أسعد العزّوني يكتب: لماذا تخلو البرلمانات العربية من المثقفين؟

{title}
نبأ الأردن -


سؤال يراودني منذ زمن بعيد وهو :لماذا تخلو البرلمانات العربية من المثقفين ،شعراء وكتاب وأدباء وغير ذلك من المكونات الثقافية الملتزمة التي لا يهمها البحث عن مصالحها الضيقة،بل جل ما يهمها هو رفعة وطنها وسمو أمتها ،لأنها عندما يصل الوطن والأمة إلى درجة الرفعة والسمو ،ستكون بخير.
عندما يبدأ الماراثون الإنتخابي في الدول العربية،يتم إستفزازنا كمواطنين بتعليق صور المرشحين للمجالس البرلمانية ،وربما نبذة قصيرة جدا عنهم،ويكونون بطبيعة الحال من الفاسدين إلا من رحم ربي ،وفيهم الرويبضة والمتكلفين الذين ينقصهم بطبيعة الحال الولاء والإنتماء الصادقين،لأنهم متسلحون بالولاء والإنتماء الكاذبين،ويؤتى بهم ليس لملء فراغ فحسب ،بل لتمرير قضايا فساد تهدف لتدمير المصالح العليا للوطن أي وطن،وعند تقييم أدائهم في المجلس نجد أنهم أبعد الناس عن تمثيل أي فئة من فئات شعبهم سوى فئة الفاسدين.
من المرشحين إلى البرلمانات العربية رتب عسكرية بكافة التشكيلات المحالون إلى التقاعد،ولا أدرى ما هي امكانية هؤلاء العسكريين الذين قضوا حياتهم في الخنادق والمعسكرات والمخافر محاطون بهالات كبيرة ،أن يتفاعلوا في المجلس بمرونة مطلوبة عند نقاش مشاريع القوانين ،ومحاولات محاسبة الحكومة؟ويقيني أنه يؤتى بهؤلاء لضبط مسار العمل البرلماني وفق ما يراد له ويحقق خدمة تيار محدد.
هناك العديد من المرشحين للبرلمانات العربية من فئة رجال الأعمال والمقاولين وأصحاب الشركات الأثرياء،ولا أدري كيف سيكون أداؤهم في البرلمان وهم الذين قضوا حياتهم يعملون من أجل أنفسهم ويعقدون الصفقات المشبوهة المغمسة بالفساد ،بهدف تحقيق الأرباح لجيوبهم ،ويمارسون الرشاوى والفساد وربما نسجوا علاقات وثيقة مع متنفذين ليكون حماة لهم.
السؤال هنا هل سيعمل هؤلاء حقا من أجل الشعب،أم أنهم سيكرسون وجودهم لتحقيق مصالحهم وتوسيع دائرة فسادهم ،بحكم أنهم إكتسبوا السلطة والثروة ،وينطبق ذلك على بعض الوزراء أو رؤساء الوزراء الذين ينتمون لفئة رجال الأعمال الذين يستغلون مناصبهم لتوسيع دائرة عملهم وحجم ثرائهم بقوانين يتم تفصيلها خصيصا لهم.
هناك صنف آخر من المرشحين وهو بعض النساء اللواتي ينتمين لطبقات ثرية متنفذة ،ولا أدري إن كانت هذه الفئة ستتخلى عن طبقيتها في المجلس وتعمل لصالح بنات جنسها المسحوقات من الفقر والتهميش؟ويقيني أنهم سيعملن وفق مصالح طبقتهن الثرية المتنفذة،لذلك فإن المطلوب هو فسح المجال لنساء متعلمات من الطبقة المتوسطةعلى الأقل لتمثيل الفئات المهمشة من المجتمع.
ما أردت الوصول إليه هم أن البرلمانات العربية بصبغتها الحالية ،عبارة عن أوكار فساد وتخريب وحتى أمية ،لأن البعض من البرلمانيين يحافظ على فمه مغلقا طيلة فترة إنعقاد جلسات البرلمان ،وبعضهم في حال وجد من يكتب له خطابا يعتدي على سيبويه وفريقه اللغوي بالنووي لعدم معرفته أصول القراءة.
نحن لا نفرض على صناع القرار إفساح المجال للمثقفين لدخول البرلمانات العربية ،لأن هذه الفئة أصلا مهمشة ويمارس عليها الإقصاء وفقيرة،ناهيك عن أن المثقف العربي الملتزم مغضوب عليه من قبل دوائر صنع القرار،ولا نريد ان نذهب بعيدا ونقول ان قوائم الناجحين يتم التوقيع عليها حتى قبل بدء الماراثون الإنتخابي ،ومع ذلك نتمنى إفساح المجال للمثقفين والملتزمين أن يخوضوا التجربة ويصبحوا اعضاء في البرلمانات العربية ،ويقيني أنهم سيضيفون شيئا إيجابيا لهذه البرلمانات التي تتحدث بصوت دوائر صنع القرا ر فقط.


تابعوا نبأ الأردن على