جلسة نقاشية حول منظومة الحماية من العنف بين الواقع والتحديات

{title}
نبأ الأردن -

نبأ الأردن- نظمت اللجنة الوطنية لشؤون المرأة، اليوم الثلاثاء، جلسة نقاشية حول منظومة الحماية من العنف بين الواقع والتحديات، لتسليط الضوء على أهم التحديات والتوصيات، ضمن الحملة الدولية السنوية 16 يوما لمناهضة العنف ضد المرأة.
وقالت الأمين العام للجنة الوطنية لشؤون المرأة، المهندسة مها العلي، إن "اجتماعنا اليوم يعد أحد الأنشطة التي تنفذها اللجنة الوطنية لشؤون المرأة، في إطار الحملة الدولية 16 يوما لمناهضة العنف ضد المرأة، والتي تعقد هذا العام بجهد مشترك مع المجلس الوطني لشؤون الأسرة، وشبكة شمعة، وعدد من المنظمات الدولية، ومؤسسات المجتمع المدني، تحت شعار "وطنا بتقدم وبكبر.. وأسرنا بدون العنف بتعمر".
وبينت رؤية الفريق الوطني لشؤون الأسرة بالتركيز على موضوع العنف الأسري، لما له من أهمية كبيرة في ظل تزايده خلال جائحة كورونا، حيث تعد الأسرة لبنة المجتمع وأساس بنائه وتقدمه، وأي عنف داخل الأسرة أو خارجها على النساء يؤثر سلبا عليها وعلى المجتمع.
وأكدت العلي أن أهمية هذه الجلسة النقاشية تكمن في التوعية بمنظومة الحماية في الأردن التشريعية والخدماتية، ومناقشة الجانب الإعلامي والتطبيقي والتشريعي والخدماتي، إضافة للسعي بإخراج توصيات تبين المطلوب في المرحلة المقبلة في هذه المنظومة، للحد من العنف الأسري وخاصة على المرأة.
بدوره، قال الأمين العام للمجلس الوطني لشؤون الأسرة، الدكتور محمد مقدادي، إن الأردن بدأ بالنهج التشاركي عبر تأسيس منظومة الحماية منذ إنشاء إدارة حماية الأسرة في عام 1997، وفي عام 2000 كان هناك مشروع لرفع كفاءة العاملين من ضباط الشرطة، جنبا إلى جنب مع بناء الكفاءات الأخرى، من المجتمع المدني والقطاع العام في قطاع التربية وتعليم والصحة والتنمية الاجتماعية.
وبين أن هؤلاء الشركاء قاموا بوضع خطة خمسية ترتقي بمنظومة الحماية، الذي يعد أساس إنشاء الفريق الوطني لشؤون الأسرة، وتوسع هذا الفريق ليصل اليوم إلى ما وصل إليه بالشراكة مع 32 مؤسسة، لمناقشة جميع قضايا الأسرة والسياسات الوطنية والقوانين المتعلقة بالحماية من العنف الأسري.
وأشار مقدادي إلى أنه أُنتج خلال هذه الفترة مجموعة من لجان تقصي الحقائق للبحث في المشاكل التي واجهت المؤسسات خلال عملها، خاصة أسباب جرائم القتل داخل الأسرة، لافتا إلى أنه بعد مراجعة وتقصي حقائق هذه الجرائم، أُدخلت هذه الحالات ضمن المنظومة، لمعرفة كيفية معالجة الخلل في التعامل مع مثل هذه القضايا.
وبين أن المصفوفة تعد من الأولويات الوطنية لتعزيز منظومة الحماية من العنف المبني على النوع الاجتماعي وحماية الطفل وشملت الفترة 2021- 2023، وتم التركيز على معرفة الأولويات لمواجهة المشكلات على أرض الواقع وصعوبات توفير الخدمة.
ودعا مقدادي إلى رفع وعي المجتمع بالمفاهيم وقضايا العنف المختلفة كالمتعلقة بحق الآخر واحترامه، أو التبليغ والمساعدة،
بالإضافة إلى ضرورة وجود برامج وأنشطة لتغيير وتعديل المفاهيم المتعلقة بحماية الأسرة ونبذ العنف الممارس في حقها، مشيرا إلى وجود نقص في كفاءة العاملين في مجال قطاعات الأسرة وعددهم، وأخصائيي علم النفس الأسري، بما يؤثر سلبا على توفير الخدمات المطلوبة في هذا المجال.
وعن قانون الحماية من العنف الأسري ومقترحات التحسين والتطوير، قالت رئيسة ديوان التشريع والرأي سابقا، فداء الحمود، إن "أهم إضافة للدستور الأردني في المادة 6 هي إضافة كلمة الأردنيات، وتمكين المرأة ودعمها لتقوم بدور فاعل في بناء المجتمع بما يضمن تكافؤ الفرص على أساس العدل والإنصاف، وحمايتها من جميع أشكال العنف".
وبينت أن حمايتها من العنف دليل على أهمية المرأة، مما يستدعي من العاملين على منظومة الحماية مراجعتها ومعرفة مدى كفايتها امتثالا للأمر الدستوري، مشيرة إلى أن قانون الحماية من العنف لعام 2017 يعتبر نقلة نوعية مقارنة بقانون 2008، حيث تضمن كثيرا من النقاط التقدمية في مجال الحماية من العنف الأسري، لكننا نطمح دائما للتجويد والتحديث لمواكبة التطورات.
وأوضحت الحمود أن من عيوب هذا القانون احتوائه على بعض الأحكام التي تعطي خصوصية في قضايا العنف كالتسوية، ومحاولة إنهاء القضية للمحافظة على الأسرة، لكنه في الوقت نفسه يفتقد للإجراءات الخاصة في التعامل مع قضية العنف الأسري والتعامل مع بعض الأحكام الموضوعية.
وعن إجراءات القضاء في التعامل مع العنف الأسري، قالت العين القاضي إحسان بركات، إن العنف الأسري قضية لا تليق بالمجتمع الأردني، لأنها تتعارض معه دينا وعرفا وأخلاقا، خاصة في ظل تزايد نسب العنف الأسري، حيث سجلت هذا العام 35 جريمة قتل أسرية.
وأكدت استدعاء ذلك مواجهة حكيمة من خلال المنظومة التي كان لها دور في الردع الجمعي للأشخاص الممارسين لهذا النوع من الجرائم، مع أن المنظومة بحاجة إلى تحديث لمواكبة الإجراءات تشريعيا وقضائيا.
وبينت بركات أن هناك بعض القضايا الخاصة بالعنف الأسري تم النص عليها قانونيا، لكنها لم تحدد آليات معينة تمكنهم من التقيد بإجراءات مباشرة، مؤكدة ضرورة قوننتها وعدم تركها للأشخاص بما يرونه مناسبا، لأن الرؤى تختلف من شخص إلى آخر.
وأشارت إلى أن العنف الجسدي يلقى اهتماما قضائيا أكثر من العنف اللفظي، الذي يشمل الذم والقدح والتشهير والتحقير، موضحة وجود نصوص خاصة في جرائم الإيذاء الجسدي والعقوبات الواجبة للتطبيق، ولافتة إلى لزوم التشدد في التوقيف في حالات العنف الأسري، لأن القوانين وضعت للمحافظة على السلم المجتمعي وتطبيقها على الجميع بشكل متساوي.
ودعت بركات إلى إيجاد غرف متخصصة تضم باحثين اجتماعيين وقصاة نظاميين وقضاة شرعيين مختصين بقضايا العنف الأسري.
من جهتها، تناولت عضو مجلس الأعيان، الدكتورة عبلة عماوي، محور التفاعل المجتمعي مع منظومة الحماية من العنف من جهة الإحصاءات والبيانات والتوزيع الجغرافي، حيث تختلف نسبة العنف حسب الحالة الزواجية ونسبة التعليم والفئة العمرية.
وبينت أن أعلى نسبة حالات عنف سجلت في مدينة الزرقاء والبلقاء، وأقلها في محافظة الكرك وعجلون، داعية إلى دراسة أسباب هذا التفاوت، بالإضافة إلى التركيز على فئة اللاجئات وذوي الإعاقة.
وأشارت عماوي إلى أن 67 بالمئة من السيدات اللواتي تعرضن للعنف لم يبلغن عن ذلك أو يطلبن المساعدة، وأن نسبة السيدات المتزوجات أقل عرضة للعنف من المطلقات والأرامل، علما بأن التعرض للعنف العاطفي هو الأعلى ويليه العنف الجسدي ثم الجنسي.
وأضافت عماوي أن أعلى أسباب العنف ضد المرأة هو الشعور بالغيرة والغضب عند محادثة الآخرين، والإصرار على معرفة أماكن تواجدهن، أو ممارستهن لبعض السلوكيات، لافتة إلى أنه كلما زادت نسبة التعليم انخفضت نسبة العنف.
وعن دور الإعلام في تعزيز منظومة الحماية من العنف، بينت الصحفية، نادين النمري، أن الإعلام الأردني يشهد حاليا أعمالا فردية تسلط الضوء على قضايا العنف، وليس عملا جماعيا ممنهجا له سياسة واضحة، بل يرجع الأمر في النشر أو عدمه لرؤساء التحرير ومدراء المؤسسات الإعلامية.
وأشارت إلى أن هناك أدوارا إيجابية وأخرى سلبية للإعلام، فعلى الرغم من تسليطه الضوء على ضحايا العنف إلا أنه قد يتسبب أحيانا في وصم الضحية ومضاعفة الأذى دون قصد، ما يستدعي حذرا في تغطية حالات العنف والإلمام بالقوانين والتشريعات الناظمة في هذا المجال.
وأضافت أن الإعلام قد يساهم بنقل صورة غير كاملة أو صحيحة، خاصة في ظل وفاة الضحية المتعرضة للعنف، ونشر دفاع الجاني عن نفسه كمسلمات، والحكم على الضحية بالخطأ وتبرير الجريمة.
وأكدت النمري شراكة الإعلام مع مؤسسات المجتمع المدني، موضحة أن الإعلام لا يقدم أخبارا فقط، إنما له دور أساسي في عدم تنميط المرأة في الفن والدراما، عبر تناول التعنيف كمشهد "كوميدي" مسل، بل يجب النظر له من زاوية جادة تعالج مواطن الخلل في مفاهيمها.
وناقش مشاركون في الجلسة الثانية التي أدارتها رئيسة جمعية حماية ضحايا العنف الأسري داليا الفاروق، الخدمات المقدمة لضحايا العنف الأسري "المعيقات والتحديات". وتحدث مدير ادارة حماية الاسرة في مديرية الأمن العام العميد بلال العواملة، حول كيفية التعامل مع حالات العنف الاسري الواردة للادارة، فيما عرض مدير إدارة الحماية والأحداث في وزارة التنمية الاجتماعية احمد الزبن، للخدمات التي تقدمها الوزارة لضحايا العنف الاسري.
كما تحدثت الدكتورة وسام أبو علي من وزارة الصحة، حول الجوانب الصحية لضحايا العنف الاسري، ودور الوزارة في التعامل مع هذه الحالات، في الوقت الذي تحدثت فيه مكرك ابو عودة من اتحاد المرأة حول دور مؤسسات المجتمع المدني في تقديم الخدمات المختلفة لضحايا العنف.
كما عرضت رنا أبو السندس من جمعية معهد تضامن النساء الأردني، للتحديات التي تواجه تقديم خدمات المساعدة القانونية لضحايا العنف الأسري.
وركزت توصيات الجلسة الحوارية على جملة من التوصيات، أبرزها ضرورة زيادة التوعية بأهمية إنهاء العنف الأسري، وعدم تقبل وتبريره، وتعزيز وتأمين الحماية الشاملة لضحاياه.
وشددت التوصيات على ضرورة تحسين نوعية الخدمات المقدمة لضحايا العنف الاسري، وزيادة كفاءة وعدد العاملين في هذا المجال، وأهمية تقييم تطبيق قانون الحماية من العنف الاسري لبيان مجالات التحسين اللازمة، اضافة الى فرض عقوبات مشددة على الجناة المكررين لحالات العنف الاسري وعدم التهاون في هذه العقوبات.
واكد المشاركون في الجلسة أهمية إجراء المزيد من الدراسات، التي تحلل وتبحث أسباب وجذور العنف الأسري، والتركيز على التربية الإيجابية النابذة والرافضة للعنف، وتفعيل الشراكات بين جميع المؤسسات الإعلامية لتفعيل الأدوار الإيجابية للإعلام في الحد والتوعية من العنف الأسري.


تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير