ترامب يطالب باستعادة قاعدة باغرام.. وصور تكشف "ألاعيب" طالبان
نبأ الأردن -
كشفت صور أقمار صناعية وتحليلات استخباراتية مفتوحة المصدر أن استخدام طالبان للقواعد الجوية التي ورثتها بعد انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان عام 2021 لا يزال محدودًا، رغم مطالب الرئيس الأميركي دونالد ترامب باستعادة قاعدة باغرام الجوية، التي وصفها بأنها "إحدى أكبر القواعد الجوية في العالم".
ووفقًا لتحليل أجرته صحيفة "واشنطن بوست" بالتعاون مع خبراء في تتبع النزاعات المسلحة، فإن طالبان أعادت ترتيب منشآت قاعدة باغرام عبر نقل حاويات شحن وبناء جدران جديدة لعزل القاعدة عن الرؤية الخارجية، دون مؤشرات واضحة على نشاط عسكري واسع خلال السنوات الأربع الماضية.
وكان مطار باغرام في السابق يعجّ بالطائرات الحربية الأميركية والأفغانية، إلا أن الصور الحديثة تُظهر طائرات مرسومة مباشرة على أرض المدرج، يُعتقد أنها مجسمات تمويهية صُممت لخداع المراقبة الجوية.
وقال ويليام غودهيند، المحلل الجغرافي في مشروع "Contested Ground"، إن هذه الرسومات "لم تتحرك منذ انسحاب القوات الأميركية، ما يشير إلى غياب فعلي للطائرات العسكرية".
وأفادت هيئة المفتش العام الأميركي الخاص بإعادة إعمار أفغانستان في تقرير عام 2023 بأن القوات الأميركية تركت أكثر من 7 مليارات دولار من المعدات العسكرية لدى الجيش الوطني الأفغاني.
شمل ذلك أكثر من ربع مليون بندقية، وهو عدد يكفي لتسليح كامل قوات مشاة البحرية الأميركية، ونحو 18 ألف نظارة رؤية ليلية، وهو ما يكفي لتجهيز الفرقة 82 المحمولة جوًا في الجيش الأميركي.
في البداية، سعت طالبان لاستخدام قاعدة باغرام لأغراض عسكرية ومدنية، مع إعلان نيتها تحويلها إلى منطقة اقتصادية خاصة. غير أن وزارة الصناعة والتجارة التابعة لطالبان أقرت، لأول مرة علنًا، بإلغاء هذه الخطط.
وقال المتحدث باسم الوزارة، أخوندزاده عبد السلام جواد، إن "التقييمات الفنية خلصت إلى أن تحويل المنشآت العسكرية إلى مراكز اقتصادية يتطلب عمليات هدم وإعادة بناء واسعة، ستكون مكلفة وتُلحق ضررًا بالقطاع العسكري".
ويرى أسفنديار مير، الزميل في مركز ستيمسون للدراسات الاستراتيجية، أن ذلك يعكس التحديات الأوسع التي تواجه طالبان في محاولة الانتقال من اقتصاد يعتمد على المساعدات إلى اقتصاد مكتفٍ ذاتيًا، مؤكدًا أن "أفغانستان لا تعاني نقصًا في المطارات، بل في البنية التحتية للنقل مثل السكك الحديدية لنقل المعادن والعناصر النادرة".
وفي مطار كابل، أظهرت الصور قيام طالبان منذ عام 2021 بنقل طائرات مخزنة أو متوقفة عن الخدمة إلى ساحات الوقوف، في إطار ما وصفه الخبراء بمحاولة "تجميع المعدات المستولى عليها والاستفادة من قطع الغيار".
وشملت الطائرات المرصودة طائرات هجومية خفيفة من طراز A-29 سوبر توكانو، ومروحيات UH-60 بلاك هوك، إضافة إلى طائرات نقل من نوع C-130 هيركوليز وسيسنا 208، وعدد من مروحيات Mi-17، بحسب محللين في شركة "Janes" الاستخباراتية.
ورغم افتقار طالبان لعدد كافٍ من الطيارين والفنيين، قال مسؤول أمني باكستاني إن الحركة تلجأ إلى السوق السوداء للحصول على قطع غيار، ما يثير مخاوف إقليمية بشأن إعادة تشغيل بعض القدرات الجوية.
وتأتي هذه التطورات في ظل توتر متزايد بين كابول وإسلام آباد، بعد اشتباكات حدودية الشهر الماضي على خلفية اتهامات باكستان لطالبان الأفغانية بإيواء عناصر "طالبان باكستان".
ويرى محللون أن القدرات الجوية الحالية لطالبان قد تكون فعالة ضد جماعات مسلحة محدودة التسليح، لكنها لا تمثل تهديدًا لدولة نووية تمتلك أحد أكبر الجيوش في العالم مثل باكستان.
ومع ذلك، حذر محلل الدفاع الباكستاني سيد محمد علي من أن هذه الأصول قد تساعد طالبان على "تسريع نقل القوات والمعدات وتحسين وتيرة الحشد" في حال تصاعد الصراع.
ورغم أن قندهار تُعد مركز القيادة الأيديولوجية لطالبان، إلا أن صور الأقمار الصناعية تشير إلى تراجع حاد في النشاط العسكري هناك، حيث بدت القاعدة الجوية شبه خالية من الطائرات، مع انخفاض ملحوظ في الإضاءة الليلية مقارنة بفترة الوجود الأميركي.
وفي المقابل، لا يزال مطار كابل يشهد نشاطًا مكثفًا، مع بناء طالبان عشرة أبراج حراسة جديدة بين عامي 2023 و2024، وتشديد الإجراءات الأمنية حول المطار، الذي كان هدفًا لهجوم انتحاري لتنظيم داعش خلال الانسحاب الأميركي عام 2021.
ويرى مراقبون أن تركيز طالبان على كابل يعكس إما ضعفًا في الموارد، أو صراع نفوذ داخلي بين جناح قندهار المحافظ وشبكة حقاني الناشطة في العاصمة وشرق البلاد. ويخلص مير إلى أن السيطرة على كابل هي مفتاح الحكم، وأي تراجع عنها يترك فراغًا خطيرًا.

























