أحمد نضال عواد يكتب: التضامن مع غزة: بين رمزية الإضراب وفعالية العمل

{title}
نبأ الأردن -
في خضم المأساة الإنسانية التي تعيشها غزة، تتصاعد الدعوات للتضامن مع أهلها، وتتعدد أشكال التعبير عن هذا التضامن بين الإضرابات والوقفات والفعاليات الرمزية. إلا أن السؤال الجوهري يظل قائماً: كيف يمكن أن نترجم هذا التضامن إلى فعل حقيقي يُخفف الألم عن أهلنا في القطاع دون أن يُرهق اقتصادنا الوطني الذي يُمثل العصب الحيوي لاستمرار الدعم؟ فبين الإضرابات التي تُعطل مؤسساتنا التعليمية والاقتصادية، وبين المبادرات العملية التي تعزز قدرتنا على العطاء، تكمن الحاجة إلى اتخاذ خيارات مدروسة ومسؤولة.

حين يعلن طلاب عن إضراب دراسي أو تتوقف بعض القطاعات عن العمل تضامنًا، فإن ذلك يطرح تساؤلات حول مدى نجاعة هذه الخطوات. فتعطيل المدارس والجامعات أو شلّ الحركة في المؤسسات الإنتاجية لا يسهم فعليا في توفير الأدوية أو إرسال شاحنات المساعدات إلى غزة، بل قد يؤدي إلى تقليص القدرة على تمويل هذه المساعدات. الأردن وبقيادته الهاشمية وجيشه العربي المصطفوي كان وما يزال أول المساندين للقضية الفلسطينية وجلالة الملك عبداللّه الثاني بن الحسين يحفظه اللّه بنفسه باشر كسر الحصار من خلال تنفيذ الانزالات الجوية الاغاثية.

الأردنّ يدرك أن الدعم الحقيقي لا يقوم على تعطيل مواردنا، بل على استدامة إنتاجها وتوجيهها نحو الغايات النبيلة ومساندة الأشقاء.

من هذا المنطلق، تبرز مبادرة "التبرع بيوم عمل" كخيار عملي وفاعل للتضامن. بدلاً من تعطيل يوم العمل، إذ يمكن للمؤسسات والشركات والهيئات أن تقتطع نسبة من أرباحها على نحو مستدام وتوجهها مباشرة لصالح حملات الإغاثة عبر الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية، التي أثبتت عبر السنوات مصداقيتها وقدرتها التنظيمية في إيصال المساعدات إلى مستحقيها.

أما على الصعيد السياسي، فإن التجارب التاريخية تؤكد أهمية الوحدة والتكامل العربي وأهمية وجود مشروع وطني أردني ومشروع عربي لمساندة الأشقاء وقضايا الأمة العادلة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وأهمية وجود موقف عربي وإسلامي وإنساني مشترك في وجه كافة الانتهاكات الإنسانية وجرائم الإبادة التي يتم ممارستها في حق المدنيين بقطاع غزة.

وتعزز هذه الرؤية تصريحات الاتحاد العام لنقابات عمال الأردن، التي حذرت من مغبة الإضرابات غير المبررة، مشيرة إلى أن كل يوم يتم فيه تعطيل العمل يكلف الاقتصاد الأردني ملايين الدنانير، كان من الممكن أن تُخصص لدعم غزة. ولا يمكن إغفال أن هذه الخسائر تطال قطاعات حيوية كالصحة والتعليم، وهي قطاعات يعتمد عليها الآلاف من الفلسطينيين في تلقي العلاج والمنح الدراسية، ما يجعل استمرارها أولوية إنسانية ووطنية.

إنّ أبطال الجيش العربي هم من يشكلون خط الدفاع الأول عن الأردن وفلسطين معاً، والأردن القوي هو المساند الحقيقي للشعب الفلسطيني، وقد نبه جلالة الملك حديثاً خلال لقائه مجموعة من المتقاعدين العسكريين عن وجود جهات خارجية هدفها زعزعة الأمن الوطني ما يجعلنا أمام استحقاق تعزيز الجبهة الداخلية للدولة الأردنية وتعزيز التماسك المجتمعي والوقوف إلى جانب الوطن.

من هنا، فإن التضامن الحقيقي مع غزة لا يكون بالهتافات وحدها، بل بتوفير الأدوية، وتعزيز العمل، وتوجيه التبرعات عبر قنوات موثوقة. فلنعمل على تقوية اقتصادنا بدلاً من إضعافه، ولنمد يد العون لا عبر تعطيل مدارسنا ومؤسساتنا، بل من خلال الاستمرارية في الإنتاج والتبرع والمساندة المدروسة الحقيقية للأهل في غزة هاشم.

أدعو الشركات والمؤسسات الأردنية كافة إلى الانضمام لمبادرة "يوم العطاء" بالتنسيق مع الهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية، وأدعو الأفراد للتبرع، كلٌ حسب قدرته. أما طلاب الجامعات، فإن تنظيم حملات توعية ومبادرات جمع تبرعات داخل الحرم الجامعي سيكون أكثر فاعلية وجدوى من الإضراب.

في النهاية، لا يُقاس التضامن بأيام التوقف، بل بأيام العمل الإضافية التي نهديها للقضية. فلنُحسن النية، ولنُتقن الفعل، فغزة تنتظر دعماً حقيقياً، لا توقفاً مؤقتاً.

نسأل اللّه الحي القيوم أن يحفظ وطننا الأردن الغالي آمنا مستقراً بظل قيادتنا الهاشمية الحكيمة، والنصر قريب بإذن الله تعالى، و أسألكم الدعاء في الثلث الأخير من الليل حيث وقت الاستجابة والحفاظ على صلاة الفجر جماعة، فهي دعوة لي ولكم بالعودة إلى اللّه عز وجل، فإن تنصروا اللّه ينصركم.
تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير