محمود الدباس يكتب : هرطقات في زمن اعلاميي التفاهات..

{title}
نبأ الأردن -

عندما صنع "كولت" أول مسدس قال "الآن يتساوى الجبان مع الشجاع"..
وعندما انتشرت ادوات التواصل الاجتماعي نستطيع القول بأنه "اينما وجِدت الإنترنت يتساوى الجاهلُ مع العارف"..
فعند اعتياد ظهور الجهلة على صفحات التواصل الاجتماعي.. ناعتي انفسهم باعلاميي "السوشيال ميديا" واصبحوا اصحاب مواقع وصفحات مشهورة وعليها آلاف المتابعين.. لا بد من انتشارٍ مباشرٍ او غير مباشر لكلامهم وتعابيرهم التي هي في ادنى مراتب الانحطاط الاخلاقي والفكري والعلمي.. والفاقدة لادنى معايير الدقة والبحث والتأصيل.. فتصبح هي المتداولة عند الكثيرين والدارجة على السنتهم.. الامر الذي يعمل على تجهيل جيل كامل يقوم بمتابعة هؤلاء.. ويستقون المعلومة والخبر من عندهم.. وللاسف لن تجد رقيب ولا حسيب على ما يبثونه.. فقد ادرجه الكثيرون تحت مفهوم ( اتركوهم.. التافهون لا يخرجون الا تفاهة.. فلا تلقوا لهم بال.. وأن لا تأثير لهم )..
وللاسف لا يخطر على بالهم مدى انتشارهم واتساع رقعة تأثيرهم..





لا يخفى على كل ذي لب.. ان الجهل هو المِعوَل الذي يهدم المجتمعات.. وهو الذي يجعل الفساد في كامل صوره واشكاله مستشريا في وضح النهار.. فلن تجد منبرا او منصة لمفكر او اعلامي متبصر يكبح جماحه ويقلل من انتشاره وسطوته..
وحين ينتشر الجهل والفساد لا بد من ان تطغى ظاهرة التفاهة والسذاجة والسطحية في كافة مناحي الحياة.. فأكاد اجزم ان وراء كل تافه يوجد فاسد.. ولانه لا وجود لفاسد متفرد لوحده.. فبالبداهة ايضا لا بد من وجود منظومة فساد تشجعه وتدعمه.. فكلما زاد التافهون والمتابعون لهم.. سيقل الحديث الجِدي عن الفساد والفاسدين.. لا بل قد يتبادر للاذهان ان الفاسدين هم من الطبقة التي نجد عندها ضالتنا..
وقد اختصر المفكر الكَنَدي "آلان دونو" صاحب كتاب "نظام التفاهة" صورة المجتمع الذي ينتشر فيه التافهون بقوله "أن التافهين قد حسموا المعركة لصالحهم في هذه الأيام.. لقد تغير الزمن زمن الحق والقيم.. ذلك أن التافهين أمسكوا بكل شيء بكل تفاهتهم وفسادهم"..





ان العين لتدمع والقلب ليحزن عندما ارى جيلا وهو يتابع هذا التافه وتلك التافهة من على منصات التواصل الاجتماعية.. وكم كنا نُعَوِل على هذا الجيل بالنهوض في الوطن من كبوته.. واعادته الى سابق عهده.. معافى من جميع اوجاعه وآلامه.. وما يُدمي العين وينخر الفؤاد هو تشجيعهم ونشرهم لمقاطع واقتباسات هؤلاء الساذجين التافهين.. دونما وعي منهم انه بهذه المتابعة والنشر تسريع في هدم منظومة الاخلاق والقيم والفكر والتعاليم الاصيلة..
وفي ذات الوقت. تجد العزوف شبه الكامل عن متابعة اصحاب الفكر والعلم والثقافة والادب..





أما آن الاوان لتكاتف الجهود للحد من انتشار هؤلاء التافهين؟!.. اما آن الاوان لحماية عقول ابنائنا من جهل وتفاهة هؤلاء التافهين؟!.. اما آن الاوان لان تطلع الحكومة بدورها بتحصين المجتمع من امثال هؤلاء التافهين؟!..





فهذه صرخة استباقية لعلها تجد مَن يجيد الاستماع.. ويمتهن التحليل والاستشراف.. ويمتاز بالتطبيق والتنفيذ..





حمى الله الأردن ملكا وشعبا وأرضا..
أبو الليث..


تابعوا نبأ الأردن على