"عبيدات" يدعو إلى خلق فضاء إلكترونيّ للغة العربية للوصول إلى ثروة معرفية تُفضي إلى إنتاج غزير

نبأ الأردن - قال رئيس الجامعة الأردنية الدكتور نذير عبيدات، خلال مشاركته اليوم في انطلاق أعمال "مؤتمر اللسانيات الحاسوبية واللغة العربية: التصورات والتطبيقات والتطلعات"، المنعقد في جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية في العاصمة الإماراتية أبو ظبي "إذا أردنا النهوض بالعربية فلا بد من التأكيد على أنّ الموارد اللّغويّة الخاصة بالعربية ستبقى العنصر الأساس في البنية التحتيّة اللّغوية، تدعمها تطبيقات متقنة سهلة الاستعمال تستدعي القارئ ليزيد شغفا على شغفه بهذه اللغة الساحرة، وفقط عندها، ستكون العربية جزءًا رئيسًا من التنمية الصناعيّة المنشودة".
وأضاف عبيدات "وإن كان لي أن أقول في هذا اليوم كلامًا في حقّ العربيّة، فلا أجمل من أن أستذكر وأستدعي أولئك العباقرة الذين قالوا كلّ جميل من مفردات وجمل وأبيات وقصص سطّروها في ذاكرتنا وحفروها في وجداننا عبر العصور الخالدة بلغة اسمها العربيّة"، مستشهدا بأبيات شعرية لعنترة وكعب بن زهير وحافظ إبراهيم وشاعر الأردن عرار تغنت بجمال هذه اللّغة وعذوبتها.
وتابع قائلا "ها أنتم اليوم في هذا المؤتمر، وفي جامعة محمّد بن زايد أصحاب أياد قويّة قادرة على إحراز أجمل الأهداف وأكثرها روعةً بحلّ ألغاز التكنولوجيا وتثبيت أسماء ومفردات وشعر قاله العرب، وما زالوا، ليراه الناس خلال الفضاءات المتاحة على الشبكة العنكبوتية".
وزاد عبيدات أنه لا بد من التركيز على الأدوات التكنولوجية والمحتوى الخاص باللغة حجما ونوعا حتى لا تتسرب الشوائب لرافعة التكنولوجيا، لافتًا إلى أنه لا بأس من اهتمام المختصين بالتطوير التجاريّ بفنون اللّغة العربيّة، وهذا الأمر يتطلّب من الجامعات العربيّة أن تركّز على المنهجيات العامّة في تكنولوجيا اللّغات وتعليمها لطلبتها لتكون أحد المنتجات الخاصة بالتعليم الجامعي.
وأكد أنه لا بد من الإشارة أيضا إلى ضرورة التعاون مع خبراء اللّغات الأخرى، لا سيّما الناطقين باللّغات الأكثر انتشارًا في العالم، سواء في أوروبا أم أمريكا، والأهمّ أن يتعاون العرب في ما بينهم من خلال تشاركيّة جريئة بين الباحثين وأصحاب الصناعات والأعمال حتى يكون المحتوى الرّقميّ عنصرًا رئيسيا في إنتاج المعرفة وتحقيق النّمو.
وبين عبيدات أن حوسبة اللغة العربية ستمنحنا القدرة على الوصول إلى ثروة المعرفة المطبوعة من خلال الحفظ الرّقميّ الذي سيفضي إلى إنتاج غزير إن أردنا، وهذا بالتأكيد يتطلب زيادة محتوى اللّغة العربيّة الرّقميّ وإنتاج محتوى رقميّ غير عربيّ من خلال ترجمة ما كتبه الآخرون، كما لا بد أن يُفتح الباب على مصراعيه لمحتوى رقميّ جديد للمعرفة يُجيب فيه الباحثون في التخصصات الإنسانية عن أسئلة لم يجد الآخرون إجابات عنها بعد.
وأوضح أن ما فعله الأجداد، حين نقلوا علوم الآخرين ووصفوها وكتبوا الجديد، كانت العليا، واستطاعوا بها تعليم البشريّة أنّ لغتهم قادرة على الإبداع والرّيادة والابتكار، متسائلا عن السبب وراء عدم إعادة هذا المجد والبدء بحفظ اللغة العربية ونتاجها العلمي.
ودعا عبيدات إلى الاهتمام بخلق فضاء إلكترونيّ شاسع يعجّ بمفردات العربيّة، التي تحمل نكهة الشّرق وعذوبة ألوانه كما حمل التّجّار العرب اللغة والحضارة للآخرين في طريق الحرير الطويل، طريق التّجارة والتبادلات الاقتصاديّة الأهمّ في ما مضى من الزّمان.
وثمّن عبيدات في ختام كلمته جهود القائمين على المؤتمرو من فكّر بخير لغتنا وأمّتنا وتاريخنا وموروثنا الحضاري، ومن عمل على خلق رؤية واقعيّة لتتناثر أحرف العربيّة ومفرداتها ومصطلحاتها في أثير هذا الكون وفضائه الرّحب الواسع، ومن سيمنح كتّابنا وشعراءنا وعلماءنا فرصة الوصول إلى عقول الآخرين وقلوبهم ويجعل الحياة أكثر محبّةً وسلامًا وعدلًا وجمالًا.
ولفت إلى أن الجامعة الأردنيّة، التي يمثلها اليوم في هذا الملتقى، تتمنّى للغتنا العربيّة الخير والبقاء وتؤمّل أن تحظى بنجاحات عظيمة؛ لأنّنا ندرك أنّ اللّغة وعاء الفكر، وهي المعبّر عن أفئدة الناس وخواطرهم.
وتحدث خلال افتتاح أعمال المؤتمر رئيس المجلس العلمي الأعلى لجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي الشيخ عبد الله بن بيه، ورئيس مجلس أمناء الجامعة الدكتور حمدان مسلم المزروعي.
ويهدف المؤتمر، الذي يشارك فيه نخبة من الباحثين والأكاديميين من مختلف أنحاء العالم، إلى الاهتمام بالبحث العلمي والنهوض باللغة العربية واستخدامها في المجالات الحديثة، وتعزيز حضورها عالميًّا، وتنسيق الجهود البحثية لخدمتها على النحو الأمثل، وإتاحة الفرصة لإقامة شراكات علمية ودراسات بينية في مجال حوسبة اللغة، واستعراض أحدث الدراسات والبحوث الأكاديمية والتطبيقية، والاستفادة من البرمجيات والتقنيات الحديثة في تدريس اللغة العربية، واستشراف آفاق البحث والتطبيق في مجال اللسانيات الحاسوبية والدعم مستقبلا، إضافة إلى تطوير الدرس اللساني العام والعربي تحديدا، وطرح الأفكار والرؤى حول تطوير تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، وتحديد معالم التحديات المتعلقة بالإيجابيات والسلبيات في توظيف التقنية في تعليم اللغة العربية، والتواصل بين المختصين والباحثين في حقول المعالجة الحاسوبية للغة العربية على نطاق العالم العربي والعالم كله، إلى جانب دراسة الإمكانات لتحويل الأبحاث النظرية إلى تطبيقات عملية خدمة للغة العربية، والتواصل مع الشركات والجهات ذات العلاقة بالمعالجة الحاسوبية للغة العربية من خلال مشاركتهم في المؤتمر وعرض برمجياتهم ومنتجاتهم والاستفادة من خبراتهم وجهودهم في هذا الصدد.