عبدالله بني عيسى يكتب: حريق دار المسنين.. هل استقالة الوزيرة واجبة؟

{title}
نبأ الأردن -
تعد الحوادث التي يكون ضحايها من المسنين، سواء كانت عرضية أو متعمدة أو ناجمة عن الإهمال والتقصير، من الحوادث المؤلمة وذات الوقع المؤثر في مشاعر المواطنين، وتثير جدلاً واسعاً مجتمعياً، وتركز على تحميل المسؤولية لشخص أو جهة ما.
الحريق بالغ القسوة والذي حدث فجر اليوم في دار الضيافة للمسنين، وفجّر فينا حزناً شديداً على الضحايا، الذين ينتمون إلى فئة ضعيفة لا تقوى على مواجهة مثل هذا التحدي، يذكرنا بواقعة شهيرة، حين أقال الراحل الملك الحسين بن طلال، حكومة عبدالكريم الكباريتي عام 1996 بسبب الأذى الذي لحق بأطفال أيتام في إحدى المبرات. 
كان موقف الملك حاسماً، وما زلت أذكر جملة وردت في كتاب الإقالة غير المسبوق في تاريخ الحكومات الأردنية الموجه للكباريتي، إذ قال الحسين وقتها : "وكم صعقت لردك بأن منظر وزيرك الباكي امامك اثر فيك اكثر مما اثر منظر الاطفال ومعاناتهم  على خلفية خدمته السابقة... سامحك الله وسامحه".
هذه ليست دعوة لإقالة أي مسؤول على خلفية الحريق، بل دعوة للتذكير بأسس وركائز المسؤولية المباشرة والأخلاقية وحوكمة الإجراءات في كل شان، وعدم السماح تحت أي ظرف بوجود إهمال أو تقصير أو ترهل في أي مؤسسة. 
اعرف، أن وزيرة التنمية الاجتماعية وفاء بني مصطفى، سيدة مجتهدة ونقية، وتنتمي لطبقة أردنية محبة للأردن. صحيح أن موضوع الاستقالة الأدبية والأخلاقية قد تكون عرفاً محموداً يرسّخ مفهوم المسؤولية القائمة على التكليف لا التشريف، وأن منصب الوزير في الأردن هو وظيفة شاقة وتتطلب جهداً مضنياً، وليس مكرمة لشخص ما أو مكافأة له، لكن ذلك لا يعني التصرف بشكل انفعالي أو التجاوب مع الضغوط المجتمعية على حساب حوكمة الإجراءات الرسمية في مثل هذه الحالات لتوفير الضمانات لعدم تكرار مثل هذا الحادث. 
أظن أن الأهم هو أن تظهر الوزيرة المستوى المطلوب من السلوك القيادي، من خلال تحمل المسؤولية، سواء عبر الاستقالة، أو عبر اتخاذ خطوات فورية لضمان عدم تكرار الحادث، والعمل على طمأنة المواطنين بأن سلامة المسنين أولوية لا تقبل المساومة.
نتذكر استقالة الدكتور نذير عبيدات من منصب وزير الصحة، وأنها جاءت في سياق حادثة مأساوية هزت الرأي العام الأردني. في أذار 2021، حين توفي عدد من المرضى في مستشفى السلط الحكومي نتيجة انقطاع الأكسجين عن أقسام العناية المركزة، وهو ما اعتُبر خطأ إداريًا كارثيًا. ومع أن الوزير ليس المسؤول المباشر عن ذلك الخطأ، إلا أنه تحمل المسؤولية الأخلاقية والأدبية واستقال، لكن الأهم كان في إعادة النظر بالإجراءات المتبعة في المستشفيات الحكومية المتعلقة بالتزود بالأوكسجين.
ثمة وجهة نظر تقول: إذا كان الحادث ناجمًا عن تقصير مباشر أو سياسات غير فعّالة تحت إشراف المسؤول، فإن استقالته تعكس تحمّله المسؤولية.
أما إذا كان الحادث نتيجة خطأ فني أو ظروف استثنائية لا تتعلق بتقصير حكومي مباشر، فقد يكون التركيز على الإصلاحات أكثر فائدة من استقالة الوزير.
بكل الأحوال على الحكومة أن تتصرف بالطريقة التي تتناسب مع طبيعة الحادث، وبما يتضمن ترسيخ المسؤوليات وفقاً للقانون، بعيداً اولاً عن المجاملات والحسابات الشخصية، وثانياً بعيدا عن الضغوط الشعبية التي تصنعها مواقع التواصل الاجتماعي بطريقة غير صحيحة وغير مهنية في الكثير من الحالات.
تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير