الصين تضع رؤية دولية خدمة للانسانية جمعاء في "الكتاب الأبيض"
نبأ الأردن -
قراءة البروفيسور حسن عبد الله الدعجة أستاذ الدراسات الاستراتيجية في جامعة الحسين بن طلال ومستشار معهد الحزام والطريق بجامعة بكين وعضو المجلس الدولي لعلماء الصينيات
يعكس الكتاب الابيض الرؤية الصينية للتنمية البشرية ويسعى إلى التعاون والتبادل المتبادل بين الدول، كما يشير إلى أن التفكير في الهيمنة العالمية وتحقيق المكاسب الاحتكارية لن يحقق النجاح في هذا العصر الجديد، وبدلاً من ذلك، يتعين على الدول أن تعمل معًا من أجل الانفتاح والشمول والمنفعة المتبادلة والعدالة.
ويرى الكتاب الابيض انه من المهم أن يتبنى العالم نهجًا جديدًا يستند إلى التعاون والحوار بين الدول والحفاظ على القيم الإنسانية المشتركة، كما أن مبادرات مثل "الحزام والطريق" تعد أمثلة على التزام الصين ببناء مجتمع عالمي مشترك من خلال التعاون الاقتصادي والتنمية.
ويشير الكتاب حسب الدعجة أن الصين تلعب دورًا مسؤولًا كدولة كبرى في حل النزاعات الدولية والإقليمية، وهذا يظهر في جهودها في شبه الجزيرة الكورية والسعودية وايران وفلسطين وسوريا والعراق والعديد من الملفات الدولية الأخرى، في وقت يقدم الكتاب الأبيض الصيني الذي تم إصداره في 26 سبتمبر 2023 رؤية محددة لكيفية بناء مجتمع عالمي ذو مستقبل مشترك، وتعامل الصين وفقًا لهذا الكتاب الابيض من خلال التعاون الدولي والتنمية البشرية ومبادرة الحزام والطريق ومكافحة الهيمنة والتنمية السلمية والمستدامة والتعددية والتعاون الإقليمي خاصة بمجال التعاون في مجال الصحة والوفاء بالالتزامات.
ويشير الدعجة ان الرئيس شي جين بينج يُظهر الرؤية الصينية لبناء مجتمع عالمي ذي مستقبل مشترك كهدف رئيسي للسياسة الخارجية الصينية، كما تتضمن هذا الرؤية الالتزام بالتعاون والشراكة بين الدول والسعي إلى تحقيق التنمية والأمن العالميين، كما وان الأهداف الخمس التي طرحها تشمل السلام، والأمن، والرخاء، والتبادل الثقافي، والحفاظ على البيئة.
كما تظهر الرؤية أيضًا تفهمًا للتحديات العالمية مثل تغير المناخ والتنمية المستدامة، وتسعى للتعامل مع هذه التحديات من خلال التعاون والعمل المشترك بين الدول. ومثال على ذلك هو مشروع "الحزام والطريق" الذي يهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والبنية التحتية في مناطق مختلفة حول العالم.
ويؤكد الكتاب حسب قراءة الدعجة ان التطورات الإيجابية التي تم تحقيقها في هذا السياق تشمل التعاون مع مجموعات متعددة الأطراف والمبادرات الإقليمية والعالمية لتحقيق أهداف الرؤية. وتسعى الصين إلى دور قيادي في تعزيز السلام والاستقرار العالميين وتعزيز التعاون الدولي. وإن تنفيذ هذه الرؤية يستند إلى مفهوم العمل المشترك والشراكة الدولية لبناء مجتمع عالمي أفضل يعود بالفائدة على جميع الأمم والشعوب.
وتعكس الرؤية والأهداف التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينج لبناء مجتمع عالمي ذي مستقبل مشترك، هذه الرؤية تسعى إلى تعزيز التعاون الدولي والشراكات الإقليمية والعالمية من أجل تحقيق الاستقرار والازدهار في العالم.
وخلص الدعجة الى عدة نقاط رئيسية لهذه الرؤية والمبادرات من ابرزها بناء شراكات متساوية وتشجيع الدول على التعامل مع بعضها البعض على قدم المساواة والتعاون المشترك من أجل تعزيز التفاهم المتبادل وتحقيق الأمن والاستقرار، بالاضافة الى إقامة بيئة أمنية عادلة من خلال العمل على إنشاء بيئة أمنية تتسم بالعدالة والجهود المشتركة لمعالجة التحديات الدولية والمصالح المشتركة، الى جانب دعم التنمية المستدامة كتعزيز التنمية المفتوحة والمبتكرة والشاملة التي تعود بالنفع على الجميع وتحقق الازدهار وتعزيز التبادل بين الحضارات وتعزيز التفاهم والوئام بين مختلف الثقافات واحترام الاختلافات الثقافية، والحفاظ على البيئة والتنمية المستدامة، والسعي لتحقيق التنمية الخضراء والمنخفضة الكربون والحفاظ على البيئة من خلال التنمية المستدامة.
وهذه الرؤية والأهداف تمثل تفكيرًا استراتيجيًا للصين في تعزيز التعاون الدولي والمساهمة في تحقيق الاستقرار والازدهار العالمي، وتظهر المبادرات مثل مبادرة الحزام والطريق ومبادرة التنمية العالمية دورًا مهمًا في تحقيق هذه الأهداف من خلال تعزيز التجارة والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي.
وبشكل عام، يُظهر الكتاب التزامًا بتعزيز التعاون الدولي وبناء عالم يستند إلى المشاركة المشتركة والاعتماد المتبادل، بهدف التغلب على التحديات العالمية وضمان السلام والاستقرار والتنمية المستدامة للبشرية. كما يقدم رؤية واضحة لتغيير العلاقات الدولية وبناء مجتمع عالمي مشترك يعتمد على التعاون والتعددية القطبية.
ونظرة ختامة للكتاب الابيض بعنوان: مجتمع عالمي ذي مستقبل مشترك، اذ تعبر الصين عن رؤية طموحة لبناء عالم أفضل يستند إلى القيم والمبادئ الإنسانية، وتشدد على أهمية التعاون والتضامن العالمي، وإن تحقيق هذا الهدف يتطلب التفكير بعمق والعمل المشترك لجميع الدول والأمم.
كما تمثل الرؤية المقدمة في الكتاب رسالة إيجابية تشجع على التحرك نحو مستقبل مشرق للبشرية، وتذكرنا بأن العمل المشترك والمسؤولية المشتركة هما المفتاح لتحقيق السلام والرخاء في عالم متغير، كما إنها دعوة لنستثمر جميعًا جهودنا من أجل بناء عالم أفضل للأجيال القادمة.
وان نتذكر دائمًا أن بناء مجتمع عالمي ذي مستقبل مشترك هو مهمة تحتاج إلى وحدة العالم بأكمله والعزيمة الشديدة للتحقيق. وإذا تمكنا من العمل معًا بحكمة وإخلاص، فإننا نملك القدرة على تحقيق هذا الحلم وجعل العالم مكانًا أفضل للجميع، كما جاء في الرؤية الصينية.