أسعد العزوني يكتب : العنوسة بؤر مجتمعية متفجرة

{title}
نبأ الأردن -

بدون الرجوع إلى أي من علماء النفس والإجتماع وخبراء الأمن المجتمعي ،فإن ظاهرة العنوسة التي باتت متفشية في مجتمعاتنا العربية على الأقل ،عبارة عن بؤر مجتمعية متفجرة وقنابل موقوتة في كل بيت،لما لها من آثار وتداعيات يصعب ضبطها،ولذلك تكثر المشاكل في البيوت التي تضم عانسين أو عانسات،فاتهم القطار كما يقولون،وهذا يقودنا إلى حكمة القدماء من أهلنا الذين كانوا يمارسون طقوس الحداد عندما يبلغ سن إبنتهم الثامنة عشرة وهي ما تزال عزباء.
هناك تداعيات خطيرة لظاهرة العنوسة ،وتنعكس على كافة مظاهر الحياة ،وتثير المشاكل المجتمعية ،وتربك كافة الجهات المعنية بسبب الخلل والإضطرابات المجتمعية التي تحدث بسبب هذه الظاهرة التي يتوجب على المسؤولين العمل الجاد للحد منها ،وليتم تحويل هؤلاء العانسين ذكورا وإناثا إلى عناصر تهدئة بدلا من كونهم عوامل توتير في المجتمع .
التوتير الذي يخلقه العانسون يؤدي إلى عدم إستقرار مجتمعي ،بسبب عدم سيطرة الأهل على العانس/ة،نظرا لعدم إستقرارهم نفسيا أيضا بسبب عدم سير القطار على سكته،مخالفا نواميس الطبيعة،ويعيش حياة غير مستقرة نظرا للظروف المجتمعية التي يمرون فيها.
قبل أن نحاسب الحكومة ونحملها جزءا من المسؤولية في هذا السياق،نقول أن الأهل يتحملون النسبة الكبرى من مسؤولية العنوسة المتفشية في مجتمعنا،لأن أهل البنت على وجه الخصوص، ينظرون إلى إبنتهم كمشروع إستثماري على الطريقة العربية ،فما أن يقرع شاب بيتهم لطلب يد إبنتهم على سنة الله ورسوله ،حتى تشحذ الأم تحديدا هممها ،وتبدا بوضع الشروط التعجيزية على طالب الستر بالحلال،وهناك حلّان أمامه :إما أن ينصاع لأوامر الأم ويستدين كي يرضي غرورها ويقيم حفلة العرس في فندق خمس نجوم،ويغرق إبنتهم بالذهب والملابس الفاخرة ،لزوم فخفخة حماته المستقبلية التي تريد تقليد هذه او تلك،وتظهر تداعيات ذلك عندما يجتمع العروسان تحت سقف واحد،وتضرب رأسيهما في السقف بسبب الإلتزامات وعدم قدرة الزوج على سداد الديون ،وعندها تكون المحاكم هي الملاذ الوحيد،أما الحل الثاني امام الشاب فهو الإنضمام لنادي العزوبية.
اما الحكومة فلها النصيب الأكبر من هذا الهم ،لأنها ليست معنية بالسلم المجتمعي،ظنا منها أن الخلل يأتي فقط بسبب الممارسة السياسية التي ربما لا تروق لها،فتقوم بمحاسبة الأفراد المعنيين، ولو كانت الحكومة معنية بالسلم المجتمعي ،وتستفيد من الإحصائيات المجتمعية السنوية ،والدراسات الإجتماعية التي يعدها الخبراء والمختصون حول التطورات المجتمعية،لوضعت الخطط المناسبة للتغلب على المشاكل والتحديات المجتمعية ،وفي مقدمتها العنوسة.
مطلوب من الحكومة توفير شقق سكنية بأسعار زهيدة وأقساط مريحة للشباب العرسان ،إسهاما منها في حل مشكلة العنوسة،وكذلك توفير فرص عمل من خلال المشاريع التنموية الإنتاجية ،لتأمين الدخل المناسب لهؤلاء العرسان،وعدم إعتبار الوظيفة الحكومية هي نهاية المطاف والحل الوحيد الناجع.
لدينا صحراء شاسعة ولا تحتاج لكلفة عالية لإقامة مشاريع تنموية فيها ،وما على الحكومة إلا تحديد المساحات المناسبة ومنحها للشباب العرسان لإستغلالها تحت إشراف الحكومة نفسها التي تقدم الخدمات اللازمة مجانا،وعلى الحكومة أيضا إعفاء الشباب العرسان من الرسوم والضرائب بدءا من رسوم عقد القران وانتهاء برسوم تسجيل البيت ،وتوحيد الرسوم إلى دينار واحد فقط ،تشجيعا للشباب على كسر قيد العنوسة.
عندما تقوم الحكومة بتوفير الحياة الكرية للشباب العرسان ،تكون قد سيّجت نفسها من السخط الشعبي،وطوّقت الوطن بطوق الأمان لأن أي جهة مهما كانت لن تتمكن من اختراق مجتمع متماسك،ولذلك أقول ان محاربة العنوسة هي سياج للوطن وطوق نجاة للحكومة، وهو بركة يضعها الله في كل شيء ،لأننا سنمارس مهامنا التي خلقنا الله من أجلها وفي مقدمتها عمارة الأرض…..رسالة وطن.


تابعوا نبأ الأردن على