4 أعوام على فاجعة البحر الميت
نبأ الأردن- يصادف، الثلاثاء، الذكرى السنوية الرابعة لفاجعة البحر الميت، حين أودت سيول عارمة نتجت عن أمطار غزيرة بحياة 22 شخصا، منهم 19 طفلا كانوا في رحلة مدرسية في منطقة وادي زرقاء-ماعين، لم يكتب لها العودة.
في ظهيرة الخامس والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر لعام 2018، بدأت "رحلة الموت"، التي تعتبر "أسوأ كارثة" لرحلة مدرسية عايش تفاصيلها طلاب من مدرستي فيكتوريا الخاصة والعال الحكومية وأفراد من عائلة العلي.
وادي زرقاء ماعين، حيث حلّت الكارثة، يقع في منطقة البحر الميت على بعد 60 كيلو مترا من العاصمة عمّان. فقد وصلت الحافلة المدرسية عند الساعة 11:30 صباحاً، كانت حينها الأجواء صافية نسبيا، إلى أن تلبدت السماء بالغيوم وتغير كل شيء فجأة تقريبا في الساعة 01:45. كافح الجميع من أطفال ومعلمين وأهال من أجل البقاء على قيد الحياة.
تتزود تلك المنطقة بأكثر من 40 واديا جانبيا على مسافة تزيد عن 20 كيلومترا حتى البحر الميت. سارت المياه المصحوبة بالصخور في الأودية وحصلت الكارثة.
وبدأت جهود كوادر الدفاع المدني من خلال عمليات البحث والإنقاذ بعد تلقي أول اتصال عند الساعة 02:33، تلاه تجهيز سلاح الجو الأردني طائرتين للإخلاء الطبي.
وخيّم الحزن حينها على البلاد، وسادت حالة من الذهول والصدمة، وامتلأ مستشفى الشونة الجنوبية بالأهالي في رحلة بحث مريرة عن أبنائهم، وبلغت الحصيلة للضحايا آنذاك 21، ارتفعت بعد أسابيع إلى 22 بعد وفاة أحد أفراد عائلة العلي متأثرا بإصابته.
وبعد الحادثة، قدم وزيرا التربية والتعليم والسياحة استقالتهما تحت ضغوط شعبية وبرلمانية، في حين لم يتوقف الجدل حول من يتحمل ثقل الفاجعة.
وشُكلت لجنة مستقلة للتحقيق في الحادثة وأوصت بضرورة إرساء التعاون بين الأجهزة الحكومية المختلفة ونقابة المهندسين لغايات تدقيق مشاريع البنية التحتية، وبضرورة وجود "كودات بناء" بهدف توفير وقاية وحماية من السيول والفيضانات، خاصة في منطقة البحر الميت.
وأوصت اللجنة المحايدة واللجنة الوزاريّة بإعادة النظر في التشريعات الناظمة للرحلات المدرسيّة لتصبح وفق نظام خاص وليس بموجب تعليمات، وأن تصدر الموافقات عليها وفق مرحلتين أولية ونهائية.
المديرية العامة للدفاع المدني أعلنت آنذاك أن السيول جرفت 44 شخصا، من ضمنهم 37 طالبا و7 مرافقين، فيما انهار في اليوم التالي للحادثة جسر اسمنتي قرب شاطئ عمّان السياحي في منطقة البحر الميت وأغلق طريقا استخدم للوصول إلى موقع عمليات البحث عن المفقودين.
وشكلت وزارة الأشغال العامة والإسكان لجانا متخصصة لتقييم الطرق والجسور، وأعادت فتح طريق البحر الميت-العقبة، بعد إنشاء تحويلة بديلة للجسر المنهار.
في 28 تموز/يوليو 2020، حكمت محكمة صلح جزاء عمّان بالحبس ثلاث سنوات لمالكي شركة سياحة ومدير مدرسة في قضية فاجعة البحر الميت، وبرأت مالكة مدرسة، وقررت عدم مسؤولية ثلاث موظفات في وزارة التربية والتعليم، وأيدت محكمة الاستئناف الحكم ذاته في 24 كانون الأول/ديسمبر من العام ذاته.
وأعادت الحكومة في 16 تشرين أول/أكتوبر الحالي، إطلاق الاستراتيجية الوطنية للحد من مخاطر الكوارث 2022 - 2030؛ استجابةً للتغيُّرات المناخيَّة والكوارث الطبيعيَّة التي باتت تشكّل تحدياً للتخطيط والتنمية، وتعتبر الاستراتيجية الأولى في المنطقة، المعنية بالحد من مخاطر الكوارث.
- إجراءات حكومية -
الحكومة، أعلنت سلسلة إجراءات اتخذتها بعد حادثة البحر الميّت "الأليمة"، وفقاً لتقارير وتوصيات مشتركة، الصادرة عن اللجنتين المحايدة والوزاريّة اللتين شكلتا للوقوف على حيثيات الحادثة.
وعملت الحكومة على تبويب الإجراءات التي اتخذتها وفقاً للجهات ذات العلاقة، على النحو الآتي:
ففي التربية والتعليم، أصدرت تعليمات جديدة لتنظيم عمل الرحلات المدرسية ونشرها في الجريدة الرسميّة (العدد 5562) بتاريخ 24 شباط/فبراير 2019، وجرى من خلالها منع أيّ رحلات مدرسيّة يشكل مسارها عامل خطورة على طلبة المدارس بشكل عام، بما في ذلك رحلات المغامرات؛ وتضمّنت التعليمات شروطاً ومعايير للحفاظ على سلامة الطلبة، من بينها حصر أوقات الرحلات المدرسيّة في الفترة بين 21 آذار/مارس - 15 أيّار/مايو.
في السياحة، جرى إقرار تعليمات أسس وشروط سياحة المغامرات لسنة 2019، بموجب أحكام نظام مكاتب وشركات السياحة والسفر، ونشرت التعليمات في الجريدة الرسميّة العدد (5581) تاريخ 16 حزيران/يونيو 2019، وجرى من خلالها منع منح التراخيص للشركات التي تقوم برحلات المغامرة للمدارس. وفيما يخص غير المدارس، يجب التأكد من تواجد مرافقين مؤهلين حسب نوع المغامرة.
أما في الدفاع المدني، جرى تزويد العديد من المناطق المعرّضة لخطر السيول، خصوصاً التي يرتادها الزوّار والسيّاح، بأجهزة إنذار مبكّر، والتأكّد من فاعليّتها، خصوصاً منطقتيّ البحر الميّت والعقبة. كما تمّ استحداث مركز الإنقاذ المائي والجبلي في البحر الميت، قريباً من الأماكن التي يرتادها السيّاح والزوّار، إضافة إلى توفير أعداد كافية من الغطاسين هناك، وتوريد المعدات والآليّات اللازمة للإنقاذ المائي.
وعملت الحكومة على تحديث محطّات الرصد الجوّي، وتزويدها بأجهزة رصد جوي حديثة تضمن دقّة المعلومات بنسبة كبيرة. كما تمّ تطوير نشرة الحالة الجوية، وضمان تعميمها بالسرعة الممكنة على المؤسسات والدوائر الحكوميّة والمواطنين والقطاعات التعليميّة والصناعيّة والتجاريّة والسياحيّة والخدميّة، وعبر الوسائل التقنيّة الحديثة، لتسهيل اتخاذ القرارات المناسبة عند ممارستهم لأنشطتهم.
وفي مجال الأشغال العامّة والإسكان، أعادت الحكومة إنشاء وتنفيذ أعمال الصيانة للجسور والطريق الرئيسة في منطقة البحر الميّت منطقتيّ (سويمة/ غور حديثة).
وتنفذ أمانة عمّان الكبرى، والبلديّات، وشركات الكهرباء، عمليّات دوريّة، قبيل فصل الشتاء، للتأكّد من صلاحيّة البنية التحتيّة المتعلقة بالأنفاق وشبكات الصرف الصحي، وخطوط شبكات الكهرباء؛ لتجنب وقوع الأعطال الكهربائية التي تتسبب في إعاقة سير الحياة العامّة في جميع محافظات المملكة.
ويجري أيضا تنفيذ عمليّات تفقّد للسدود ومصادر المياه والأودية، والمناطق المنخفضة، وترحيل القاطنين في بيوت الشعر بجانب مجاري السيول إلى مناطق آمنة، قبيل فصل الشتاء.
في إدارة الأزمات، جرى تطوير آليّة التنسيق بين المؤسّسات ذات العلاقة بالأحوال الجويّة، وفقاً للاستراتيجيّة التي يعمل عليها المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات، وتفعيل دور المجلس الأعلى للدفاع المدني، وبيان مهامّه وصلاحياته.
وجرى أيضا إلزام الوزارات والمؤسّسات الرسميّة بحصر الآليات والمعدّات المتوافرة لديها، والتي يمكن الاستفادة منها أثناء إدارة الأزمات وحالات الطوارئ، ومدى جاهزيّتها للعمل.
أما في قطاع المياه والريّ، جرى إعداد سجل موثّق لقياس الفيضانات في الأودية الرئيسة، وإجراء دراسات فنيّة للتعرّف على طبيعة هذه المناطق، إضافة إلى دراسة إمكانيّة إنشاء مزيد من المنشآت والمصدّات المائيّة على مجاري الأودية.
وفي القطاع الصحّي، جرى تفعيل دور وحدة الأزمات والكوارث في وزارة الصحّة، وتدريب كوادر الوزارة على دقة تشخيص وتوصيف الإصابات في حالات الكوارث، وتعزيز التنسيق مع الدفاع المدني للاتّفاق على آلية إخلاء مشتركة، وتأهيل المستشفيات القريبة من الأماكن الخطرة للتعامل مع الكوارث.