يا صاحب الظل الطويل.. رياضتنا في خطر ونحتاج للمدرب كارتر
نبأ الأردن- رندا البياري
عزيزي يا صاحب الظل الطويل…
استوقفتني بعض كلمات في فيلم سينمائي أميركي يجسد شخصية مدرب كرة السلة "كين كارتر" في مدرسة ريتشموند، والذي كان له أسلوب مميز في تهذيب لاعبو فريقه قبل تدريبهم، اقرأ معي هذه الكلمات إذا سمحت يا عزيزي.
"أخشى ما نخشاه ليس أننا ناقصون، بل إن أعمق مخاوفنا هي كوننا أقوياء للغاية، إنه نورنا وليس ظلامنا الذي يخيفنا بالأكثر، اختيارنا العمل على نطاق ضيق لا يخدم العالم من حولنا، لا فخر في أن ننزوي ونقلل من شأننا فقط حتى لا يشعر آخرون بعدم الأمان لوجودنا بجانبهم، نحن جميعا مخلوقون لكي نشع النور مثل الأطفال الصغار، هذا النور ليس حكرا على فئة قليلة منا، بل هو موجود في داخل كل واحد منا، حين ندع ذلك النور بداخلنا يشع ويشرق على وجوه الآخرين، فنحن بشكل غير مباشر نعطي الإذن للآخرين كي يتألقوا مثلنا، حين نتحرر من خوفنا الداخلي، ساعتها يصبح وجودنا سببا كافيا لتحرر الآخرين مثلنا بشكل تلقائي"، هذا كان جواب أحد أعضاء فريق كرة السلة الأمريكية لمدربه كارتر الذي تعمد أن يحفزه بسؤال صغير لكن معناه كبير، ما أكثر شيء تخاف منه…؟؟
ونتساءل نحن بالرياضة الأردنية ما أكثر شيء يخيفنا…؟؟ هل هو الخسارة في البطولات أم نخاف من عدم وجود قدوة رياضية يُحتذى بها سواء قائد أو لاعب أو مدرب أو حتى اعلامي، ألا ترى معي اننا نحتاج الى قائد محنك يقود الرياضة الأردنية، لا أعنى المدرب فقط بحد ذاته بل القادرون على صناعة السياسة الرياضية.
عزيزي…. لقد تحدثت مع بعض رؤساء الاتحاد وخبراء الألعاب الرياضية، لأستشف منهم أين الأخطاء التي نقع بها في الرياضة الأردنية وبالتحديد الجماعية، فتحدثت مع الدكتور تيسير المنسي رئيس اتحاد كرة اليد وقال لي جملة جوهرية:
د. المنسي : لا يوجد طريق مختصر للنجاح
"لا يوجد طريق مختصر للنجاح"، هذه الكلمات الهامة التي قالها، وتابع حديثه: " التخطيط طويل المدى مع إدارة محنكة وخطة تلامس الواقع هو الحل الوحيد للارتقاء بأي لعبة، ويجب البدء من البراعم والفئات العمرية المختلفة في الاكاديميات الرياضية لصناعة رياضي شامل وليس صناعة لعبه معينة للاعب، بمعنى الاهتمام بلياقته البدنية والذهنية معاً بوجود بيئة حاضنة وتوفير مدربين اكفاء".
وأكد المنسي ان الاحتكاك داخل المعسكرات الرياضية مهماً جداً للأكاديميات، مضيفاً انه لن يكتمل ذلك الأمر الا بوجود منظومة رياضية سليمة من إدارة ومدربين يستحقون مراكزهم، وبين ان فشل اللعبة يعود دائماً لفشل الإدارة واختيار مدربين من فئة المحسوبيات وهذا خطأ متداول في الأكاديميات والاتحادات على حد سواء.
صوقار: لا يوجد مشاريع حقيقية للتطوير
بدوره أكد المحاضر الدولي والمدير الفني للاتحاد الفلسطيني بكرة القدم نهاد صوقار، على أن إطلاق مشاريع تطوير حقيقية والاهتمام بالقاعدة الركيزة وتطوير نوعية البطولات وبشكل خاصة الفئات العمرية، بالإضافة الى تحسين البطولات المدرسية وتوقيع شراكة مع الجهات ذات المصلح، وإعادة هيكلة دائرة التدريب وتحسين نوعية الدورات التدريبية والبنية التحتية بالشراكة مع الاكاديميات، وأضاف: "لا يوجد حسب معرفتي مشاريع حقيقية للتطوير".
وأكمل صوقار نظرته عن المعضلات التي تواجه كرة القدم الأردنية، حيث قال لي يا عزيزي كالتالي: "المعوقات كثيرة أهمها عدم اهتمام الأندية بالفئات العمرية بالتالي عدم وجود بطولات منتظمة تلبي طموح تطوير كرة القدم، فضعف منظومة الأندية والمديونيات الكبيرة التي ترزح تحتها الأندية اثرت بشكل كبير على التراجع الملحوظ للعبة كون دعم الحكومة للرياضة بشكل عام وكرة القدم بشكل خاص متدني".
عليان : "يجب ان تكون الرياضة جزء من حياتنا اليومية"
عزيزي يا صاحب الظل الطويل، هذه الجملة التي ركز عليها رئيس اتحاد كرة السلة محمد عليان، فلم يكن رأيه بعيداً عمن سبقوه فتحدث بكل وضوح عن أساسيات الرياضة لتطوير الألعاب الجماعية لنرتقي بها في المستقبل فقال لي: " النظام والالتزام هما الأساس في حياتنا الرياضية، لذا يجب تنظيم اللعبة من الأساس في المدارس والتي هي أهم من الأكاديميات، فنجاح الاكاديميات الرياضية سببه ضعف الاتحادات، وقوة الاتحاد تعني لعبة قوية صاحبة إنجازات وتغني عن وجود الأكاديمية الرياضية.
العلوان: التشريعات مشكلة الرياضة الاردنية
بدوره بين الدكتور بشير العلوان أن المشكلة الاساسية في الرياضة الاردنية عموماً تكمن في منظومة التشريعات ونوه ان القوانين والأنظمة لا تساعد كونها موضوعة بحيث لا تفرز الكفاءات العاملة في الاتحادات والأندية الرياضية وحتى اللجنة الاولمبية، واعتبر ان المعضلة الكُبرى تتمثل بعدم وجود مصادر دخل ثابتة لمعظم الاندية الرياضية وبالتالي فإنها تقوم على نظام الفزعة وحتى الاندية التي لديها موارد لا يتم استغلالها بالشكل الجيد والمناسب.
وأكد على مشكلة غياب المحاسبة الحقيقية في الاندية والاتحادات الرياضية في حال التقصير او الفشل لان نظامنا قائم على الفزعة أساساً، وبين ان الإدارة في مؤسساتنا الرياضية قائمة على نوع من العلاقات الإنسانية وفق مصالح ضيقة وغياب السياسة الواضحة في معظم مؤسساتنا الرياضية، وأشار الى عدم وجود ثقة متبادلة بين اللجنة الاولمبية والاتحادات الرياضية وذلك واضح الان في الية صرف المخصصات الخاصة بتلك الاتحادات السنوية، حيث ان المبالغ المخصصة لكل اتحاد غير عادلة وتتم وفق العلاقات الشخصية بين الأشخاص المسئولين عن تلك الاتحادات وعلاقتهم داخل اللجنة، وانتقد عدم منح الحوافز والفرص التي تمكن الإفراد من التعلم والنمو والتي تدعم احتياجات العمل السليم.
واعتبر علوان أن بيئة العمل المتعلقة باللاعبين والمدربين بيئة غير امنة وغير مريحة من الناحية المادية بحيث تغطي احتياجاتهم الشخصية والعائلية وسبب ذلك اعتماد الاتحادات على الوفر المالي المتاح والذي هو اصلا غير كافي للإعداد الجيد بالنسبة للاعبين منتخبات وطنية وعدم القدرة على التكيف مع ذلك لان فاقد الشيء لا يعطيه.
وأكد علوان على غياب المسئولية الواضحة وعدم وجود محاسبة حقيقية في حالة الاخفاقات وعدم تحقيق نتائج أو إنجازات في البطولات المختلفة، وحتى أننا نُعيد تعيين بعض الاشخاص بعد الاستغناء عنهم في حالة الفشل وبعد إبعادهم بعد فترة وجيزة وعدم البحث عن البديل، وختم حديثه بأن الامر في النهاية بحاجة إلى إعادة النظر في جميع الانظمة والتعليمات الناظمة للعملية الرياضية في الاردن والعمل على توفير الامكانات اللازمة لذلك، وبدون هذه الخطوات سنظل نراوح مكاننا ولكن ان نبدأ متأخرين خير من لا نبدأ أبدا.
عزيزي ….يؤكد جميع الخبراء في مجال الرياضة الاردنية ان المعضلة الرئيسية التي تقف حائلاً أمام تطور رياضتنا تتلخص في ضعف التشريعات الرياضية، التي يتم تفصيلها للأشخاص وليس على مقاس الوطن، ليتولى إدارة عدد من الاتحادات لا يملكون اي خبرات في هذا المجال، ولا يملكون القدرة على وضع الخطط المناسبة أقصيرة كانت أو متوسطة أو طويلة، لذا لا نجد مشاريع حقيقية واضحة للتطوير والبناء، كما ان اللجنة الاولمبية فشلت في تحويل الرياضة إلى نهج حياة في ظل قيام الاتحادات بتقليص القاعدة الرياضية، وقيام الاولمبية بتقليص الهيئات العامة.
لذا فرياضتنا تحتاج لوضع الشخص المناسب في المكان المناسب، ووضع لوائح واضحة للتطور الفني وأخرى خاصة بالمحاسبة، وإبعاد الحسابات الشخصية التي كانت سبباً في إلحاق الضرر بعديد الاتحادات الرياضية، وتحتاج رياضتنا للمال لكن الاولمبية والاتحادات فشلت في إيجاد نظام تسويقي لبطولاتها يُقنع الشركات بضخ أموالها في دعم الرياضة، وبعدها على الخبراء الحقيقين وضع الخطط الشمولية المناسبة لكل لعبة بذاتها كما يجب الاهتمام بالفئات العمرية التي تشكل المنجم الحقيقي للمواهب.
نحتاج الى تطبيق الحلول يا صاحب الظل الطويل…انتظر مني الرسالة التالية