لين العطيات تكتب:الشباب الأردني.. بين التيه والتحول" “وزارة الشباب… ما بين الحاضر الغائب ومستقبل ينتظر القرار”

نبأ الأردن -
في هذا الوطن الذي يزهر بأصوات الشباب، نسمع كثيرًا عن كونهم "ثروة الوطن"، لكننا نراهم في الشوارع والجامعات وعلى الأرصفة كأنهم بقايا أحلام لم تُكتمل. جيلٌ يحمل على ظهره تركة من الأزمات الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، لكنه رغم كل ذلك يقف شامخًا، يصر على الأمل، ويبحث عن معنى وجوده في وطن لم يمنحه دائمًا ما يستحق.
الشباب الأردني اليوم ليس جيلًا ساذجًا، ولا عابرًا في زمنه، بل هو جيل واعٍ، نقدي، يعرف حجم التحديات التي يواجهها، ويعرف أيضًا أن التغيير لا يُهدى… بل يُنتزع بوعي، وبنَفَس طويل، وبإرادة صلبة. لكن السؤال الأكثر إلحاحًا: هل تملك الدولة مؤسسات تستطيع أن تكون حاضنة حقيقية لهؤلاء الشباب؟ أم أن الأمر سيبقى مجرد شعارات تُردد في المؤتمرات والاحتفالات؟
تحديات عميقة في الواقع الشبابي
بطالة تحاصر الأحلام:
كيف يمكن أن نحلم بجيل يبتكر، وهو غارق في انتظار فرصة عمل قد لا تأتي؟ البطالة لم تعد رقمًا اقتصاديًا فحسب، بل تحولت إلى أزمة نفسية واجتماعية تهدد القيم والدافعية لدى الشباب.
محدودية المشاركة السياسية:
الشباب يراقبون المشهد السياسي وكأنهم غرباء. يشعرون أن دورهم محصور في دور المتفرج، لا الفاعل، وكأن القرار محجوز لفئة قليلة بعيدة عن نبضهم وأحلامهم ورغم المحاولات المؤسسية لاشراكهم بذلك مازال دورهم غائب لأن من يصنع الأثر ويبني الفكرة هو من الشباب نفسه.
مركزية العاصمة وتهميش الأطراف:
شباب الأطراف يشعرون أنهم خارج معادلة التنمية، وكأن التنمية مشروع في عمان فقط، بينما المحافظات الأخرى تقتات على الفتات .
غياب برامج مواكبة للعصر:
نحن نتحدث عن جيل رقمي، يسابق العالم بفكره وابتكاره، بينما البرامج المطروحة تقليدية لا تلبي حاجته ولا تستفز قدراته مازالت هناك مدارس لا تفعل أجهزتها المحوسبة لليوم ومنهج الحاسوب يعد لهم منهجاً رقميا فقط.
إقصاء الخبرات الدولية:
أغلب الشباب الأردني لا يعرف شيئًا عن الزمالات الدولية، أو فرص تبادل الخبرات الإقليمية، وكأن الأردن معزول عن العالم الخارجي إلا عبر شاشات الهواتف.
ما الذي يمكن أن تقدمه وزارة الشباب؟
1- إشراك حقيقي للشباب
حان الوقت أن يكون الشباب شركاء حقيقيين في صناعة القرار، لا مجرد جمهور يصفق في المؤتمرات. المطلوب: إنشاء مجالس شبابية تمثل كل محافظات المملكة، وتكون جزءًا من رسم السياسات الوطنية حيث أن أفرداها يتغيرون ويستبدلون ضمن آليات معينة كل فترة فهذه الشرعية حق للجميع .
2- تحديث المراكز الشبابية
تحويل المراكز من قاعات إسمنتية خاوية إلى منصات للإبداع، حاضنات للمشاريع، ومساحات حرة تتيح للشباب التعبير عن أنفسهم متابعات ورصد وإدماج .
3- فتح بوابات العالم للشباب الأردني
لماذا لا تبني الوزارة شراكات إقليمية ودولية مع مؤسسات شبابية رائدة؟
لماذا لا تطلق زمالات تبادل خبرات مع شباب دول أخرى، لنتعلم من تجاربهم وننقل تجاربنا؟
لماذا لا نرى معسكرات شبابية إقليمية تجعل من الأردن مركزًا لإنتاج الأفكار وتصديرها بدلًا من استهلاكها؟
4- دعم الصحة النفسية للشباب
إن شبابًا مضغوطًا ومحبطًا لا يمكنه البناء. المطلوب برامج حقيقية لدعم الصحة النفسية والتفريغ الانفعالي للشباب، عبر فرق متخصصة ومبادرات مجتمعية.
5- ربط التعليم بسوق العمل
آن الأوان للخروج من عباءة الشهادات الجامعية إلى المهارات العملية. الوزارة تستطيع بناء شراكات مع القطاع الخاص لتدريب الشباب وتأهيلهم مباشرة لاحتياجات السوق.
فلسفة جديدة للشباب الأردني
الشباب ليسوا عبئًا اقتصاديًا، ولا رقمًا انتخابيًا مؤقتًا. إنهم أمل الوطن، وعقله، وقلبه النابض. في كل شاب أردني فكرة قابلة للانفجار، وابتكار قادر على تغيير مجرى الأمور، لكنهم بحاجة لوزارة تعرف كيف تفتح النوافذ بدل أن تغلق الأبواب.
الشباب الأردني يريد أن يحيا في وطن يُشبه طموحه، لا أن يغادره حاملًا حقيبته وخيبته معًا. يريد أن يتن اعتباره شريكًا لا تابعًا، صانعًا لا مستهلكًا، قائدًا لا متفرجًا.