مسرحية "ميرا" الجزائرية تنهض على الأداء التمثيلي والتماسك الدرامي

{title}
نبأ الأردن -
نهض العرض المونودرامي المسرحي الجزائري "ميرا" من تأليف وإخراج هشام بوسهلة، على الأداء التمثيلي المميز للفنانة سعاد جناتي، والرؤية الاخراحية، وتماسك الحبكة الدرامية.
ويستهل العرض المسرحي الذي عرض مساء أمس الأحد على مسرح أسامة المشيني، ضمن فعاليات مهرجان عشيات طقوس المسرحية بدورته الـ16،
مشاهده بدخول شخصية العرض فتاة اسمها "ميرا" تحمل صندوقا كبيرا تبيع من خلاله دمى للأطفال، وصندوقا صغيرا آخر على ظهرها بوصفه مقعدا للجلوس.
وما أن تموضع الصندوق الكبير على يمين الخشبة، أقرب الى المنتصف، حتى تبدأ في المناداة لبيع الدمي مختلفة الأشكال التي تسقطها على أجناس مختلفة منها العربية، وأخرى أوروبية شرقية شقراء وثالثة آسيوية، فيما يصاحب المشهد الذي تسقط عليه إضاءة علوية عمودية وسفلية أفقية، مؤثرات بإيقاع موسيقي سريع.
العرض الذي يتحدث عن فتاة "ميرا" يتيمة الوالدين (28 عاما) وربتها إحدى قريباتها، وتمتلك من البراءة ونقاء السريرة ما جعلها تمتهن بيع الدمى للأطفال التي تحاكي شخصيتها وتقربها منهم، تجد نفسها في ظل تداعيات المتغيرات السياسية التي اجتاحت عددا من الأقطار العربية، أقحمت في آتون استبداد وقهر مختلف أنواع السلطات من ديكتاتورية إلى متطرفة دينيا، تتعرض خلاله للانتهاكات الجسدية والنفسية، بسبب قصاصة ورق صغيرة غير مفهومة كتبها لها أحد الأطفال، أسيئ تفسيرها لما احتوت عليه من لغة طفولة غير مفهومة ما جعلها تبدوا كأنها شيفرات ورموز تحمل بصمات جهة مناوئة
ومنها عبارات "الغابة احترقت، المدينة تحطمت، ما بقي سوق ولا متسوقين...".
جاء الأداء التمثيلي للفنانة جناتي، متمكنا ومتماسكا، أدت فيه أكثر من شخصية، بالإضافة الى الشخصية الرئيسة (الطفل ميمو، الجدة، العم العجاجبي، المحقق رجل السلطة، والمتطرف، والضفدع والدجاجة والخنزير)، خصوصا من خلال إتقانها التحولات في الأداء الصوتي وطبقاته والحركي مصاحبا لفيزياء الجسد وتحولاتها بحسب ما يقتضيه السياق الدرامي، فيما استطاعت أن تحتفظ بسمات مشتركة من إيحاءاتها الأدائية جمعت بين السلطة المستبدة، وسلطة المتطرف، خصوصا لوحات التحقيق والتعذيب، وهو ما جاء وفقا للرؤية الإخراجية للمخرج بوسهلة التي اعتمدت على أسلوبية التبسيط في الطرح مع الإتقان أو السهل الممتنع.
ووفق المخرج بتوظيف السينوغرافيا والعلامات السمعية البصرية، بمضامين تكاملت مع العرض، من مؤثرات صوتية وإضاءة بشكلها المتحرك والمتغير والإعتام، فيما ساد فيها اللونان الأحمر والأبيض بمدلولاتها السيموطيقية بالجمع بين النقاء الذي تمثله شخصية ميرا وما تعرضت له من إساءات، ولا سيما توظيف أعمدة الإضاءة العمودية بوصفها قضبانا وبقع الإضاءة الدائرية بمدلولاتها بوصفها قيود وحيزات.
كما وظفت الأزياء والتماثل بين أحد عرائس الدمى والشخصية الرئيسة "ميرا" والاكسسوارات، ومنها حطة العروسة ومنفضة الريش للغبار التي استخدمت كذلك بوصفها سكينا للذبح أو عكازا للجدة أو عصا رجل الأمن، وقطعة القماش الحمراء التي تخرج من جسدها بوصفها دماء نتيجة الانتهاك الذي تعرضت له الفتاة، أو عباءة للجدة التي يذبحها المتطرفون.
وجاء النص المنطوق الذي جمع بين المحكية الجزائرية والفصحى المبسطتين سهلا وسلسا وواضحا، وحمل في العديد من مونولوجاته وديالوجات الشخصيات إسقاطات سياسية واجتماعية، فيما تجلت ضمن ثيمة العرض محمولات تشي إلى أن انتهاك البراءة في ظل ظروف الاستبداد مهما اختلفت أشكاله، أكانت براءة الفتاة اليتيمة التي رغم سنها ما تزال تحتفظ ببراءة الأطفال، أو اكسسورات الدمى التي مثلت في ختام العرض الذكريات، إلى شخصية ميرا رغم تخليها عن كل شيء بعد ما عايشته من اضطهاد إلا أنها لم تتخل عنها، في بُعد ينسحب على البراءة والنقاء، أو شخصية الطفل ميمو، وغيرها.
ووظف المخرج ببراعة النص غير المنطوق من خلال الأغاني والمؤثرات الصوتية، أكانت هدير المروحيات والجماهير الغاضبة المتظاهرة، والموسيقا والأغاني التي تساوقت بشكل متقن مع السياق الدرامي للوحات والمشاهد.
والمهرجان الذي تختتم فعالياته بعد غد الأربعاء وتشارك فيه عروض من الأردن والجزائر وليبيا والعراق وسلطنة عمان وضيوف من البحرين والعراق، يواصل مساء اليوم عروضه المسرحية بالعرض المسرحي الليبي "البهائم" على مسرح أسامة المشيني بعمان.
كما يشتمل المهرجان على ورش مسرحية تديرها المخرجة البحرينية كلثوم أمين، وندوة فكرية بالتعاون مع منتدى النقد الدرامي تستضيفها كلية الفنون في الجامعة الأردنية.
تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير