(الزراعة بدون تربة) إحدى التقنيات التي دخلت الى القطاع الزراعي في الاردن لتسهم في تحقيق الامن الغذائي
نبأ الأردن-اصبحت الزراعة المائية (الزراعة بدون تربة) إحدى التقنيات التي دخلت الى القطاع الزراعي في الاردن في نهاية التسعينيات من القرن الماضي كتقنية جديدة أدخلها المركز الوطني للبحوث الزراعية إلى الأردن لتسهم في تحقيق الامن الغذائي.
ويقول الباحث في المركز الوطني للبحوث الزراعية المهندس عماد الشنيكات «للدستور «يصنّف الأردن كإحدى أكثر الدول فقرا في المياه و التي تواجه ضغطاً على الموارد المائية ، حيث أن ما يخصص للفرد الواحد هو دون 100م3 /السنة من المياه العذبة، نظرا لمحدودية المصادره الطبيعية للمياه، والاعتماد الكلي على مياه الامطار الموسمية، فيما يستهلك القطاع الزراعي في الأردن نحو %50 من إجمالي المياه التي يحتاجها سنوياً، أو تقريبا اكثر من 500 مليون متر مكعب سنويا، مما يرتب على عملية الانتاج الزراعي مواجهة تحدي نقص كمية ونوعية مياه الري المتاحة، ومحدودية البُنى التحتية للحصاد المائي لتوفير كميات المياه اللازمة للأمن المائي، وبالتالي ينعكس على محدودية الأراضي الزراعية المتاحة، نتيجة لعوامل التغير المناخي المتمثلة في تذبذب كميات مياه الامطار، وارتفاع في معدلات درجات الحرارة التي تؤدي الى زيادة نسبة التبخر وفقدان كميات كبيرة من المياه وعدم استغلالها في مياه الري، الامر الذي يشكل تحديا كبيرا في نمو وازدهار قطاع الانتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، وبالتالي انخفاض المساهمة بالناتح المحلي الاجمالي علاوة على ذلك، تحديات ومشكلات اخرى تتمثل في ارتفاع معدلات البطالة وخصوصا في صفوف المهندسين الزراعيين، وما يترتب عليه من توسع رقعة الفقر والبطالة».
واضاف الشنيكات»ايمانا وابتداءا من حديث صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين (حفظه الله) بقلب التحديات الى فرص، وجب علينا كلا في مجال علمه وتخصصه النظر في مواجهة هذه التحديات وتحليلها، واستنباط الافكار والطرق المثالية لمواجهة تحديات ومشكلات الانتاج النباتي، والوصول الى مستوى أمن غذائي دائم، لأن التقدم التكنولوجي في مختلف القطاعات يساهم في الحد من تطور مثل هذه التحديات في شتى مجالات الحياة، فالتكنولوجيا والتقنيات الزراعية الحديثة تعمل بشكل مباشر في تقليل شدة وزخم مثل هذه التحديات والمشاكل الزراعية، وهنا نتحدث عن احدى هذه الطرق وهي استخدام تقنيات الزراعة بدون تربة».
وبين الشنيكات ان الزراعة بدون تربة تعني نمو جذور المحاصيل المختلفة في اوساط زراعية مختلفة غير التربة الزراعية التقليدية، فهي قائمة على ثنائية المحلول المغذي والوسط الزراعي، فمن خلال استخدام هذه التقنية يتم تقليل استخدام المياه بنسب تصل الى 50 % واكثر، وايضا هناك تأثير ايجابي على كميات الانتاج كماً ونوعاً، وزيادة الانتاجية لوحدة المساحة مع المحافظة على كميات المياه المستخدمة، بل في بعض الاحيان التقليل من هذه الكميات المستخدمة لاغراض الري للمزروعات، حيث انه يتم اضافة الماء المزود بالمحلول المغذي الذي يحتوي على جميع العناصر الغذائية التي يحتاجها النبات بتراكيز معينة وفي منطقة الجذور مباشرة، بحيث يتم ضمان وصول هذه المحلول الى منطقة جذور النبات وبقائه محصورا في هذه المنطقة دون وجود هدر سواء للماء او العناصر الغذائية، كما هو الحال في التربة الزراعية التقليدية والتي يمكن فيها ان ينشر السماد الى مناطق ابعد من منطقة الجذور وبالتالي لا يستفاد منها مما ينعكس على ارتفاع نسبة الملوحة في هذه التربة وهي احدى المشاكل الفنية المرتيطة بالانتاج النباتي بالطرق التقليدية».
ويلفت الشنيكات الى انه يوجد عدة اشكال وانماط من تقنية الزراعة بدون تربة نظرا لاستخدام عدة انواع من الأوساط الزراعية المستخدمة ( الماء ، التوف البركاني ، الكوكوبيت / قشور جوز الهند و ايضا الصوف الصخري وغيرها)، وجميعها تعتبر اوساط خاملة تعمل على تثبيت النبات والاحتفاظ بالماء لفترة جيدة حول الجذور والمزود بالعناصر الغذائية اللازمة لنمو النباتات وتصنف الى نوعين من حيث نظام التصريف هما المغلق حيث يتم اعادة تدوير استخدام المياه الخارجة من النظام مرة اخرى الى نفس النباتات، والمفتوح بحيث يتم استخدام مياه الصرف الخارجة الى مواقع زراعة اخرى في نفس المزرعة».
ويشير الشنيكات الى ان المملكة الاردنية الهاشمية بدات بادخال هذه التقنية منذ اواخر التسعينات، من خلال عدد من البحوث العلمية الزراعية التي يجريها المركز الوطني للبحوث الزراعية ( الذراع البحثي العلمي لوزارة الزراعة الاردنية) وتطبيقها لدى عدد من المزارع، واظهرت النتائج حينها ان هناك مستقبلا واعدا لاستخدام مثل هذه التقنيات في الانتاج الزراعي الاردني، ومنذ ذلك الوقت لاقت رواجا لدى العديد من المزارعين حتى الوقت الحالي ، حيث تم تبني هذه التقنية لدى العديد من المزارع الكبيرة والمتميزة والتي قامت بالتطوير والتحديث عليها بما يواكب ما تم التوصل اليه في التقدم العلمي والصناعي في تجهيز هذه التقنية.
وايضا انتشرت تطبيقاتها في الاردن في المنازل، بحيث اصبحت من الممارسات والهوايات المنزلية وفي تطبيقات زراعة الاسطح داخل المدن بهدف تلبية الاحتياجات العائلية من الخضار الاساسية وزراعة انواع مختلفة من النباتات مثل الزينة لغايات الديكور وتجميل الاسطح والبلكونات وايجاد متنفس طبيعي في المنزل.
ويؤكد المهندس الشنيكات انه لا بد هنا من التنويه الى ان التطبيق العشوائي لهذه التقنية، ومحاولة ايجاد مشاريع زراعية صغيرة منتجة، تكون في اغلب الاحيان غير مجدية من الناحية الاقتصادية، ونعني بالمشاريع الزراعية الصغيرة هي تلك التي يتم تنفيذها على اسطح المنازل او حتى على مستوى بيت زراعي واحد حيث ان لكميات الانتاح دور في انجاح تنفيذ مثل هذه المشاريع على النطاق التجاري، وبالتالي الكميات الصغيرة نتيجة لصغر المساحة المتاحة قد لا تلقى قنوات تسويقية جيدة، وايضا النتاج السلبي لتنفيذ مثل هذه المشاريع والمتمثل باستخدام كميات المياه اللازمة للري على حساب حصة الفرد من مياه الشرب المنزلية، وهذا ليس من الاهداف التي ينظر لها في استخدام تقنيات الزراعة بدون تربة، حيث ان تطبيق هذه التقنية على مستوى مشاريع زراعية متوسطة او كبيرة تعظم من الفائدة المرجوة من تطبيقها، فعملية الانتاج النباتي لمختلف المحاصيل تتطلب المهارات الفنية اللازمة لتوفير جميع الممارسات الزراعية من اختيار الوسط الزراعي الملائم والري وخلطات الاسمدة بالتراكيز المطلوبة بالاضافة الى الظروف البيئية الملائمة لنموها وبالتالي الحصول على اعلى معدل انتاج، فيما اذا قورن بالانتاج بظروف غير مدروسة او غير معلومة
وبالتالي يمكن العمل على انشاء مجمعات مشاريع زراعية متوسطة الى كبيرة، منفذه بطرق علمية صحيحة وسليمة، من خلال تشجيع تنفيذ مثل هذه المشاريع واختيار اصناف ذات مردود اقتصادي عال، ويتطلب لتنفيذ مثل هذه المشاريع ان يكون القائمين عليها ذوي علم ودراية بالعلوم الزراعية، بالاضافة الى خضوعهم لدورات تدريب متخصصة، وهذا يعتبر من الحلول الناجعة والتي تبشر للمستقبل بتعظيم الفائدة من تطبيق هذه التقنيات، وايضا زيادة مستوى الأمن الغذائي ومواجهة التغيرات المناخية لافتا ان مثل هذه المشاريع الزراعية تتطلب كلف مرتفعة عند بداية تنفيذها، نظرا لعدم توفر مصانع لتصنيع انظمة الزراعة بدون تربة وبالتالي يحتاج في اغلب الاحيان لاستيرادها، و ايضا تحتاج لإدخال مواد وأجهزة وظروف بيئية مسيطر عليها ومتطلبات اخرى يحتاج اليها لضمان نمو سليم للنباتات وبالتالي الانعكاس الايجابي المباشر على الانتاج كما ونوعا، وبالتالي تعتبر كلف انشائها التأسيسية مرتفعة.