الحصانة النيابية أثناء تجميد العضوية

{title}
نبأ الأردن -

نبأ اردن- كتب أستاذ القانون الدستوري ليث كمال نصراوين





لقد أثار قرار تجميد عضوية أحد أعضاء مجلس النواب مؤخرا العديد من التساؤلات الدستورية المستحدثة، والتي من أبرزها أثر هذا القرار على الحصانة النيابية، وفيما إذا كان يحق للنائب الذي تقرر تجميد عضويته التمسك بالحصانة النيابية خلال فترة سريان قرار التجميد.





إن الحصانة النيابية هي ميزة وضمانة قررها المشرع الدستوري لأعضاء مجلسي الأعيان والنواب من أجل تمكينهم من القيام بمهام عملهم من تشريع ورقابة على أكمل وجه. وقد كرّس الدستور الأردني وجهان للحصانة النيابية هما، حرية الكلام والنقاش أثناء جلسات المجلس، وعدم جواز توقيف أو محاكمة العضو أثناء اجتماعات المجلس إلا بعد الحصول على إذن من المجلس الذي ينتمي إليه.





إن حرية الكلام وإبداء الرأي قد قررتها المادة (86) من الدستور، والتي تقضي صراحة بعدم جواز ملاحقة عضو مجلس النواب عن أي قول أو كلام أو تصويت يبديه أو خطاب يلقيه أثناء جلسات المجلس. فمبدأ عدم المسؤولية الجنائية التي منحها المشرع الدستوري لأعضاء مجلس النواب ضد جرائم القول والكلام يقتصر نطاق تطبيقها على ما يصدر عن النائب من عبارات ومناقشات أثناء اجتماعات المجلس. وحيث أن النائب الذي تقرر تجميد عضويته، سيحرم من حضور جلسات مجلس النواب، بالتالي لا مجال للتمسك بالمظهر الأول من مظاهر الحصانة النيابية.





وفيما يتعلق بعدم جواز توقيف النائب ومحاكمته أثناء اجتماعات المجلس إلا بعد الحصول على إذن من مجلس النواب، فإن المشرع الدستوري قد خص النائب بهذه الميزة خلال الفترة التي يكون فيها المجلس مجتمعا في دورات برلمانية، وذلك عملا بأحكام المادة (87) من الدستور. والهدف من هذا الإجراء عدم تعطيل النائب عن حضور جلسات المجلس واشغاله عنها بحضور جلسات المحاكمة باعتباره مشتكى عليه. وهذا ما قررته المحكمة الدستورية في قرارها التفسيري رقم (7) لسنة 2013 بالقول أن المشرع الدستوري قد أراد إضفاء حصانة على أعضاء مجلسي الأعيان والنواب خلال مدة اجتماع مجلس الأمة لحمايتهم من أية إجراءات جزائية قد تتخذ ضد أي منهم تحول بينه وبين قيامه بواجباته الرقابية والتشريعية المنوطة به بموجب أحكام الدستور.





وحيث أن النائب الذي تقرر تجميد عضويته لن يقوم بأي عمل رقابي أو تشريعي بسبب حرمانه من حضور جلسات المجلس، فإن الغاية من التمسك بالحصانة النيابة وعدم جواز ملاحقته جزائيا دون رفع الحصانة عنه قد انتفت.





إن النظام الداخلي لمجلس النواب قد أقر تجميد العضوية كعقوبة برلمانية على من يخالف قواعد السلوك ويمس بهيبة المجلس وكرامة أعضائه، إلا أنه لم يبين آثار إيقاع هذه العقوبة وتبعاتها على الحصانة النيابية. فالحصانة النيابية ترتبط بالفترة التي يكون فيها مجلس الأمة منعقدا، وتسقط تلقائيا بمجرد انتهاء الدورة البرلمانية. إلا أن هذا الحكم يجب التوسع في تفسيره، بحيث يضاف إليه حالة حرمان النائب من الحصانة النيابية خلال فترة تجميد عضويته. فالحصانة النيابية تدور وجودا وعدما مع ممارسة النائب لمهام عمله في المجلس النيابي.


تابعوا نبأ الأردن على