الرقمي وتهديداته.
وقال زير التربية والتعليم، الدكتور عزمي محافظة، إن الوزارة افتتحت 144 مركزا لتعليم الكبار ومحو الأمية في العام الدراسي 2021/2022، منها 121 مركزاً للإناث، و23 للذكور، لتوفير فرص لمن حالت ظروفهم دون مواصلة تعليمهم.
وأضاف، في كلمة له، اليوم الأحد، بمناسبة اليوم العربي لمحو الأمية أن 1729 دارساً ودارسة التحقوا بهذه المراكز المنتشرة في جميع أرجاء المملكة كان منهم 1341 دارسة، و388 دارساً، مشيرا إلى أن الوزارة قدمت لهم مستلزمات الدراسة مجاناً.
وبين أنه نتيجة خطط بعيدة المدى نفذتها وتنفذها الوزارة فقد انخفضت نسبة الأمية في الأردن من 88 بالمئة عام 1952، إلى 67.6 بالمئة عام 1961، ثم إلى 19.5 بالمئة عام 1990 إلى أن وصلت النسبة في عام2021 إلـى 4.9 بالمئة، بواقع 2.5 بالمئة بين الذكور، و 7.4 بالمئة بين الإناث حسب إحصائيات دائرة الإحصاءات العامة.
وبين محافظة أن الوزارة نفذت، بالتعاون مع شركائها، برنامج تعزيز الثقافة للمتسربين، إذ افتتحت 204 مراكز، التحق فيها نحو 4378 دارساً ودارسة، إضافة إلى البدء ببناء مسودة إطار وطني لتعليم الكبار وتعلمهم، وتنفيذ برامج ومشاريع ومبادرات تعليمية وتدريبية تتعلق بريادة الأعمال والمهارات الحياتية، حرصًا منها على إكساب الشباب والكبار مهارات القراءة والكتابة والحساب الأساسية وفقًا للغاية السادسة من الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة (2030)، إلى جانب بناء منصة تعلم إلكتروني لتعزيز وإثراء برامج التعليم غير النظامي بهدف توسيع مجالات توظيف التكنولوجيا في هذه البرامج وتعزيز نهج التعليم المدمج.
بدوره، أشار أستاذ الإعلام الرقمي في جامعة الشرق الأوسط، الدكتور محمود الرجبي، إلى خطورة الأمية الرقمية والتي عرفها بأنها "عدم معرفة وسائل وطرق ومعايير إنشاء محتوى رقمي آمن، سواء كان مكتوبا أم مرئيا أم مسموعا".
وأضاف أنه يدخل ضمن الأمية الرقمية: عدم معرفة طرق حماية الحسابات الشخصية والمحافظة على الخصوصية، وضعف القدرة على كتابة محتوى على منصات التواصل الاجتماعي لا يخالف القانون، والجهل بما تسببه سلوكات معينة مثل ثقافة لقطة الشاشة "سكرين شوت"، من إشكاليات على الصعيد المجتمعي.
مدققة أمن المعلومات وخبيرة السلامة الرقمية في الجمعية الأردنية للمصدر المفتوح، تمارا المصري، أكدت أن قلة الوعي في التعامل مع الفضاء الإلكتروني، خاصة في ظل توافر الهواتف الذكية بكثرة واستخدام مختلف فئات المجتمع لها، يؤدي إلى مشكلات عديدة، ما يظهر الحاجة الماسة إلى تقديم دعم رقمي لمن يحتاجونه، لزيادة وعيهم بأساسيات التعامل مع التكنولوجيا.
وبينت أن أبجديات استخدام الهواتف الذكية ترتكز على ضمان حماية الأجهزة، والحذر من وضع الثقة في أي شخص كان وجعل الهاتف الشخصي متاحا بين يديه، وعدم تسليمه للأطفال، مشددة على ضرورة تحديد كلمات مرور سريّة قوية لا يعرفها سوى المستخدم بعينه.
ولفتت المصري إلى أهمية رفع مستوى أمان الحسابات والتصفح الآمن لشبكات الإنترنت العامة، مشيرة إلى أن الجمعية الأردنية للمصدر المفتوح توفر خطا ساخنا لتقديم الدعم الإلكتروني، يُعنى باستقبال حالات العنف الرقمي بشكل عام كانتحال الشخصية، والابتزاز أو التجسس الإلكتروني إذ يقوم أخصائيون فيها بتوفير المساعدة التقنية اللازمة وقد يتم إحالة بعض الحالات للحصول على الدعم القانوني أو النفسي.
وأوضحت أنه من الممكن للفرد التأكد من امتلاكه لأساسيات الوعي الرقمي لحماية حساباته من خلال نموذج تحديد المخاطر الرقمية، يجيب من خلاله عن 5 أسئلة لتحديد البيانات التي يرغب بحمايتها، وتبعات الفشل في ذلك، والمستوى الذي وصل إليه وما مدى الرضا عنه واستعداده لقضاء وقت في مراجعة إجراءات حماية هذه المعلومات.
من ناحيته، أكد عضو مجمع اللغة العربية الأردني، الدكتور سمير استيتية، أن مفهوم الأمية الآن أوسع من مفهومها الشائع، وهو عدم معرفة القراءة والكتابة.
وأضاف أن الحياة الحاضرة تتطلب منا أن نمارس القراءة باستمرار، كلما كان ذلك ممكنا، لأنها رياضة ذهنية، وتعمل على توسعة أفق القارئ، وتزيد من معلوماته في كل مجال يقرأ فيه، وتجعله قادرًا على أن يطوّر أفكاره، وأن يطلع على الإنجازات الإبداعية في العلم والفكر واللغة والأدب وسائر العلوم.
وبين استيتية أن نسبة ما يقرؤه الفرد العربي الواحد لا تزيد على ربع صفحة سنويا، وهي من أدنى نسب القراءة في العالم، مشيرا إلى أن الكتابة من أكثر المهارات اللغوية تراجعا في المحيط العربي.
وأضاف أنه نتج عن استهانة الناس بالكتابة أن القليلين منهم يكتبون بعربية صحيحة، ومن يعرفون لغة أجنبية يميلون إلى الكتابة بالإنجليزية، وأحيانا كثيرة يخلطون بين العربية والإنجليزية، وهذا ينطبق على مفهوم أمية الكتابة.
وأكد أن أخطر أنواع الأمية وأشدها فتكا ببناء الأجيال هو أمية التخصص، ولها صورتان خطيرتان أولاهما أن بعض المتخصصين لا يتابعون ما يستجد في تخصصهم، فيصبحون بعد مدة ليست طويلة أشبه بمن لا يعرف فيه شيئا، وثانيتهما أن كثيرين منهم لا يفهمون ما يقرأون.
وأشار موقع الأمم المتحدة الإلكتروني إلى أن اليوم الدولي لمحو الأمية، يُعد فرصة للحكومات ومنظمات المجتمع المدني وأصحاب المصلحة لإبراز التحسينات التي طرأت على معدلات الإلمام بالقراءة والكتابة، وللتفكير في بقية تحديات محو الأمية الماثلة أمام العالم، وقضية محو الأمية هي عنصر جوهري في أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة وجدول أعمال الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة.