رافع البطاينة يكتب: تنظيم العمل الحزبي

{title}
نبأ الأردن -

تعيش الساحة الأردنية هذه الأيام فوضى حزبية غير مسبوقة من حيث زخم الأنشطة التي تقام يوميا في مختلف مناطق المملكة ، سواء من الأحزاب السياسية قيد التأسيس التي تروج لبرامجها بحثا عن الأعضاء لاستقطابهم للانخراط في أحزابهم، في سباق مع الزمن ، أو من قبل الوزارات والمؤسسات الحكومية ، ومؤسسات المجتمع المدني، وذلك بالتعاون مع المنظمات الدولية التي تلعب دور الممول المالي بغية تنظيم هذه الفعاليات والأنشطة الترويجية ، التي تشمل برامج توعوية وتثقيفية عن مضامين قانون الأحزاب السياسية ، وتمكين المرأة والشباب ، بغية حفزهم على المشاركة السياسية والحزبية ، ويعود سبب هذا الزحام السياسي لاندفاع الدولة الأردنية بشكل غير مسبوق ومتسرع نحو حزبنة الشعب الأردني وتسييسه ضمن أطر حزبية ونحن نتجه صوب الإنتخابات النيابية التي ستكون على أسس حزبية ضمن قوائم وطنية وأخرى محلية ، على أمل أن تنجح التجربة الحزبية لكي تفضي إلى تشكيل حكومات نيابية من خلال الأحزاب التي ستحظى بأكثرية أو أغلبية مقاعد مجلس النواب ، ولا أحد يعلم ما هو السبب الرئيسي لتسرع الدولة الأردنية واستعجالها في تحزيب الشعب الأردني ضمن فترة زمنية قصيرة، على الرغم من مرور ثلاثون عاما "ثلاثة عقود" على صدور أول قانون للأحزاب السياسية ، وكانت الدولة خلال تلك الفترة الزمنية الطويلة تعيق العمل الحزبي بأساليب عدة، حتى وصل الشعب الأردني إلى قناعة تامة بعدم جدوى العمل الحزبي ، والأحزاب السياسية ، حتى أن بعض الممارسات والسلوكيات الرسمية آنذاك نفرت الناس من كل المشاركات والحياة السياسية ، والغريب في الموضوع أن الدولة الأردنية فجأة جاءتها صحوة تجاه أهمية الحياة الحزبية والأحزاب السياسية لتعزيز المشاركة السياسية والنيابية، وبما يخدم تعزيز الديمقراطية في الأردن ، وكل ذلك سوف ينعكس على تعزيز الاستقرار والأمن الوطني الشامل ، ولذلك فتشكلت لجنة ملكية بهذا الخصوص أصدرت مخرجاتها خلال ثلاثة أشهر ، وبعد ذلك وخلال نفس المدة تقريبا تم إقرار كافة مشاريع القوانين الإصلاحية والتحديثية للحقوق السياسية التي أفرزتها اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية والتي تضمنت تعديلات دستورية وقانوني الأحزاب السياسية والإنتخابات النيابية ، ولذلك نلاحظ أن هناك تهافت من كافة الجهات المعنية ، سواء الحكومية ، أو الأهلية بما فيها مشاريع الأحزاب السياسية قيد التأسيس على الجامعات ومؤسسات المجتمع المدني والمحافظات ومختلف الدواوين العشائرية والأندية الشبابية والتجمعات النسائية لنشر الثقافة الحزبية في فترة زمنية قصيرة ، وباعتقادي هذا التهافت والتسابق المحموم بين الأحزاب ربما ينتج أحزاب غير ناضجة سرعان ما تنهار ربما بعد أول انتخابات نيابية، وعليه لا بد من ضبط الساحة الحزبية عبر توحيد الجهات الرسمية التي تعمل على نشر الثقافة السياسية والحزبية وفق برامج وخطط منظمة لكي لا يتم تشتيت فكر المواطنين وتتضارب المعلومات المقدمة لهم ، وتخلق حالة من الهلع والشك والريبة بمصداقية نوايا الدولة الأردنية بحزبنة الشعب الأردني ، بمختلف أطيافه ، وإنتاج أحزاب حقيقية تحقق المبتغى المنشود للتوجيهات الملكية السامية بهذا الخصوص ، وللحديث بقية .


تابعوا نبأ الأردن على