الأردن .. ثمانيني يصنع مجسماً لقريته المهجرة بفلسطين
نبأ الأردن- لم يتمالك الثمانيني، "صالح سميح الشغنوبي"، نفسه بعد الإنتهاء من تنفيذ المجسم الكامل لقريته المهجّرة "الشيخ مونس"، فترك الجميع، وجلس على كرسيه أمامها ليشتمّ رائحة الأطلال، مستذكراً تلك اللحظة من طفولته عندما دخلت القوات الإسرائيلية إلى فلسطين واحتلت القرية، وبدأ مشوار الهجرة القاسي مشياً على الأقدام.
على الرغم من مرور أكثر من سبعة عقود من الزمن على تهجير القرى الفلسطينية، إلا أن الأجيال السابقة من المهجرين مازالت تستذكر طفولتها بين أزقة المدن والقرى المهجرة وتتمسك بحق العودة، رغماً عن الاحتلال الذي يستوطنها ويمنع سكانها من الرجوع إليها، ويحاولون تعريف أبنائهم وأحفادهم بديارهم المسلوبة، في انتظار العودة يوماً إليها.
الشيخ مونس، الواقعة في مدينة يافا المحتلة، واحدة من 24 قرية أزالتها إسرائيل، وهُجّر سكانها الأصليون عام 1948، ليصبح التشرد السمة السائدة لأهاليها اللاجئين داخل وطنهم وفي الشتات.
"أنا من هناك" عمل فني يحاكي واقع قرية الشيخ مونس بكل تفاصيلها الدقيقة، كما كانت في العام 1948. ويقول الحاج صالح الشغنوبي، أننا حين ندعوا لكتابة التاريخ بطريقة فنية مبتكرة، فمؤكد أننا نطلب شهادات متوازنة وحقيقية، ومؤكد كذلك أننا نريد للأجيال القادمة قراءة تاريخ وطن لاسيرة ذاتية، وفي هذا العمل نجسد ذاكرة المكان والزمان بالصورة، ونخلد ذكرى أناس عاشوا على تلك الأرض.
ويؤكد الحاج صالح الشغنوبي، وهو يسترق النظر إلى هذا العمل، بأنه وعلى الرغم مما أحياه من ذكريات جميلة، إلا أنه يبدو أحياناً وكأنه لوحة ألم على جدار القلب ينحت مآسي شعب أجبر على ترك موطنه، ليختبر مرارة التهجير واللجوء، قبل أن يجد ملاذا له على امتداد الخارطة العالمية.
عمل فني هو الأول من نوعه يختصر حكاية شعب في شقيها الجميل، الحامل للأمل بالعودة، والمظلم المثقل بالتجارب الحزينة في زمن الحرب، وتلك الأحداث المليئة بألم التهجير والشوق للوطن الأم.
وأنهى الحاج صالح حديثه معنا بقوله، هذا العمل " أنا من هناك " اتى ونحن لا نزال على قيد الحياة، ولأننا عايشنا تلك الفترة، وُلدنا في قرية الشيخ مونس، لعبنا في أحيائها وحاراتها، وبين أزقتها، درسنا في مدرستها، وجالسنا آباءنا وأجدادنا، ونقدمه لكل من ينتمي بإسمه وكنيته ودمه إلى الشيخ مونس، ومن أجل الذاكرة وعدم النسيان كي لا نكون عوناًعلى شطب الذاكرة الوطنية الفلسطينية، وشطب القضية برمتها.