إطلاق برنامج التراث الطبيعي والثقافي في الجامعة الألمانية الأردنية

{title}
نبأ الأردن -
أطلقت الجامعة الألمانية الأردنية قبل أيام، برعاية سمو الأميرة دانا فراس، برنامج بكالوريوس في التراث الثقافي والطبيعي. وقد يتساءل غير المطلع على حيثيات البرنامج عن حاجة السوق لتخصص آخر في السياحة والآثار، خاصةً أن السوق مشبع بهذه التخصصات. وقد يذهب البعض إلى التساؤل عن دوافع الجامعة الألمانية الأردنية، وهي الجامعة التطبيقية، للتوسع في التخصصات الإنسانية، وكم سيساهم البعد الألماني في رفع هذا التخصص، خاصةً وأننا نتخيل ألمانيا دولة صناعية بالدرجة الأولى.

دأبت الجامعة الألمانية الأردنية دومًا في توجهاتها على استشراف المستقبل، بطرح تخصصات جديدة لرفد سوق العمل المستقبلي بمختصين في مجالات جديدة لم تغزُ سوق العمل الأردني بعد. ويأتي بعد النظر لدى الجامعة ليس فقط في رفد سوق العمل الأردني بالمختصين، بل أيضًا سوق الخليج وحتى ألمانيا، حيث تشير الإحصائيات إلى أن 15% من خريجيها يعملون في ألمانيا، وحوالي 12.5% يعملون خارج الأردن، بينما يستقطب السوق الأردني باقي الخريجين، يؤسس العديد منهم مؤسسات رائدة ويرفدون القطاع الخاص بخبراتهم وعطائهم.

يدرك المطلع على خطة تخصص التراث الثقافي والطبيعي أنه ليس برنامجًا آخر في الآثار أو السياحة أو العمارة التراثية، بل هو برنامج مصمم لتناول جوانب جديدة في هذا المجال، ويهدف لإعداد خبراء في مجالات المحميات. والمحميات هي مناطق جغرافية محددة المساحة تخصص للمحافظة على مواردها الطبيعية، كأن تكون محميات طبيعية أو جيولوجية أو أثرية أو غيرها. كما يُعد البرنامج خبراء في إعداد قصة المكان، لحفظ ذاكرة المكان ونقلها للزائر بطرق وتقنيات حديثة متميّزة. وهو البرنامج الأول الذي يعد مختصين في مجال التراث اللامادي مثل السامر والمأثورات الشعبية وغيرها.

قطعت ألمانيا شوطًا كبيرًا في مجال التراث الطبيعي والحضاري، إذ سجلت على قائمة التراث العالمي 52 موقعًا، وهي الدولة الوحيدة التي تسجل سنويًا وبانتظام مواقع جديدة على القائمة، ولديها 16 محمية جيولوجية و103 محمية طبيعية. وهذا لا يعود بالضرورة لتميزها المعماري أو الطبيعي بل بفضل التنظيم الجيد وجودة الخبراء والمؤسسات المشرفة على المواقع. وإذا كنا لا نختلف في الاعتراف بجمال الطبيعة الأردنية، والتنوع الحيوي والجمال الجيولوجي الذي حبانا الله به، مما مكن العديد من الحضارات من الاستقرار في الأردن وترك بصماتها على ترابه، فإننا ندرك أنه بإمكاننا الاستفادة كثيرًا من التجربة الألمانية في هذا المجال وإضفاء الطابع الأردني عليها من خلال استقطاب الطلبة في هذا البرنامج.

سيرفد هؤلاء الخريجون العالم العربي بمختصين في مجالات إعداد ملفات ترشيح مواقع التراث العالمي، وسيقومون بإعداد ومتابعة إنشاء المحميات، وإجراء دراسات الأثر البيئي. هذه المهام التي كنا نتوجه فيها إلى الخبراء الأجانب لطلب عونهم، والذين، على الرغم من خبراتهم، كانوا بعيدين عن ثقافاتنا وبيئتنا، وبالتالي لم يستطيعوا عكس الصورة التي نريدها عن أنفسنا.

ومما لا شك فيه أن الطلبة سيكتسبون العديد من الخبرات العملية بفضل النمط التطبيقي للبرنامج، الذي خُصص له 160 ساعة من العمل المباشر في المشاريع المتعددة التي تضطلع بها الجامعة، بالإضافة للتدريب في مؤسسات دولية مثل اليونسكو والمجلس الأعلى للمعالم والمواقع وإيكروم والمحميات الطبيعية وغيرها. يُضاف إلى ذلك الخبرة المكتسبة من دراسة الطالب في ألمانيا والتدريب ضمن مختلف المؤسسات والمحميات فيها. وبفضل التعليم باللغتين الإنجليزية والألمانية، سيتسلح الطالب بلغتين تسهلان عليه فتح آفاق وأسواق عمل غير متاحة لغيرهم.

تسعى المملكة من خلال رؤية التحديث الاقتصادي إلى تطوير وتنويع المنتج السياحي، وتمكين المجتمعات المحلية، بالإضافة للتوسع في تسجيل المواقع الأثرية والطبيعية على قائمة التراث العالمي، بتسجيل 15 موقعًا جديدًا. وتحتاج هذه الملفات للإعداد والمتابعة والتطوير توافقًا مع الرؤية الملكية لجعل الأردن نموذجًا يُحتذى به في المنطقة. وبهذا، يأتي هذا البرنامج ترجمة للرؤية الملكية إلى واقع، بالاستثمار في الشباب الواعد للأردن الغد. فهنيئًا للطلبة الذين سيشكلون اللبنة الأولى لانطلاق هذا البرنامج، وهنيئًا لأهلهم على استشراف المستقبل.

تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير