رسالة متأخرة إلى أبي ذر الغفاري .. (الشاعر سمير عبدالصمد)
وعلى شفا الصحراءِ جُرحٌ أخضرُ
من ألفِ عامٍ لم يزل يتكررُ
حينًا، تُسَـكِّـنُـهُ الهمومُ فينطوي
إنْ ضَجَّ، تذروه الرياحُ فيُنـثَـرُ
فوضى على الحالين لا يَدري بها
إلا الذي قد أرهقـتـهُ الأعصرُ
هي رحلةُ الملهوفِ تَحمِلُ رِحلَـها
وتخوضُ أرجاءَ الفِجاجِ وتَـعبُـرُ
قد لوَّحت شمسُ الظهيرةِ وجهَهُ
لكنَّ عـزمَ يقينِـهِ لا يُقـهَـرُ
اطلق لِراحلةِ السبيلِ عِـقالَها
لتظلَّ في لُججَ البوادي تَمخُرُ
قد أثخنتها في القيودِ مواجعٌ
فلعلَّـها من هَـمِّها تتحررُ
واحمل متاعَكَ، فالحياةُ قصيرةٌ
وردٌ يشيخُ، وكَرمةٌ لا تُـعصَـرُ
ومَجاهلُ الصحراءِ فَـجٌّ واسعٌ
لا ظلَّ فيها، أو سحابةَ تُمطِـرُ
لكنما بالفكرِ يُـزهِـرُ قَفرُها
وتموجُ بالعقلِ الخصيبِ وتُثمرُ
واقرأ سلامَكَ للذين تفرَّدوا
مَسَّتهمُ الأرضُ اليبابُ فأزهروا
وابذر لهم قمحَ الحقيقةِ كي يروا
أرضَ البيادرِ من غِـلالِكَ تُـغـمَـرُ
وتقولُ للشاكي قساوةَ دهرِهِ
قُـم من سُباتِـكَ أيُّها المتدثرُ
ذَر يا غريبُ، حلاوةَ الدنيا، فما
أحلامُـها إلا دُمًى تتكسَّرُ
واذهب إلى كُـنهِ الحياةِ وسرِّها
فسرابُـها للعاجزينَ الكوثـرُ
يا مُنقِذَ العُبَّـادِ من غُلوائهم
يا مُلهِـمَ الزُّهَّادِ أن يتطهروا
يا لائذًا بالصمتِ، صمتُكَ ناطقٌ
للباحثينَ عن الحقيقـةِ مِـنبَرُ
ياليتَـهُ، مِصباحَ فِكرِكَ، في يدي
لِيُضيءَ دربَ المُدلجينَ لِـيعبُروا

























