مروان العمد يكتُب:كلام في المحظور/ ما هو المطلوب من الاردن-٢

{title}
نبأ الأردن -

وأستأنف حديثي عن ردات فعل الشعب الاردني بمختلف اطيافه لمساندة الاخوة الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة . حيث خرجت الكثير من المسيرات ، ونظمت الكثير من الاعتصامات والوقفات في مختلف المدن والمناطق لمساندتهم .كما تم رفع العديد من الشعارات والمطالب خلالها ، وعنها سيكون حديثي اليوم . كما ستكون لي ملاحظات على بعض التصرفات التي حصلت خلالها والمطالب التي طرحت فيها من ناحية منطقيتها وامكانية تحقيقها ومدى مراعاتها للمصلحة والامكانيات الاردنية وبنفس الشفافية والواقعية وبعيدا عن الشعارات والانفعالات والحماس الزائد .
وبداية فقد نظمت الحركة الاسلامية في وسط عمان مسيرة لنصرة الاقصى تم فيها رفع اعلام فلسطين واعلام حماس دون ان يرفع علماً اردنياً واحداً خلالها ، الامر الذي عزاه بعض قيادات هذه الحركة حينها باخطاء في التنظيم ، مع ملاحظة ان هذا التصرف حصل في المسيرات الاخرى التي نظمتها او شاركت فيها هذه الحركة . مع ان العلم الاردني حُمل في مسيرات النصر في شوارع غزة والتي انطلقت بعد اعلان وقف اطلاق النار ، وعُلق على السيارات المشاركة بالمسيرات . كما رفع العلم الاردني في ساحات الاقصي ورفع على سطح الصخرة المشرفة و حملت صوراً لجلالة الملك عبد الله الثاني ، تقديراً من الاهل هناك للموقف الاردني .
كما قام امين عام جبهة العمل الاسلامي وخلال اتصال هاتفي مع رئيس حركة حماس في الخارج خالد مشعل ، بتأكيد موقف الشعب الأردني الداعم لصمود الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة في وجه العدوان الصهيوني ، واعتزاز الشعب الاردني بما حققته المقاومة الفلسطينية من انتصارات . وان كان هذا القول يعبر عن الواقع ، الا انه بأي صفة يتحدث امين عام حزب جبهة العمل الاسلامي باسم الشعب الاردني وكأنه هو الناطق الرسمي باسمه ؟ او وكأنه يمثل السلطة التنفيذية في الاردن ؟ وفي حين انني لم اطلع على اي تصريح من مسؤول من هذه الحركة يشكر او يشيد بما قام به الاردن الرسمي لدعم القضية الفلسطينية ، فأن خالد مشعل في رده على مكالمة امين عام جبهة العمل الاسلامي وفي اللقاء الذي اجري معه على اذاعة حسنى قدم شكره وتثمينه واعتزازه بموقف الشعب الاردني وهبته انتصارا للقضية الفلسطينية كما وجه شكره وتقديره لمواقف جلالة الملك عبدالله الثاني والحكومة الاردنية الداعمة للقضية الفلسطينية ودورهما الداعم لها .
ولقد بلغ الحماس لدى المواطنين الاردنيين الى حد التنادي للتجمع في منطقة الشونة الجنوبية والاتجاه نحو الحدود مع الضفة الغربية ، تحت شعار افتحوا الحدود وبنية اقتحامها للمشاركة في الدفاع عن الاقصى مع ما في هذا العمل من عبثية وعدم جدوى وانه ليس هكذا يتم تحرير فلسطين ، وان الجيش الاردني لن يسمح لهم بذلك ، وان الجيش الاسرائيلي لن يستقبلهم بالورود ، مع تسليمي بصدق دوافع من شارك بهذه المسيرة ، بعكس من حرض وشجع عليها والذين من المؤكد انهم يهدفون اما الى توريط الاردن او الايقاع بين المواطنين وحرس الحدود . وانني واثق ان الكثيرين ممن شاركوا بهذه المسيرة كانوا يهدفون الى ايصال رسالة تضامن مع اخوانهم الفلسطينيين دون اجتياز الحدود لمواجهة جيش مدجج بالسلاح فيما هم عزلاً منه . الا ان الحماس دفع البعض للتقدم الى الامام ومحاولة تجاوز حرس الحدود للعبور للطرف الثاني ، والذين ومن خشيتهم عليهم وبهدف حمايتهم اخذوا في اطلاق بعض العيارات النارية في الهواء لمنعهم من التقدم . الا انه هنا حصلت ظاهرتان غير مقبولتان ، الاولى هي توجيه الشتائم لحرس الحدود وعناصر الجيش الاردني واتهامهم بأنهم صهاينه وترديد عبارات هدول همه ابطال الكرامه ؟هدول همه الي حاربوا في الكرامة ؟ وغيرها من الاهانات . فيما قام قسم آخر بالدخول الى بعض المزارع في المنطقة والتي يملكها مزارعين اردنيين وعاثوا فيها فساداً وتدميراً وحرقاً لشبكات الري البلاستيكية مما الحق باصحابها خسائر فادحة . ولا اعتقد ان اي مواطن اردني شريف يمكن ان يقر مثل هذه التصرفات . ولا يمكن ان يقرها ايضاً اي مواطن فلسطيني . وان هذا الفعل لن يخدم القضية الفلسطينية . وخلال هذه الفوضى تمكن مواطنان اردنيان من التسلل عبر الحدود وهما عزل من السلاح وتم ضبطهما من قبل القوات الاسرائيلية بعد دخولهما بمسافة بسيطة ، ونجحت الجهود الاردنية في استردادهما في اليوم التالي .
وفي يوم آخر ، ومن المناطق الشمالية تسلل عبر الحدود مواطنان اردنيان بهدف المشاركة بالاحداث هناك ، وسارا لمسافة ٣٥ كيلومتراً ولمدة يوم ونصف قبل ان يتم القبض عليهما من قبل الشرطة الاسرائيلية والتي حولتهما لمركز تحقيق تابع للمخابرات الاسرائيلية مع الادعاء بأنه قد عثر بحوزتهما على سكاكين . وفي البداية لم يسمح لاي احد الاتصال بهما ، حتى المحامي الذي كلف بالدفاع عنهما من قبل هيئة الدفاع عن الاسرى والمحررين الفلسطينية لم يتمكن من مقابلتهما الا بعد ايام من توقيفهما . حيث وصف بعدها الظروف السيئة التي يعيشان بها من حيث المعاملة والاقامة والطعام ، وتكبيلهما اثناء التحقيق معهما . ونقل عنهما تحياتهما للشعبين الفلسطيني والاردني ولكل الجهود التي تبذل لاطلاق سراحهما . وبنفس الوقت اكدت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الاردنية انها تتابع قضية اعتقالهما ، وان السفارة الاردنية في تل ابيب على تواصل مع السلطات الإسرائيلية هناك لاخلاء سبيلهما ، كما تم مقابلتهما من قبل القنصل الاردني في تل ابيب يوم امس الاحد حيث اطلع على اوضاعهما وظروف احتجازهما . الا ان السلطات الاسرائيلية لم توافق بعد على اخلاء سبيلهما . وقد يكون ذلك رداً من هذه السلطات على ما حصل قبل سنتين مع المستوطن الاسرائيلي الذي اجتاز الحدود الى الاردن مدعياً انه فعل ذلك بطريق الخطأ ، ولكن الاردن اصر على تقديمه للقضاء حيث تم الحكم عليه بالحبس لمدة ثلاثة اشهر وغرامة الف دينار . او قد يكون ذلك نكاية بالموقف الرسمي الاردني مما يجري في المناطق المحتلة او من مواقفه في مواجهة صفقة القرن ، ورفضه التواصل مع نتنياهو ، ومواقف الشعب الاردني من قضية اجتياز الحدود بهذه الطريقة ومن دعمهم للاهل في المناطق المحتلة . كما قد يكون الهدف من ذلك المساومة بشأنهما للحصول على بعض التنازلات من الاردن . ويمكن تصور حجم الضغوطات التي كان من الممكن ان يتعرض لها الاردن لو نجحت اعداداً كبيرة من المواطنين اجتياز الحدود في تلك الفترة . الا ان ذلك لا ينفي ولا يعفي مسؤولية السلطات الاردنية من العمل الحثيث لاطلاق سراحهما والتي اعلنت انها سوف تواصل العمل على ذلك . الا ان الحملة العنيفة التي تعرض لها الاردن من قبل بعض المواطنين الاردنيين واتهامهم الحكومة بالتقصير بالعمل على اطلاق سراحهما ، هي حملة ظالمة بكل المقاييس ، وكأن المواطنان موجودان في سجن المحطة او في سواقة وكل ما هو مطلوب لاطلاق سراحهما هو اجراء اداري او قانوني او امر ملكي ، او ان يكون لدينا السلطة والصلاحية لنأمر جهات اعتقالهما باطلاق سراحهما فوراً . كما ان هذه الحادثة لا تقارن بحادثة الدبلوماسي في سفارتهم في عمان حيث اننا تقيدنا حينها بالاعراف الدبلوماسية ، فيما هم لم يلتزموا بذلك . كما ان المواطنان الاردنيان قد اجتازا الحدود بطريقة غير مشروعة وبهدف المشاركة بالانتفاضة هناك ، مما مكن السطات الإسرائيلية من التشدد في موضوعهما وربما ستعمل على توجيه اتهامات لهما بالتخطيط لعمليات ارهابية حتى لا يتشجع مواطنين اردنيين آخرين في المستقبل على القيام بذلك . الا انني متأكد ان الحكومة الاردنية سوف تواصل مساعيها لاطلاق سراحهما . ولكني اريد ان اهمس هنا في اذن كل مواطن اردني فيما لو تسلل احد الأسرائيلين الى الاردن هل سيوافق على اطلاق سرحه فوراً وبمجرد طلبه ؟ علماً ان اجتياز حدود اي دولة في العالم صديقة كانت او عدوة بطريقة غير مشروعة هي جريمة يعاقب فاعلها بغض النظر عن اهدافه .
وبالرغم من عشرات الفيديوهات والصور التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي والتي صورت الطريقة الحضارية والانسانية التي تعاملت بها الاجهزة الامنية مع المواطنين المشاركين في المسيرات والاعتصامات ، الا ان التركيز لم يتم الا على عدد محدود منها أُخذت اثناء اعتصام جرى قرب مسجد الكالوتي ، ذلك الاعتصام الذي تميز وباقرار المشاركين فيه بانعدام التنسيق بين المشاركين فيه ، بحيث ظهر ان هناك مجموعات كل واحدة تهتف وفق الايديولوجية التي تتبعها ، وترفع الاعلام والشعارات الخاصة بها دون تواجد للعلم الاردني . كما انطلقت اصوات خلالها تخون الاردن ومواقفه . و كان هناك من يتعمد الاحتكاك برجال الامن وتوجيه الاهانات لهم بالرغم من جهودهم في تسهيل حركة المرور في المنطقة وتأمين الحماية للمعتصمين . وكان البعض يبدوا وكأنه يتعمد الاحتكاك برجال الامن حتى يتم تصوير المشهد ثم نشره بهدف الاساءة لهذه الاجهزة او اظهار بطولته مقتدياً بما يحصل في الاراضي الفلسطينية المحتلة ، ومنها ما فعلته الفتاة التي ظهرت في الفيدو والتي قامت بالهجوم على احدى الشرطيات من الخلف والتي مارست معها ما تدربت عليه في مثل هذه الحالات من طريقة للسيطرة عليها والقائها على الارض . وقد انتشر الخبر في البداية على ان من فعل ذلك هو احد رجال الامن ، وبهدف اثارة المواطنين عليهم ، لاننا لم نعتد على ان يقوم رجل بالقاء انثى على الارض مهما كانت الظرف . وقد خُدعت انا في البداية بهذا الفيديو ولكن باعادة التدقيق والنشر من الكثير من المواطنين فقد تبين انها شرطية وليس شرطي ، الا انه وللاسف فقد اصر البعض على انكار ذلك . كما ان البعض ومع تسليمهم بأنها شرطية الا انهم سلبوها حقها بالدفاع عن نفسها وشرف الزي العسكري الذي ترتديه والشعار الذي يزين رأسها والتدريبات التي تدربت عليها لمواجهة مثل هذه الحادثة ، ورغم بيان الامن العام بأنه سوف يحقق في هذه الفيديوهات وان المخطئ سوف يحاسب على خطئه ، الا ان البعض اصر على ادانتها وادانة الاجهزة الامنية معها .
ثم كانت الذروة في الدعوات التي أنطلقت لتقوم العشائر الاردنية من الجنوب والشمال والشرق والغرب بالزحف الى عمان ليتم استقبالها من قبل عشائر الوسط والتي اطلقتها عدة جهات بهدف اغلاق السفارة الاسرائيلية فيها . الم يتصور احداً ممن اطلق هذه الدعوات ماذا يمكن ان يحصل لو ان جموع هذه العشائر حضرت الى عمان وحصل بينها وبين الاجهزة الامنية اي احتكاك ؟ وماذا لو توجهت هذه الجموع الى السفارة الاسرائيلية بهدف اقتحامها واحتلالها واغلاقها وحصل تصادم ما بينها وبين عناصر الاجهزة الامنية المكلفون بحمايتها بموجب القوانين الدولية ؟ ثم الم يضعوا في ذهنهم ان لنا سفارة هناك ولدينا سفير ودبلوماسيين وموظفين قد يتعرضون لاعمال انتقامية ؟ لمصلحة من يريدون جعل العشائر الاردنية في مواجهة الاجهزة الامنية .
يتبع القسم الثالث


تابعوا نبأ الأردن على