مروان العمد يكتب: الزلزال والسياسة وازدواج المعايير / ٥

{title}
نبأ الأردن -

واليوم سوف اتابع حديثي تحت هذا العنوان عن سوريا ، ففي ساعة مبكرة من صبيحة يوم الاثنين الموافق السادس من شباط للعام الحالي ، استيقظت سوريا على يوم ليس كأي يوم آخر ، وعلى وقع زلزال مدمر استمر اقل من اربعين ثانية ، كانت كافية لزيادة المأساة التي تعيشها منذ اثنا عشرة عاماً . حيث استيقظ سكان شمال سوريا على صوت هدير ، ومشاهد تدمير ، وبنايات تتساقط ، واناس تحت الانقاض ، انقطع النفس عن بعضهم ، وبعضهم يصرخ طلباً للنجدة ، وانين يسمع من بين الانقاض . واناس هائمون في الشوارع على غير هدى لا يكادوا يستوعبون ما حدث . وكانت حمص وحلب وحماة الاكثر تضرراً من الزلزال .





وعلى الفور تحركت فرق البحث والانقاذ تبحث تحت الانقاض ، علها تخرج بعض الاحياء من بينها في حدود الامكانيات المتواضعة والمتهالكة المتوفرة لديها بعد سنين من الحرب الاهلية . مما دعى الجهات المسؤولة لاعتبار هذه المناطق منكوبة ، وطلب الانقاذ والمساعدة الدولية والتي حال دون الاستجابة اليها العقوبات المفروضة على سوريا وبقرارات دولية اممية ، وقانون قيصر الذي اخضع الدول التي تتعامل معها للعقوبات .





الا ان العديد من الدول العربية و العالمية قررت ان تتحدى جميع هذا القرارات ، وان تهب لنجدة سوريا . وكان على رأسها الاردن . حيث قام جلالة الملك المعظم بالاتصال بالرئيس السوري بشار الاسد معزياً بضحايا الكارثة ، وواضعاً امكانيات الاردن لمساعدة سوريا في مواجهة تبعاتها . كما قام معالي وزير الداخلية الاردني ايمن الصفدي بزيارة لدمشق في زيارة هي الاولى منذ اثنى عشر عاماً . والذي اعلن ان الهدف منها اعلان وقوف الاردن نظاماً وحكومة وشعبا الى جوار اشقائهم في سوريا لتجاوز هذه المحنة وتداعياتها . وقد كان لذلك ردود فعل إيجابية على الجانب السوري ، حيث عبر عنها الرئيس السوري بتأكيده على اهمية التعاون الثنائي بين البلدين ، وخاصة ان الامتداد الجغرافي والشعبي بينهما يجعلهما يعيشان تحديات مشتركة . كما ان وزير الخارجية السوري صرح بقوله ان حديث جلالة الملك مع الرئيس السوري كان بلسماً لجراح السوريين ، وان زيارة الصفدي جاءت لتترجم عواطف القيادة الاردنية والشعب الاردني . كما صرح وزير الخارجية الاردني ان قوافل المساعدات سوف ترسل تباعاً من الاردن . وفعلا وبعد مرور ساعات على الكارثة حطت طائرة اردنية في مطار حلب تحمل مواد الاغاثة والمساعدات الطبية والادوية . كما وصل الى الحدود السورية العديد من الشاحنات التي تحمل المساعدات التموينية والادوية والبطانيات والخيم ومياه الشرب المرسلة عن طريق الهيئة الاردنية الهاشمية وهي تنقل المساعدات الاردنية الرسمية ، والتبرعات المقدمة من البنوك والمؤسسات والجمعيات الاردنية ، وشركات الادوية والنقابات والمواطنين . وكانت هذه المساعدات تسلم على الحدود السورية ، اما الى الهيئة العليا للإغاثة في سوريا ، او الى وكالات الامم المتحدة العاملة هناك لتقوم بايصالها الى المنكوبين وتوزيعها عليهم . ولا زالت الطائرات الاردنية تهبط في المطارات السورية . ولا زالت قوافل الشاحنات تصل للحدود السورية لنقل هذه المساعدات حتى الآن .





كما زار رئيس مجلس النواب الاردني احمد الصفدي دمشق ضمن وفد الاتحاد البرلماني العربي المشترك اثر انتهاء مؤتمرهم في بغداد . والتقى الوفد الرئيس السوري ، حيث رحب بهم واكد لهم اهمية هذه الزيارة ، وانها تعني الكثير للشعب السوري ، وان هناك مؤسسات عربية قادرة على اخذ زمام المبادرة والتحرك لصالح الشعوب العربية . ومن جانبه اكد الصفدي ان هذه الزيارة تاريخية و ستتذكرها الاجيال المقبلة ، ناقلاً تحيات الشعب الاردني للشعب السوري الذي مر بالعديد من المحن .





ثم توالت المساعدات من بعض الدول العربية وبعض الدول الاجنبة الى سوريا متحدين القرارات الدولية بما فيها قانون قيصر . مثل الجزائر والعراق ولبنان والسلطة الفلسطينية ومصر والمملكة العربية السعودية وقطر والكويت والبحرين وتونس وليبيا والباكستان وايران وروسيا واليابان وفنزويلا .وعدد أخر من الدول التي فاتني ذكرها . والتي كانت ترسل مواد الاغاثة والتموين بالاضافة الى فرق مختصة بالاغاثة والانقاذ ، ومستشفيات الميدان والادوية ، والمساعدات المالية التي تبرعت بها هذه الدول وشعوبها .





وعلى ضوء ذلك لم تجد الادارة الامريكية بداً من اصدار قرار بتعليق بعض العقوبات المفروضة على سوريا بشكل مؤقت ولمدة 180 يوما للسماح بادخال المساعدات الضرورية .





ومع ذلك فقد كان عدد الدول التي استجابت لتقديم المساعدات وحجم هذه المساعدات اقل بكثير من تلك التي قدمت لتركيا و دون المستوى المطلوب . وامتنعت العديد من الدول عن تقديم اي مساعدة بحجة انها لن تقدم مساعدات لنظام بشار الاسد ، في حين ان المساعدات كانت مطلوبة لانقاذ حياة السوريين الذي احتجزوا تحت الانقاض . وتأمين المأوى و الدواء والغذاء للذين شردوا من منازلهم ، او فقدوا كل ممتلكاتهم .





وفي نفس الوقت التي وقفت بعض الدول وخاصة العربية الى جانب الشعب السوري ، انطلقت اصوات عربية تطالب بعدم ارسال المساعدات الى سوريا بحجة ان التنظيمات الشيعية تستولي عليها وتسلمها لانصارها . والبعض رأى ان هذه المساعدات سوف تقوي موقف بشار الاسد الذي قتل شعبه ، وكأن ترك الشعب السوري ليموت بين الانقاض ومن الجوع ونقص الدواء ، ثمناً مقبولاً لكي لا يبقى بشار الاسد في السلطة . وكما قالت وزيرة الخارجية الامريكية السابقة مادلين اولبرايت في اجابة على سؤال فيما اذا كان عدد القتلى العراقيين والدمار في العراق مقبولا كثمن لاسقاط نظام صدام حسين ، حيث قالت نعم انه يستحق ذلك .





سوف يوجه لي البعض الاتهام بأني من مناصري النظام السوري ، في حين ان الظروف الانسانية للشعب السوري العربي كان يجب ان تلغي كل المواقف الاخرى ، وان نترك السياسة واختلاف وجهات النظر مع هذا النظام وراء ظهورنا ، لا بل ان نتجاوز هذه الخلافات والاختلافات . وسيكون لي عودة للحديث عن ذلك في نهاية مقالتي .





يتبع الحلقة السادسة





مروان العمد


تابعوا نبأ الأردن على