د . هايل ودعان الدعجة يكتب: الاتفاق السعودي الايراني .. هل بدأ تغيير شكل النظام الدولي ؟

{title}
نبأ الأردن -

شهدت المنظومة الدولية في السنوات الاخيرة بعض الاحداث العالمية ، التي جعلت منها مهيأة وقابلة لتغيير شكلهاالاحادي بصياغته الاميركية ، كفايروس كورونا والحرب الروسية الاوكرانية وحقبة الرئيس الاميركي السابق دونالد ترمب التي مثلت انقلابا على قواعد هذه المنظومة ومعاييرها وقراراتها وجعلها تحت رحمة ادارته ، وانسحاب بلاده من بعض الاتفاقيات والمنظمات الدولية ، ودخولها في عداوات مع حلفائها التقليديين في المنطقة واوروبا وشرق اسيا ، وضربه للقرارات الدولية تجاه القضيةالفلسطينية عرض الحائط ، وما شكلته تصرفاته واجراءاته من اساءة للاحادية القطبية . وبدا ان دول العالم التي لم تعد قادرة على تحمل المزيد من الهزات ، اتفقت على السير باتجاه التغيير بانتظار ان تحين الفرصة ، والتي قد يوفرها الاتفاق السعودي الايراني في ظل ما تمثله السعودية من ثقل اقليمي ديني واقتصادي ومالي وسياسي ، يجعلها قادرة على تحريك الامور بالاتجاه المطلوب ،وذلك عندما قررت التعاطي مع ملفات المنطقة التي تخصها بطريقة مختلفة وفي داخل البيت الاقليمي المعزز باطار دولي مختلف هذه المرة على اساس المنافع المتبادلة والمصالح المشتركة ، مستغلة تأثيرها ونفوذها في المنطقة في ادارة هذه الملفات ، وبالشراكة مع طرف دولي اخر غير الولايات المتحدة وهو الصين التي اخذت تفرض حضورها كمنافس قوي على الزعامة العالمية ، ومن البوابة الاقتصادية والتجارية تحديدا . فكانت اولى الرسائل السعودية في هذا الاتجاه القمم الثلاث السعودية والخليجية والعربية التي عقدتها على ارضها مع الصين ، تبعها رسالة اخرى تمثلت باتفاقها التاريخي مع ايران برعاية صينية ايضا . الامر الذي يعكس محاولة طي صفحة الخلافات مع ايران على طريقة السعودية ووفقا لشروطها بعيدا عن لعبة البعبع الايراني الاميركية التي يراد منها تخويف الدول الخليجية لحساب المصالح الاميركية ( والاسرائيلية ) ، بحيث تمنح السعودية الفرصة لايران للخروج من عزلتها ،والعودة الى محيطها الاقليمي كدولة .. لا كميليشيات وكمشاريع طائفية في المنطقة . الامر الذي سيدفع بايران ، إن هي ارادت ان تكون مقبولة وغير منبوذة من قبل المجتمع الدولي ، احترام علاقات حسن الجوار وسيادة دول المنطقة وعدم التدخل في شؤونها الداخلية ، وبضرورة اعادة حساباتها بالتخلي عن تهديداتها ومشاريعها الطائفية العدائية في المنطقة . مما قد يسهم في طي صفحة الميليشيات واذرعها الطائفية وبعث الامل بامكانية تحقيق انفراجة وحل القضايا والازمات التي تثيرها في العراق وسوريا ولبنان واليمن .
وبنفس الوقت تعمل السعودية على تنويع علاقاتها وتحالفاتها واعادة النظر بشراكاتها الخارجية ، واشراك اطراف دولية اخرى مثل الصين في التعاطي مع ملفات المنطقة وقضاياها المختلفة ، بعد ان اهتزت ثقة الحلفاء باميركا على وقع انسحابها من الشرق الاوسط ، بصورة عززت من توسيع النفوذ الصيني والروسي والايراني في المنطقة . الامر الذي من شأنه احداث تغيير في الادوات والاليات التقليدية المتبعة في هذا المجال والتي تمثلها الولايات المتحدة ، لصالح ادوات اخرى تمثلها الصين وحليفتها روسيا بعد ان وجدتا نفسيهما مستهدفتين من قبل الحلف الاميركي الاوروبي كما هو الحال في الموقف الاميركي من الصين بشأن الملف التايواني ، وموقف اميركا واوروبا من روسيا بشأن حربها في اوكرانيا .
وعلى ما يبدو ان الامور قد حسمت من قبل كل من الصين وروسيا بضرورة تغيير شكل النظام الدولي من الاحادية الى متعدد الاقطاب ، بمجرد ان تضع الحرب الروسية الاوكرانية اوزارها . وبهذا الصدد فقد ذكر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، بان الشراكة مع الصين تساهم في تشكيل نظام دولي عادل . اضافة الى ان قرار التغيير يأتي وسط بيئة دولية محفزة وداعمة له ، للخلاص من الهيمنة الاميركية على المنظومة الدولية وابعادها عن الحسابات الامنية والعسكرية التي تعكس المصالح الاميركية على حساب امن هذه المنظومة واستقرارها ، بحيث تصبح اقرب الى الحسابات التجارية والاقتصادية التي من شأنها تعزيز الامن والسلام والاستقرار العالمي .


تابعوا نبأ الأردن على