في قضايا التربية والتعليم المجتمع والإعلام شريكان في تنشئة الإنسان ووعيه

{title}
نبأ الأردن -

بقلم: زيد أبو زيد
على وقع ظروف استثنائية أملتها جائحة كورونا قصرًا على المجتمع الأردني، وعكست نفسها على الاقتصاد والصحة والتعليم بشكل رئيس، ولا زالت تضطر الدولة الأردنية إلى اتخاذ قرارات وإجراءات جديدة يوميًّا نتيجة هذه الجائحة الوبائية العالمية وتطوراتها تستمر وزارة التربية والتعليم في عملها حثيثًا لإنجاز منظومة تعليمية تعتمد نوعي التعليم الوجاهي وعن بعد مع الأخذ بالحسبان منجزات الثورة التكنولوجية الرابعة لتقدم لطلبتها ومعلميها بعدًا تعليميًّا يتوافق والظروف التي نعيشها في ظل إمكانيات مالية متواضعة قياسًا بما يمتلكه المجتمع المتقدم ماليًّا لإيصال التعليم لمن انقطعت بهم سبل التعليم عالميًّا، ومسترشدة بتجارب العالم وكفاءة مواردها البشرية، وهي في عملها المنجز على عجل والقابل للتطوير لم تطلب الشكر، ولكنها طلبت مشورة كافة مكونات المجتمع كما توقعت الاصطفاف الطبيعي من مؤسسات الوطن التي تعيش ظروف الجائحة وتأثيراتها كما تعيشها وزارة التربية والتعليم، وعلى أرض الواقع فقد أنجزت الوزارة كثيرًا من واجباتها في ظل هذه الظروف، وعاشت مع طلبتها ومعلميها تفاصيل المشهد اليومي، واستقبلت النقد بشقيه السلبي والإيجابي، وتفهمت أيضًا حرية الرأي والتعبير، وهي الحرية المقبولة والمشروعة في إطار الصدق والموضوعية، ولكنها كانت على الدوام تنشغل بالعمل بإرادة ثابتة؛ لأن مصلحة النشء والمجتمع تتفوق دائمًا في فلسفة عمل وزارة التربية والتعليم على قضايا هامشية قد تشغلها عن عملها.
ولكن، وبعد استمرار الفبركات الإعلامية والشطحات التحليلية والتحليلات المجانبة للصواب والمنشورات المختلقة وبعض التصريحات المنسوبة إلى الوزير زورًا وبهتانًا أصبح واجبًا على أبناء المجتمع كافة الوقوف مع وزارة تعنى بمستقبل أبنائنا الطلبة والوطن آخذين بالقاعدة الشهيرة التي تقول عندما تحتدم التناقضات الخارجية ويكون لها تأثيرات داخلية يتوحد المجتمع في المواجهة لتجاوز هذه التناقضات والتحديات، وهنا وفي سياق ذلك فالاعتماد على المصداقية توجب على الناشر فردًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو صحيفة أو موقعًا إخباريًّا أن يقدم الدليل والبرهان على حديثه وفي فعله وقوله إن كان ناقدًا مع أن الأصل توحد الجميع في العمل الإبداعي لتجاوز الأزمة إعلاميًّا سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا، وبعد تجاوز الأزمة نتوقف جميعًا للمراجعة والتقييم، لأنه في ظل الأزمات التي يعيشها أي وطن فإن خطابات الشعبوية يجب أنْ تزول لتحل محلها الموضوعية والصدق والمشورة بروح الإيجابية.
وفي قضايا التربية والتعليم فإنَّ الإعلام والمجتمع شريكان في تنشئة الإنسان ووعيه؛ ولذلك أكتب مشاهدتي وسماعي لبعض مظاهر النقد أو الكذب والافتراء على وزارة التربية والتعليم، ومنها تداول بعض المواقع الإخباريّة وصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي معلوماتٍ وصورًا تفيد بأنّ الوزارة وزّعت ضمن مشروع التغذية المدرسيّة لعام 2020م مادة البسكويت المدعومة من بعض الدّول الصديقة.
حيث صدر توضيح من وزارة التربية والتعليم مفاده التأكيد على أنّه يوجد خلط في المعلومات والصور المتداولة؛ إذ إن مادّة "البسكويت" المدعومة من بعض الدول الصديقة (في الصور) لم تُوزَّع ضمن مشروع التغذية المدرسيّة لعام 2020م، بل كانت ضمن مشروع عام 2015م، والصور المتداولة لهذه المادّة قديمة.
وتجدر الإشارة إلى أن برنامج التغذية تنفذه الوزارة بالتعاون مع القوات المسلحة الأردنية، ويستهدف طلبة رياض الأطفال وحتّى الصف السادس الأساسي في مناطق جيوب الفقر في المدارس الحكومية والمناطق النائية، كما وسبق توجيه النقد أو اختلاق تصريحات ونشرها حول منظومة التعليم عن بعد في ظل جائحة كورونا التي لم تذكر وزارة التربية والتعليم في أي وقت أنها منظومة اكتملت أركانها واستوفت كل خصائصها، فقد كانت تؤكد دومًا أن التجربة التي اضطرتنا إليها جائحة وباء عالمي لا تزال تُقيَّم وتُطوَّر وتُحدَّث من جوانبها الفنية والإدارية، وأنها قدمت فرصة أيضًا لمراجعة نظامنا التربوي كي يتكيف مع العصر، وأعطت فرصة للوزارة للمزاوجة بين التعليم الوجاهي وعن بعد، وبين التعليم التقليدي والإلكتروني. خطابات شعبوية واتهامات تُلقى جزافًا ولا قيمة لها عمليًّا إن لم تقترن بالدليل، ومن المعروف أن المنشورات المختلقة كما النقد الهدام غير القائم على دليل لن تستقر طويلًا في نفوس المواطنين؛ لأنها باختصار لا تنفع الناس (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ).
إنَّ ما يحدث من تثوير للشارع وإثارة المواطنين لا يخرج عن مفهوم المؤامرة التي يقصد فيها إدخال المجتمع في قلق وارتباك وخوف على أبنائهم تحت مسميات عدة، وباستخدام خطاب تحريضي في موضوع له علاقة بكل بيت أردني وبكل أسرة أردنية، فالحديث عن المناهج وإفراغها من محتواها الديني والعروبي والوطني ورمزية ذلك عند الشعب الأردني لن يدفع المواطن إلى التوجه للكتب المدرسية للتنبيش والبحث فيها عن هذه الخروقات الزائفة، بل سيسوق حديث ممثل الشعب على أنه مسلمات، كما إن الحديث عن مظاهر القصور في منظومة التعليم عن بعد والتعليم الإلكتروني الذي أكدت الوزارة منذ اليوم الأول أن به بعض التحديات، وأن عملية التطوير والوصول إلى كل طالب مستمرة، وإن خيارًا واحدًا فقط لن تسير فيه، وهو إيقاف التعليم؛ لأن جائحة وباء كورونا أوقفت التعليم في كثير من الدول بشكل تام، وكان الأردن من الدول التي اتخذت قرارها بالعمل واستمرار التعليم بأشكال وطرائق ووسائل متعددة مهما كانت الظروف؛ لأنها باختصار ذات رسالة ورؤية وقيم سامية، ولا تقبل بحرمان طلبتنا من حقهم الدستوري في التعليم.
إن سياسة وزارة التربية والتعليم منذ تأسيسها في بناء الإنسان القادر على إحداث تغيير إيجابي في مجتمعه والارتقاء بوطنه بوصفه ثروة الوطن وعنوان مجده وتقدمه، وعلى مدار العقود الأولى حققت الوزارة نهضة استشرفت فيها المستقبل في كل مجالات عملها بعناوين التطوير والتحديث لبناء الإنسان طالبًا ومعلمًا، وطوّرت أنظمتها التعليمية بمرونة تسمح بتنوع طرائق التدريس ووسائله، ومع دخول عصر التعليم الرقمي كيفت مناهجها ووسائلها بما يمكنها من مواكبة العالم المتقدم في تجربة نوعية حية تتطور رويدًا رويدًا.
وفي خضمّ تحديات الوطن فإن الشعب وقائده الحكيم عبدالله الثاني سيرسمون معالم المستقبل، ويحققون بناء الدولة ويبثون فيها روح الابتكار والعزم والتجديد، وإننا على ثقة مطلقة بوعي المواطن الأردني ونضجه، وستفوت فئة واسعة من أعضاء مجلس النواب الفرصة على دعاة إثارة الفوضى، وإن حديث دغدغة المشاعر وإثارة الرأي لن تنجح في ثني وزارة التربية عن عملها ضمن خارطة إصلاحية لقطاع التعليم.


تابعوا نبأ الأردن على