الشلول يكتب: حادثة مستشفى السلط والخطاب النيابي والحل المطلوب
تابعت كغيري من الاردنيين حادثة مستشفى السلط الاليمة وما تبع ذلك من ردود فعل رسمية وشعبية كان من ابرزها زيارة جلالة الملك الى المستشفى مرتديا بزته العسكرية تعبيرا عن غضبه وحزنه (وحزمه) وتوعده بمحاسبة المتسببين بهذه الحادثة التي هزت وجدان الأردنيين جميعا وبلا هوادة.
كما تابعنا ما تبع ذلك من اقالات لوزير الصحة ومدير صحة البلقاء ومدير المستشفى المعني وهو إجراء طبيعي لمثل هذه الحوادث الأليمة .
وقد استمعت كغيري لكلمات السادة النواب في الجلسة التي خصصت لمناقشة هذا الحدث ، فكانت جميعها منددة وشاجبة ومطالبة بمحاسبة المتسببين بهذه الحادثة ، كما طالب عدد كبير منهم رئيس الوزراء بتقديم استقالته وذهب بعضهم الى المطالبة بتغيير نهج تعيين الحكومات للوصول الى حكومات وطنية تتحمل المسؤوليات وقادرة على إدارة شؤون الدولة .
للأسف كانت كلمات السادة النواب مكررة ومتشابهة ولو اقتصرت الجلسة على كلمة واحدة لوفت بالغرض وتم الأعلان في وسائل الاعلام عن مشاركة مجلس النواب للشعب الاردني أحزانه ومصائبه وانتهى.
اعتقد ان مجلس النواب مايزال يكرر نفسه في كل الدورات ، وبالعودة الى حوادث مشابهة كحادثة البحر الميت قبل سنوات ، وكذلك فيضانات عمان 2019 وغيرها يتأكد لنا ذلك ، حيث لم يقدم اي جديد هذه المرة فالتنديد والشجب والهجوم على الحكومة والمطالبة بإقالتها والكلام الانشائي هو نفسه ، ولم استمع الى طرح يمكن له ان يقدم حلولا جذرية لمثل هذه الحوادث ولغيرها من حوادث متوقعة لا سمح الله، وما زلنا ننظر الى الاخطاء والحوادث بأسلوب الفزعة ونوجه اهتمامنا لمعالجة الحوادث والمشكلات الآنية لمجرد ان جلالة الملك يغضب لأجلها ولولا ذلك لما اعرنا لها اي اهتمام !!!
اقول للذين يطالبون باقالة الحكومة انه ستاتي حكومة اخرى بوجوه جديدة او مكررة وسيتكرر النهج وربما ستتكرر مثل هذه الحوادث وسنعود نطالب باقالة المتسببين اوإقالة الحكومة وسيعود المشهد من جديد وهكذا دواليك ، ولذلك ليس من الحكمة والحصافة المطالبة بتغيير الحكومات بشكل انفعالي دون وضع برنامج ودون وضع تشريع يؤسس لحاكمية رشيدة تضع الثواب والعقاب عنوانا عريضا يحكم جميع المؤسسات وتكافح الفساد الاداري والمالي والمحسوبية ، واتوقع من بعض اعضاء مجلس النواب الموقر الابتعاد عن طرق ابواب الوزراء والمسؤولين لطلب الخدمات( والتسول) والتوسط لقواعدهم الانتخابية مما يعتبر احد مظاهر الفساد الذي ينبغي على النائب ان يكافحه ، اذ كيف لنائب ان يطالب بمحاسبة وزير او مسؤول وبالامس حصل منه على خدمات ومكاسب لناخبيه؟؟؟!!!
ان ما حدث في مستشفى السلط هو حلقة من سلسلة ربما سيتكرر مثلها في مؤسسات ودوائر خدمية اخرى ، ولان الحادث له علاقة بارواح مواطنين فقد برز الى العلن ونال كل هذا الاهتمام ، لكنني على يقين بان هناك حوادث مشابهة لم تأخذ بعدا اعلاميا لا يتسع المجال لذكرها.
ولذلك كله فانني اؤكد بأن تحديد المسؤولية والثواب والعقاب والحساب هو السلاح الفعال في الوظيفة العامة ، ولتطبيق ذلك فاننا بحاجة الى تفعيل الاجهزة الرقابية في الوزارات والمؤسسات والدوائر الحكومية كافة وتوسيع صلاحياتها وربطها فنيا بهيئة النزاهة ومكافحة الفساد لاعطائها الصفة القانونية و نوعا من الردع ، وبغير ذلك سنبقى نشهد تجاوزات وحوادث مشابهة ولن يتغير النهج وسنبقى ندور بنفس الفلك والى الابد ، وبهذا الصدد ينبغي ان يكون هناك دور وشراكة للنواب في مسألة الرقابة والمتابعة لأداء الدوائر الحكومية جنبا الى جنب مع الدوائر الرقابية .
العميد المتقاعد: عبدالناصر الشلول