مروان العمد يكتب: الزلزال والسياسة وازدواج المعايير ١ / ٧

{title}
نبأ الأردن -

ساتحدث تحت هذا العنوان عن كل ما حصل نتيجة الزلزال من يوم وقوعه وحتى الآن .





ففي الساعة الرابعة بعشرين دقيقة من فجر يوم الاثنين الموافق السادس من شباط للعام الحالي ، ضرب زلزال مدمر بمقياس 7٠8 درجة على مقياس ريختر ، مناطق واسعة من جنوب تركيا . وكان مركزه مدينة كهرمان مرعش ، وشمل عشر ولايات تركية . وامتد تأثيره الى مناطق واسعة من الشمال السوري وخاصة في اللاذقية وحلب وريفهما ، الواقعان تحت سيطرة النظام السوري المدعوم روسياً وايرانياً ، ومن احزاب وتنظيمات شيعية و على رأسها حزب الله اللبناني . ومنطقة شمال غرب سوريا الواقعة تحت سيطرة قوي المعارضة السورية بمختلف فصائلها والمدعومة تركياً ، والمعلن فيها حكومة تمثل الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية . وكذلك بعض المناطق في اقصى شمال شرق سوريا والتي تقطنها اغلبية كردية ، والتي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية المدعومة امريكياً . وبعد ساعات تعرضت المنطقة لزلزال آخر و بمقياس 7٠7 درجة . و اعقبهما وحتى الآن اكثر من عشرة آلاف زلزال وهزة ارتدادية وبدرجات مختلفة . والتي قدرت قوتها التفجيرية و التدميرية بخمسمائة قنبلة ذرية . وقد تجاوز عدد القتلى في هذا الزلزال اكثر من خمسة وخمسين الف ، والجرحى اكثر من مائة وعشرين الف . كما دمر اكثر من 250 الف مبنى تضم اكثر من 800 الف شقة سكنية . بعضها تدميراً كاملاً على رؤوس سكانيها . وبعضها جزئياً ولم تعد صالحة للسكن . وبعضها لاضرار مختلفة وتحتاج الى عمليات اصلاح كثيرة قبل ان يمكن السكن فيها . واصبح مابين خمسة عشر وخمسة وعشرين مليون شخص مشردين بلا مأوى . منهم حوالي سبعة ملايين طفل . وهذه تقديرات مرشحة للزيادة مع استمرار اعمال البحث بين الانقاض وازالتها ، حيث لا تزال الكثير من الجثث تحتها وذلك بعد ان انقطع صوت الانين . ولا يزال تعداد المنازل المتضررة مستمراً . بالاضافة لاضرار جسيمة لحقت البنية التحتية ، و حدوث انهيارات وتشقق في الطرقات الخارجية والداخلية ، مما جعل منها عوائق في طريق وصول فرق الانقاذ للمحاصرين تحت الانقاض . وترافق ذلك كله مع اجواء باردة جداً لامست الصفر المؤية وما دون ذلك ، وتساقط للامطار والثلوج .





وقد امضينا الايام التالية نشاهد ما تنقله الينا الفضائيات التي كانت تبث الاحداث والمعلومات بطريقة تتوافق مع وجهات النظر السياسية للدول او الجهات التي تتبع لها او تمولها . و التي عبرت عن ازدواجية مواقف هذه الفضائيات ، وبنفس الوقت ازدواجية المعايير الدولية والشعبية ازاء هذه الكارثة وتسيسها من الاطراف المختلفة .





وبداية لا بد من القول ان الكارثة كانت بحجم كبير وهائل . ولا يمكن ان يغيب عن مخيلتنا منظر المنازل وهي تنهار مثل مكعبات الدومينو ، متحولة الى اكوام من الانقاض ، ينبعث من اسفلها اصوات صراخ وانين وبكاء واستنجاد . وحولها اناس هائمين مذعورين يريدون الهرب من المكان ، ولكنهم لا يعرفون الى اين ، حيث ان الدخول الى المباني نصف المهدمة كان سيعرضهم لسقوطها عليهم . والطرق مغلقة ، والمسافات بعيدة ، ودرجات الحارة منخفضة والامطار والثلوج تهطل . والاهم من ذلك رغبتهم بالبقاء بالقرب من هذه الانقاض رغم خطورة ذلك ، لرغبتهم في معرفة مصير عائلاتهم الذين علقوا تحتها لعدم كفاية القائمين على عمليات الانقاذ وعدم توفر المعدات والتجهيزات اللازمة لذلك . وان اختلف الامر من مكان لآخر . حيث ان تركيا تملك من الامكانيات المالية والبشرية والمعدات اكثر مما يملكه النظام في سوريا ، او المعارضة في شمال غربها ، نتيجة احداث الربيع العربي . وما فرض عليها من عقوبات اقتصادية ومقاطعة وحصار ، وهذا ما سوف اتطرق اليه بالمزيد من التفاصيل لاحقاً .





وسوف استعرض ما حدث في هذه المناطق وستكون البداية من تركيا ، والتي كان بها مركز الزلزال وشدته وعنفوانه ، والتي تعرضت لاكبر حجم من الخسائر والاضرار . وسوف اتحدث عن تسيس ما حدث فيها ، وعن تراشق التهم ما بين النظام والمعارضة حول كيفية التعامل مع هذه الكارثة ، واستغلال ذلك للتأثير على المعركة الانتخابية القادمة فيها . وخاصة لتأخر سرعة الاستجابة الحكومة للتعامل مع الكارثة ، مما جعل هذا الامر سلاحاً في يد المعارضة التركية تشهره في وجه نظام الرئيس اردوغان وحزبه العدالة والتنمية . بالاضافة الى استثمار المعارضة لحالات الغش والفساد ، وعدم التقيد بتعليمات البناء والتي صدرت مع تولي اردوغان السلطة ، حتى ان بعض البنايات التي انهارت تبين انها مبنية من قوالب كرتونية ، ومن غير دعامات حديدية . مع ان هذه المنطقة واقعة على فالق صخري يعرضها دائماً لزلازل وهزات . كما ان الكثير من هذه البنايات لم تكن حاصلة على الرخص اللازمة لاشغالها . الا انه جرى العرف هناك انه وقبل كل انتخابات كان يصدر قانون يسمي قانون اعفاءات البناء ، يتم بموجبه ترخيص هذه الابنية بالحالة التي هي عليها بهدف الحصول على اصوات مالكيها . وان اكثر حزب استفاد من ذلك هو الحزب الحاكم .





وقد اقر الرئيس اردوغان بالكثير من هذه الاخطاء واعتذر عنها . الا انه وانصاره حملوا المسؤولية لاحزاب المعارضة التي كانت ترفض هدم البنايات القديمة واعادة بنائها على كودات الزلازل ، ليأتي هذا الزلزال ويكشف كل عيوبها . و لتنهار كعلب الكرتون .





وقد جاءت هذه الكارثة وتركيا تستعد لانتخابات برلمانية و رأسية خلال الاشهر القادمة ، و وسط صراع محتدم ما بين اردوغان وحزبه ، واحزاب المعارضة التي تسعى للائتلاف ضده . وكانت هذه الاستعدادات لا تخلو من تدخلات خارجية وخاصة من الدول الغربية والاتحاد الاوروبي ، وعلى وقع دوي المعارك الدائرة في اوكرانيا . وكان من سوء الطالع ان يقع هذا الزلزال قبل هذه الانتخابات وعن ذلك سوف اتابع حديثي .





يتبع الحلقة الثانية





مروان العمد


تابعوا نبأ الأردن على