يورانيوم النيجر يشعل صراع النفوذ.. صفقة روسية "ضخمة" تثير قلق الغرب

{title}
نبأ الأردن -
تثير الأخبار حول إمكانية بيع النيجر 1000 طن متري من اليورانيوم إلى روسيا قلقًا متزايدًا في باريس وعواصم أوروبية أخرى، نظرًا لما يكتنف هذه الصفقة من مخاطر جيوسياسية وأمنية.

ووفق مصادر حكومية فرنسية لصحيفة "لوموند"، فإن الصفقة التي يُرجح أن تصل قيمتها إلى 170 مليون دولار بين المجلس العسكري بقيادة الجنرال عبد الرحمن تياني وشركة روساتوم الروسية، تهدف إلى نقل اليورانيوم من مخزون منجم أرليت في شمال النيجر، حيث تُخزن نحو 1400 طن متري من الكعكة الصفراء، إلى ميناء لومي في توغو قبل شحنه إلى روسيا.

مسار النقل والمخاطر الأمنية

تخطط السلطات النيجيرية والروسية لقافلة مكوّنة من حوالي 30 شاحنة لعبور بوركينا فاسو، وهو مسار محفوف بالمخاطر الأمنية، إذ تسيطر عليه جماعات جهادية مثل جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، وتنظيم داعش في منطقة الساحل.

كيف غيّر انسحاب الغرب "خريطة النفوذ" في مالي والنيجر وبوركينا فاسو؟

ويعد تأمين هذا الطريق أحد أهم التحديات، ويتطلب تعاونًا مع الحكومات المحلية في بوركينا فاسو وتوغو.

وأشار مصدر أمني فرنسي رفيع المستوى للصحيفة إلى أن روساتوم ليست بحاجة حالية لهذا المورد، وأن احتمال تنفيذ الصفقة قد يرتبط بالضغوط الروسية لدعم حليفها النيجر الذي يواجه أزمة مالية خانقة.

على الجانب الآخر من النيجر، نفى مسؤول حكومي وجود أي اتفاق لبيع اليورانيوم، مؤكدًا أن بلاده لن تُخاطر بسلامة الشحنات عبر مناطق غير آمنة.

النزاع التاريخي مع فرنسا

تعود جذور الأزمة إلى انقلاب، العام 2023، الذي أطاح بالقوى الفرنسية في النيجر، مما دفع المجلس العسكري للبحث عن شركاء جدد، من بينهم روسيا.

وأدى ذلك إلى تأميم شركة "سوماير" الفرعية التابعة لشركة أورانو الفرنسية، التي كانت تُسيطر على منجم أرليت منذ 1971، ما تسبب في توتر العلاقات بين النيجر وباريس.

بعد زيارة تياني لـ"مثلث الموت".. المتشددون يشنون ردا انتقاميا ضد النيجر

يتمحور النزاع الحالي حول 1400 طن متري من الكعكة الصفراء مخزنة في أرليت، بقيمة سوقية تقدر بـ حوالي 250 مليون يورو، إذ يدعي كل من أورانو والنيجر ملكية المخزون.

وأصدرت محكمة المركز الدولي لتسوية منازعات الاستثمار حكمًا يلزم النيجر بعدم بيع أو نقل أي جزء من اليورانيوم إلى أطراف ثالثة.

من جانبها، نفت شركة روساتوم مشاركتها في أي اتفاق مباشر، رغم الإشارة إلى إمكانية تدخل شركات خارجية، كما لا يوجد نشاط ميداني حالي على أرض المنجم.

تواجه النيجر ضائقة مالية كبيرة منذ العام 2024، ما دفعها لمحاولة بيع مخزون أرليت لعدة دول، بينها إيران والصين، لكن المفاوضات مع روسيا تقدمت بشكل أسرع.

وفي 28 يوليو 2024، وقّعت روساتوم ووزارة الطاقة النيجرية مذكرة تفاهم للتعاون في القطاع النووي المدني، ما أثار المخاوف الفرنسية والدولية بشأن إمكانية إعادة توجيه اليورانيوم نحو برامج تخصيب نووي عسكرية محتملة.

من جانبها، زارت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، برئاسة رافائيل غروسي، النيجر في مارس 2025، لتقييم مستقبل مخزون سومير، وقد ركزت الزيارة على ضمان الشفافية ومنع المخاطر النووية، معتبرةً أن أي صفقة لروسيا قد تُعد أقل تهديدًا من بيع اليورانيوم لإيران.

تداعيات جيوسياسية وأمنية

تنطوي الصفقة على مخاطر مزدوجة: أولاً، التهديد الأمني أثناء النقل عبر مناطق مسلحة في الساحل الأفريقي؛ وثانيًا، التداعيات الدولية على علاقات النيجر مع فرنسا والدول الغربية، خاصة مع استمرار النزاع القانوني بين أورانو والحكومة النيجرية.

من ناحية باريس، أي بيع محتمل لليورانيوم إلى روسيا يُمثل ضربة للأمن النووي الأوروبي، إذ يُثير مخاوف استخدام المواد في برامج عسكرية أو انتهاك الاتفاقيات الدولية الخاصة بالرقابة على الصادرات النووية.

"خلافات حادة".. نزاع جديد بين النيجر وفرنسا حول استغلال اليورانيوم

في المقابل، ترى النيجر أن الصفقة تمثل فرصة لتخفيف الضغوط المالية وتعزيز استقلاليتها عن الشركاء التقليديين، خاصة فرنسا.

وفي حال تنفيذ الصفقة، فإن مراقبة قوافل اليورانيوم ستتطلب تنسيقًا دوليًا شاملًا لتقليل المخاطر الأمنية، بما في ذلك التعاون الاستخباراتي والعسكري مع بوركينا فاسو وتوغو.

أما السيناريو الأكثر احتمالًا وفق مراقبين فرنسيين، فهو أن الضغوط القانونية الدولية والرقابة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد تمنع فعليًا نقل المخزون قبل تسوية النزاعات القانونية.

تُظهر القضية تعقيد التوازن بين الاستقلال المالي والسيادة الوطنية للنيجر من جهة، والأمن النووي والمصالح الدولية من جهة أخرى.

كما أن أي خطوة أحادية الجانب في بيع اليورانيوم الروسي قد تؤدي إلى توترات سياسية وقانونية، بالإضافة إلى مخاطر أمنية عالية على الأرض، في ظل سيطرة الجماعات المسلحة على أجزاء من الطريق.

وبالتالي، يظل مستقبل مخزون أرليت النووي محوريًا ليس فقط بالنسبة للنيجر وروسيا، بل أيضًا للأمن النووي الدولي واستقرار منطقة الساحل.
تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير