د. طلال طلب الشرفات: والبدور بين "الحمائم والصقور"

{title}
نبأ الأردن -

اعتاد أعيان الأمة منذ القدم أن يلوذوا بالصمت حال خروجهم من مجلس الأعيان؛ لرفعة المكان الذي شغلوه، وشرف التكليف الذي كانوا يقومون به؛ ولأن مجلس الأعيان يتسم عادة بالانضباط، والمروءة، والتَّرفع، والحكمة ولا يعلّق على المواقف والأحداث، إلا أن حلقة صوت المملكة بمقدمها المتمكن المبدع عامر الرجوب دفعتني للرد في حدود المتاح المقبول، وتوضيح مفهوم الصقور والحمائم الذي تحدث به العين الضيف دون جدل، أو إسهاب لا يليق.





مفهوم الصقور والحمائم مفهوم أخذ دائماً مساحات من الجدل والتفسير، واستخدم كثيراً ووظف حقاً أو زوراً مراراً في حالات التوصيف السياسي المنفلتة من عقال المنطق، وموجبات الانضباط السياسي المرن في توصيف المراحل السابقة بعيداً عن الحماس المشاكس، والانطباعية المقيتة التي تعكس في الغالب انفعالات ومشاعر ذاتية ليس بالضرورة أن تتطابق مع الواقع، او تنسجم مع طبيعة الحوار.





الحقيقة التي لا يعرفها العين الصديق أن مجلس الأعيان هو مجلس الصقور عندما يتعلق الأمر بمصالح الدولة العليا رغم الضغوط الكبيرة التي تمارس عليه من القوى الخفية والمعلنة، ورؤى وتطلعات جلالة الملك صاحب الحق الوحيد في تعيين الأعيان، وإقالتهم، وقبول استقالتهم هي بوصلة المسار في عمله الرقابي والتشريعي، وهم المثال الحكيم في ضبط إيقاع الدولة بما يخدم ثوابت الوطن، ومؤسسة العرش.





استقدام بعض المعارضين السابقين من تحالف الليبراليين، واليسار، والحراك لا يغير في المعادلة الوطنية شيئاً، ولا يغير من مسار المجلس قيد إنملة، وتجربة اليسار والليبراليين وحتى بعض الأسلاميين في الحكم في المرحلة الحالية والسابقة تشي بذلك؛ بل أنهم في الحقيقة قد نافسوا المحافظين، وبيروقراط الدولة في الانحياز لقرارت الحكومة، ونيل رضى أولي الأمر، وهولاء ليس لهم هدف سوى تقويض صورة المحافظين في اليمين والوسط وهذا صراع مشروع في الفكر السياسي.





لم يوضح البدور مفهوم الصقور والحمائم في توصيف المرحلة، سيّما وأنه إبان إشغال موقعه النيابي كان المثال الحي للحمائم الهادئة رغم أنه كان ممثلاً للشعب. واذا كان المقصود بالصقور مخالفة النهج العام فلن يكون البدور ولا غيره قادراً على ممارسة هذا الدور لسبب بسيط؛ لأنَّ أعيان الأمة هم أعوان جلالة الملك وليسوا خصومه، ولذلك فإن التوصيفات الاستعراضية هي طعنة للمسار التشريعي والرقابي طيلة المجالس السابقة، وقفز غير محسوب في محاولة تلمس المستقبل من شاب متعطش للعمل العام، وقادم جديد إلى مجلس الحكماء "مجلس الملك".





مجلس الأعيان هو الوجه الحقيقي المعبّر عن ضمير الدولة وتحدياتها الجسام، ولا يمكن أن يغيّر قدوم أشخاص جدد من واقع النهج المستدام الراسخ ما دامت أغلبية المجلس حاضرة وتتابع إيقاع الدولة بحرص وعزم لا يلين، والخطاب الجديد القادم وحتى قدوم المئوية الثالثة -بمشيئة الله- هو خطاب المحافظين المتنورين وبالشراكة مع اليسار المنضبط، والإسلاميين المعتدلين. ويخطئ من يظن أن الاختراقات الجديدة هي اختراقات في العمق فهي ليست أكثر من إبر في الجلد؛ لتحسين الوجه المشرق للدولة بشراكة سياسية منضبطة وخالية من مغامرات القفز، ومزالق الاندفاع غير المحسوب.





فرحنا بقدوم قوى أخرى إلى مواضع الحكمة في مجلس الأعيان، ولكن لا نقبل أن يفهم هذا أنه إحلال تدريجي على حساب القوى المحافظة المتمسكة بهوية الدولة ورهانها الواعي المرن ما دامت تعكس اغلبية الرأي العام، وإذا كنا قد استبشرنا بالتشكيلة الجديدة للمجلس فإن هذا الاستبشار مشروط بفهم واقعي عميق لطبيعة المجتمع، وحدود الاختراق المسموحة التي تُحسّن ولا تغير من طبيعة الدولة وثوابتها وقيمها الراسخة.





كلُّ أبناء الوطن وأعيانه، ونوابه، وقواه الشريفة الحية صقور، والحمائم في المنظور الوطني الشَّريف هم وحدهم الذين يحاولون الرِّضاعة من خلفِ اللجام.





الدكتور طلال طلب الشرفات


تابعوا نبأ الأردن على