قراءة في كتاب "الابعاد الفكرية في التوجهات الاستراتيجية لوزارة الخارجية السعودية"

{title}
نبأ الأردن -
يرى الدكتور ماجد بن ثامر بن ثنيان بن محمد آل سعود ان اهم التحديات السياسية الخارجية للمملكة العربية السعودية هو التغير في نسق المجتمع الدولي وتراكم الازمات الاقليمية وصدام الثقافات ويشكل العامل الديني بعدا رئيسيا في صنع القرار في السياسة الخارجية السعودية
وبين ال سعود في كتابه "الابعاد الفكرية في التوجهات الاستراتيجية لوزارة الخارجية السعودية" الذي صدر عام 2021 ان الفكر السياسي السعودي يرتكز على ركائز اساسية تؤثر تأثيرا مباشرا في خياراته السياسية باعتماده الاسلام عقيدة وشريعة ونمط حياة واعتماد البعد الاسلامي في صنع القرار السياسي الخارجي السعودي في وقت تتضح فيه عوامل البعد الاسلامي في السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية على القضية الفلسطينية من خلال اسلامية القضية والايمان بوحدة الامة بالبعد الانساني للقضية الفلسطينية ويتجلى ذلك ضمن مواقف السياسة الخارجية للمملكة في مختلف المناسبات والمحافل الدولية . واشار المؤلف ال سعود في كتابه الذي يقع في 134 صفحة مقسما على اربعة فصول بالإضافة الى المراجع والملاحق ان مهمة وزارة الخارجية من المهام الرئيسية والأساسية في حركة الدولة الخارجية، وهي تعد انعكاسًا مهمًا للمنهج السياسي الداخلي، ففي الدول المستقرة، وبخاصة الملكية منها، يطرأ على ملامح السياسة الخارجية كثير من التغيير والتبديل، إلا أنه في المملكة العربية السعودية يختلف الوضع كثيرًا نظرًا للاستقرار السياسي والقوة الاقتصادية، والفعل والتأثير في القرار السياسي الدولي والعربي والإسلامي، وضمن هذا السياق عززت المملكة العربية علاقاتها التاريخية والمهمة مع الأمة العربية، هذه العلاقات التي تمتد من التاريخ إلى الجغرافيا إلى الاقتصاد إلى الأمن والسياسة، حتى تصل إلى شبه التطابق المطلق للرؤى المستقبلية للقضايا العربية والإسلامية والإقليمية والدولية وكيفية التعامل معها.
وتناول الفصل الاول كمدخل للدراسة مشكلة الدراسة واهميتها واهدافها والتساؤلات التي تجيب عنها واشكالية الدراسة واهدافها ومفاهيم ومصطلحات الدراسة ، في حين ناقش الفصل الثاني الاطار النظري للدراسة كما اشتمل على دراسات السابقة للدراسة وقام الباحث بتقيمها.
وبين المؤلف ال سعود دور المملكة العربية السعودية في حل العديد من المشكلات والقضايا العربية والاسلامية ابرزها القضية الفلسطينية والقضية اللبنانية وموقف المملكة العربية السعودية من الوضع في العراق، في الوقت الذي اشار ال سعود الى مرتكزات السياسة الخارجية السعودية وتوجهاتها المعاصرة مشددا على دور الاسلام في النظام السعودي والذي هو جزءا لا يتجزأ من تكوين الدولة منذ نشأتها حتى اليوم سواء على مستوى الفكر او الحركة وان الشريعة الإسلامية المصدر الوحيد للتشريع ثم عرّج الى العروية ودور المملكة العربية السعودية في سعيها مع ست دول عربية للاجتماع في محاولة صادقة لوضع اليه لتنظيم العلاقات العربية عند ادراكها اهمية العمل العربي المشترك ولخدمة مصالح هذه الدول وقضاياها فأنشئت( جامعة الدول العربية) في شهر مارس عام 1945، ودور المملكة المهم كوسيط نزيه لحل الخلافات والنزاعات لما لها من مكانة ومصداقية في المحيط العربي وقامت بجهود عظيمة لإزالة الخلافات الجانبية التي تتدخل في وحدة الصف العربي لذلك اولت المملكة القضية الفلسطينية اهتماما كبيرا كونها قضيه عربيه اسلاميه وعنصر الرئيسي لسياساتها الخارجية ولم تتقاعس وتتخاذل المملكة عن نصرة القضية والوصول الى تسوية عادلة وحلول الى جانب اتخاذها موقف عدم التدخل والحياد حيال
وحرصها على التفاعل مع المجتمع الدولي من خلال التزامها بميثاق الامم المتحدة والمعاهدات والاتفاقات الدولية التي وقعت عليها مثل حقوق الطفل ، حقوق الانسان ، والتمييز ضد المرأة وبالاضافة الى تقديم العون لدول العالم الاسلامي ومساهمة المملكة في موارد المؤسسات الدولية ودورها في خدمة قضايا التنمية في العالم.
وانتقل المؤلف ال سعود الى محددات السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية والتي ترتكز على مبادئ وثوابت جغرافية دينيه اقتصادية وتاريخية ضمن أطر رئيسية أهمها: حسن الجوار، عدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول الاخرى، تعزيز العلاقات مع دول الخليج، انتهاز سياسة عدم الانحياز، تأدية دور فاعل في أطار المنظمات الإقليمية والدولية الى جانب امن المملكة لمنطقة الخليج العربي والتي تعتبر ثالث دولة خليجية من حيث طول سواحل الخليج بعد ايران وامن الخليج يقوم على ثلاثة عوامل هي الموقع الاستراتيجي للسعودية والتوازن الاقليمي في منطقه الخليج العربي والعقيدة الدينية للنظام الاسلامي السعودي.
وركز المؤلف ال سعود على أبرز اولويات وزارة الخارجية وتوجيهاتها الاستراتيجية وفق رؤية 2030
والتي ترتكز على تحقيق مجتمع حيوي واقتصادي يطمح الى اقتصاد مزدهر وشعب طموح للوصول لهدف هذه الرؤية والتي توجّتها القيادة السعودية بالتميز التنظيمي وتحسين الخدمات والكفاءات وبناء قوة عالية الاداء الى جانب تطلع السعودية الى تحسين الخدمات القنصلية وتعزيز الصورة الايجابية للمملكة عالميا وتعزيز العلاقات الاقليمية.
وحول التحديات التي تواجه وزارة الخارجية للمملكة العربية السعودية اشار ال سعود في سياق فصول كتابه اول هذه التحديات التحدي المؤسسي فقد رفع التطور في حقل العلاقات الدولية تحديا غير مسبوق جهاز صنع السياسة الخارجية في جميع الدول ومنها المملكة وتكاملت مصالح الدول وتشابكت مما غير مضمون ومفهوم المصلحة الوطنية في مدخلات القرار الخارجي سواء من خلال المؤسسات المدنية وثاني تحدي التغير في المنتظم الدولي والتي ادت نهاية الحرب الباردة الى ظهور الوفاق الدولي وما تلاه من انهيار المعسكر الاشتراكي الى تغير جذري في المنظم الدولي ولقد سعت الدبلوماسية السعودية الى توسيع قاعدة علاقاتها الاستراتيجية من خلال الاتجاه شرقا نحو الصين والهند بالاضافة الى التحدي الثالث والذي يتمثل بتراكم الازمات الإقليمية خلال الفترة بين 1979م – 2020م والتي حدثت بالمنطقة الكثير من التحولات والازمات الكبرى التي لم تكن لصالح القرار السعودي.
وبين المؤلف ال سعود ان رئاسة المملكة العربية السعودية لقمة مجموعة العشرين فرصة رائدة على مستوى العالم العربي وتوضيح مكانة السعودية على الصعيد الدولي وبدأت المملكة ترأسها المجموعة منذ 1/2/2019م واستمرت حتى اواخر 2020م.
وختم المؤلف ال سعود كتابه بتناول عرض وتحليل نتائج الدراسة مجيبا على اسئلتها ونتائجها وربطها مع نتائج الدراسات السابقة، في الوقت الذي اوصى بزيادة العمل الدبلوماسي بما يتناسب مع مكانة المملكة بين دول العالم وزيادة التعاون في كافة الاصعدة السياسية الاقتصادية الاجتماعية الانسانية على الصعيديين الخليجي والعالمي، الى جانب زيادة التمثيل الخارجي والدبلوماسي في كافة الدول الاسلامية بالاضافة الى تحديد رؤية ورسالة واضحة لدور المجلس الخليجي لتغلب على الازمات و تطوير الكادر الوظيفي في وزارة الخارجية من خلال حصوله على العديد من المهام والدورات و تقوية الاداة العسكرية والعمل على تطويرها وتسليحها بأحدث النظم العالمية واشراك جميع العاملين في وزارة الخارجية من خلال حصوله على العديد من المهام والدورات، كما اوصى المؤلف بتطبيق سياسة متزنة ومتوازنة في مجال انتاج النفط وتسويق النفط نظرا لثقل الذي تمثله المملكة كإحدى اكبر المنتجين وصاحب اكبر احتياطي نفطي في العالم وتطوير مفهوم التنمية المستدامة في العمل ما بعد النفط، مشددا في توصياته على اهمية تحسين صورة الاسلام عالميا ووضع السياسات التي تحافظ على الامن القومي والاقليمي كدور كبير في محددات سياسة المملكة الفكرية و ضرورة الحفظ على تواصل ثقافي وحضاري متوازن مع الدول الكبرى والوعي الكافي لما للطاقة من دور مهم في علاقة المملكة مع الدول الاخرى خاصة الكبرى وعلى اهمية الحفاظ على ثبات سياسة المملكة العربية السعودية على الرغم من تغير الاحداث الدولية وضرورة الاخذ بالاعتبار دور توجهات جامعة الدول العربية في تحديد سياسات المملكة العربية السعودية.
واقترح ال سعود في نهاية مؤلفه ايجاد المسار التدريبي لكل موظف من موظفي وزارة الخارجية للعمل على تنمية معارف ومهاراته في مجال عمله وتطوير عمل وزارة الخارجية وفق بيروقراطية تهتم في تحديد وتوزيع المهام بشكل هرمي واضح وعدم الاعتماد على المركزية في اتخاذ القرار ووضع خطط استراتيجية للعديد من الملفات بشكل نموذجي الى جانب القيام بمزيد من الدراسات والبحوث المستقبلية حول الخطط الاستراتيجية لوزارة الخارجية السعودية .

تابعوا نبأ الأردن على
تصميم و تطوير