سمير عبدالصمد يكتب: فيلم الحارة وعنتريات التشهير

{title}
نبأ الأردن -

تابعتُ كما تابع الكثيرون التداعيات التي أثارها فيلم (الحارة) وقبلها فيلم (بنات عبدالرحمن) على الصعيد المحلي، وقد تباينت بين المدح والإعجاب، والقدح والذم، وبين الدعوة إلى مناقشة الفيلم بهدوء وإلى سلِّ كل السيوف، وكَيلِ الشتائم يمنةً ويَسرةً.
وليت هذه الانتقادات جاءت من المختصين بالفن وناقديه، والراغبين بالإصلاح بكل هدوء وموضوعية، بل جاءت في معظمها من (هواة الشو الإعلامي) وركوب التيار، وللأسف من بعض أعضاء مجلس النواب، الذي نجلُّه ونقدره، الباحثين عن عنتريات في غير مكانها.





وأعجبني رد (منذر رياحنة):
(أن الهدف الأعمق للفيلم إظهار معاناة الناس، وتلك الفئة التي تعرضت للتهميش والظلم، وكأنه لم يبق مشاكلُ في الأردن لمناقشتها)





أحسست أنه لم يعد أمامنا سوى فيلم (الحارة) لتصويب كلِّ السهامِ إليه، باعتباره يدعو لخدش الحياء، ومخالفة العادات والتقاليد، وما إلى ذلك من عبارات غير مسبوقة بحق جميع من أشرفوا على إنتاج الفيلم، و(لتعديل المايل) باعتبار أن كلَّ مشاكل المجتمع قد وأدناها إلى غير رجعة، علمًا أن الفيلم يُعرض على منصة لا يتابعها معظم الأردنيين، بل كل تلك الدعوات كانت بمثابة دعاية مجانية لمتابعة الفيلم.





وأنا أستغربُ من متحدثين كرامٍ لم يشاهدوا الفيلم أبدًا، بل قرأوا الآراءَ السلبيةَ تجاهه، يدعون بالويل والثبور وعظائم الأمور. تذكرت ذلك، حين أقدم شابان لم يقرآ حرفًا واحدًا من كُتب (نجيب محفوظ) على محاولة اغتياله، بل نفذا (ما طُلِبَ منهما) بعد صدور روايته الشهيرة (أولاد حارتنا)





والأغربُ من ذلك، بل الأخطرُ، أن يطالب أحدُهم بنزع الجنسية عن (منذر رياحنة) وهي دعوةٌ غيرُ مسبوقة، وهو لا شكّ يعلم أن نزع الجنسية لها شروطها وضوابطها، كما وردت في المادة (18) الفصل الخامس، من قانون الجنسية، وأن ذلك لا يتم إلا بتنسيب من مجلس الوزراء الموقر، وبموافقة سامية من جلالة الملك، فَتَحتَ أيِّ بندٍ من بنود نزع الجنسية سيصنَّف (فيلم الحارة)؟ علمًا أن مثل هذه الدعوة (البطولية، لنزع الجنسية) لم تصدر ضد من خططوا وحرضوا على تفجيرات عمان التي أزهقت أرواحَ نخبة غالية من أبناء هذا الوطن، في الأربعاء الأسود، الخامس من تشرين الثاني عام 2005. بل إن البعض وصفهم بالأبطال والمجاهدين.





ويزداد العجبُ، ونحن أرى البعض يدعون دولة السويد (للاعتذار، فقط لاغير) ضد الجريمة النكراء التي هزت مشاعر المسلمين  والمؤمنين من كل أرجاء العالم بإحراق نسخة من القرآن الكريم، وفي الوقت ذاته، يدعون إلى إنزال أشد العقوبات في منتجي الفيلم الأردني!!!





إنني لا أدعو إلى أن تُتركَ على غاربها، وكلٌّ يُغنِّي على ليلاه، بل يجب أن يناقش كلُّ موضوعٍ بقدر ما يستحق دون تخوين أو تحقير أوتسفيه، ضمن حرية الرأي التي كفلها الدستور الأردني، المدعومة برؤية ملكية سامية، هي الفيصل في كلِّ القضايا التي يعيشها الوطن.
سيظل هذا الوطن بخير وطمأنينة، وسنظل نشعر بالأمان من كل الأوصياء على عقولنا في ظل القيادة الهاشمية الواعية.


تابعوا نبأ الأردن على