الضمان : هكذا تعاملنا مع الجائحة منذ بدايتها
نبأ الأردن - أصدرت مؤسسة الضمان الاجتماعي تقريراُ أوضحت فيه كيف تعاملت مع جائحة كورونا منذ بدايتها وحتى الآن خصوصا على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، وذلك مع اقتراب مرور سنة على الجائحة.
وفيما يلي نص التقرير المفصل للمؤسسة :
نهج الضمان الاجتماعي في التعامل مع الجائحة: الغايات الاقتصادية والاجتماعية في مواجهة الاعتبارات المـالية التقليدية
ما يميز برامج المؤسسـة في التعامـل مع الجائحـة، أنها جاءت مبتكرة ومتنوعة في أدواتها ومتوازنة في توقيتها، وفي الوقت نفسه لن تؤثر على الاستدامة المالية للمؤسسة.
غالبية برامج الضمان الاجتماعي ممولة ذاتياً وهي تدابير مرحلية واستثنائية لضمان الاستدامة المالية المستقبلية.
ونحن نقترب من عام على بدء الجائحـة، تمكنت البرامج المختلفة للضمان الاجتماعي من الـوصـول إلى نحـو مليون و (100) ألف مستفيد بين مشترك حـالي وسابق.
(604) آلاف أسـرة أردنيـة (28% من الأسر الأردنية) شملتها برامج المؤسسة، يصـل أعداد أفـرادهـا إلى نحـو (2.9) مليون مواطن أردني.
برامج الضمان الاجتماعي أتاحت سيولة إضافية للقطاع الخاص بلغت لغاية اليوم نحو (180) مليون دينار.
تساؤلات وهواجس متباينة تحوم حول دور الضمان الاجتماعي في التعامل مع تبعات جائحة كورونا، وبطبيعة الحال جميعها مشروعة وموضوعية، كيف ولا والمؤسسة وتأميناتها تُعنى اليوم بغالبية المجتمع الأردني الذي يرتبط عضوياً بسوق العمل بكافة قطاعاته وتفصيلاته.
المؤسسة تعاملت مع الجائحة ومنذ بداياتها، على أنها ظروف يتوجب أن يتجلى فيها دور الضمان الاجتماعي بمفهومه العميق، من حماية الفئات المنضوية حالياً وسابقاً تحت مظلته إلى ضمان استدامة الأنشطة والمنشآت المشمولة بأحكام قانونه.
الخيار التقليدي، والمـالي بالأحرى، كان التنحي جانباً والالتزام بتأدية الدور المناط بالمؤسسة بموجب أحكام قانونها، والاصرار على تحقيق فائضها التأميني الآني، أي الالتزام بنفقاتها التأمينية المقررة والزام منشآت القطاع الخاص بالالتزام بتأدية الاشتراكات المترتبة عليها، والنتيجة المـالية، تحقيق الفائض التأميني المستهدف في العام الماضي والعام الحالي مقابل شكوك هي أقرب إلى اليقين حول الاستقرار الاجتماعي والمعيشي لشريحة واسعة من المواطنين والمقيمين على أرض المملكة، وحول قدرة المنشآت البقاء على قيد الحياة في السنوات القادمة.
بالإضـافة إلى أن تأثير الجائحـة سيؤثر على قـدرة المنشآت على السـداد والالتـزام للمـؤسسـة، كما أن قدرة المنشآت على الاحتفاظ بالعاملين لديها وتأدية الالتزامات تجاه الضمان الاجتماعي في حال عدم تنفيذ تدابير وإجراءات المؤسسة ستكون مقيـدة في جميع الأحوال نتيجة لتأثيرات الجائحة.
إذن المقاربة الحاضرة في هذا السياق، فوائض مالية ومحاسبية آنية مقابل اختلال حتمي في منظومة الحماية الاجتماعية وقطاع خاص عرضة للهشاشة في السنوات اللاحقة، وهو بالمناسبة مكون أساسي للقاعدة التحصيلية للمؤسسة.
أما النهج الآخر وهو الذي اتبعته المؤسسة، فتمثل بحزمة من الإجراءات والتدخلات التي هدفت إلى تأمين العاملين في الأنشطة والقطاعات الأكثر تضرراً بدخول مؤقتة تمكنهم من تلبية متطلباتهم المعيشية وتعويضهم بجانب من الانخفاض في أجورهم جراء الجائحة. القطاع الخاص لطالما كان ملتزماً في غالبيته في تأدية الالتزامات المترتبة عليه تجاه العاملين لديه في الظروف الاعتيادية، لكن توقعات المؤسسة كانت استباقية فيما يتعلق باعتبارات السيولة والإنتاج والمبيعات المرتبطة التي تحول بشكل وبآخر دون تمكنه من الوفاء بالتزاماته تجاه العاملين، وهكذا كانت إجراءات المؤسسة…. استباقية واستثنائية
من هنا انطلقت برامج تضامن (1) و(2) التي استطاعت تأمين جانب من الأجور لنحو (106) آلاف عامل على مدار شهري نيسان وآيار من العام 2020، وأيضاً برنامج مساند (2) الذي أتاح للمؤمن عليهم استخدام جانب من مدخراتهم لتعويض التراجع المؤقت في مداخيلهم حيث استفاد منه نحو (203) ألف مستفيد، وتكامل معه برنامج مساند(3) الذي أمن نحو (174) ألف مشترك سابق في الضمان الاجتماعي بسلفة على حساب تعويض الدفعة الواحدة تسدد عند استحقاق المؤمن عليه للراتب التقاعدي وتعويض الدفعة الواحدة.
كما تكفلت منظومة الحماية الاجتماعية للمؤسسة للمتعطلين عن العمل ببدل تعطل يمتد إلى ثلاثة أشهر وبغض النظر عن الصروفات السابقة من بدل التعطل، ومن ثم طور البرنامج بصيغته المعدلة التي تتيح المجال للمتعطلين عن العمل الحصول على بدل تعطل عن (6) أشهر إضافية، بضمانة التسديد من حقوقهم التأمينية المستقبلية، واستطاع البرنامج لغاية اللحظة خدمة اكثر من (40) ألف مستفيد.
تدخلات المؤسسة توسعت لاحقاً وعلى مراحل مدروسة لتشمل العاملين في القطاع الخاص لتُأمنهم بسلفة سقفها الأعلى (200) دينار تسدد عند استحقاقهم للرواتب التقاعدية أو تعويض الدفعة الواحدة " تمكين اقتصادي 2"، ليستفيد منها نحو (244) ألف عامل في القطاع الخاص وبما نسبته) 36%( من العاملين في القطاع. كما شمل البرنامج العاملين في القطاع العام لتعويضهم عن جانب من العلاوات التي توقفت بفعل الظروف المالية المرتبطة بالجائحة وتم منحهم سلفة سقفها الأعلى (200) دينار استفاد منها نحو (178) ألف موظف عام، أي نحو (31%) من العاملين في القطاع العام.
وتطور البرنامج في صيغته المعدلة "تمكين اقتصادي 2" ليتوسع في مقدار هذه السلفة لتصبح (500) دينار للعاملين في القطاعات الأكثر تضرراً والمنشآت غير المصرح لها بالعمل.
دعم استدامة القطاع الخاص باعتباره عمقاً للضمان الاجتماعي
تعامُل المؤسسة مع التحديات الاستثنائية التي واجهها القطاع الخاص خلال الجائحة، انطلق من منظور الشراكة المستدامة، فالقطاع الخاص هو عمق للضمان الاجتماعي ومن زوايا متعددة. فأمر الدفاع رقم (1)، تضمن إجراءات استباقية لتحديات محتملة بالسيولة النقدية ستواجه القطاع الخاص بفعل الإغلاقات والقيود اللوجستية والاعتبارات الاقتصادية المرتبطة بالجائحة. من هنا جاءت فكرة إعطاء المجال لتعليق العمل بتأمين الشيخوخة وهو ما يعني ضمناً تخفيض نسب الاشتراكات الكلية للضمان الاجتماعي من (21.75%) إلى (5.25%)، على مدار الأشهر الممتدة من آذار وحتى نهاية آيار/2020 وأيضاً تم إعطاء المجال لمنشآت القطاع الخاص لتأجيل دفعات الاشتراكات المستحقة عن هذه الأشهر وتقسيطها دون فوائد حتى نهاية العام 2023.
هذه الإجراءات تبعها برنامج أوسع زمنياً أطلقت عليه المؤسسة برنامج تمكين اقتصادي (1)، الذي يسمح لمنشآت القطاع الخاص بشمول العاملين لديها بشكل جزئي بتأمين الشيخوخة، وهو ما يعني ضمناً تخفيض نسب الاشتراكات الكلية إلى (13.5%) خلال الفترة الممتدة من حزيران 2020 وحتى آيار 2021، أي لمدة عام. ومن ثم توسعت هذه التدابير بإعطاء المجال للقطاعات الأكثر تضرراً بتعليق العمل بتأمين الشيخـوخـة لمدة ستة أشهـر تمتد من شهر كانون أول/2020 ولنهايـة آيار 2021.
البرامج شمـلت وسـاندت لغاية اليوم نحو (31) ألف منشأة بسيولة إضافية وتخفيضاً ملحوظاً في كلفها التشغيلية بلغ مجموعُه لغاية اليوم نحو (180) مليون دينار، والهدف تمكينها من الثبات والاستمرار، فهو مُشغل رئيسي لعمالتنا الوطنية ورافداً رئيسي لمنظومة الضمان الاجتماعي في المستقبل.
برنامج استدامة الحكومي… حزمة جديدة للثبات والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي
واستكمالاً للتدابير والإجراءات التي اتخذتها الحكومة لتمكين القطاع الخاص من تجاوز التحديات المرتبطة بالجائحة منذ بداياتها، فقد استحدثت الحكومة مؤخراً برنامجاً نوعياً لدعم وتمويل جانب من أجور العاملين في الأنشطة والقطاعات الأكثر تضرراً وغير المصرح لها بالعمل. فبرنامج "استدامة" أَمَّن لكل عامل أردني في المنشآت غير المصرح لها بالعمل (50%) من أجره الاعتيادي "كدعم غير مسترد"، بالإضافة لتحمل اشتراكاته الكلية في الضمان الاجتماعي عن أول (1000) دينار من الأجر.
أما الأنشطة والقطاعات الأكثر تضرراً، فقد ضمن البرنامج لكل عامل أردني (75%) من أجره الاعتيادي، حيث يتحمل البرنامج نصفهـا وبسقف أعلى (500) دينار شهرياً والنصف الآخر تتحمله المنشأة، وفي جميع الأحـوال فقد ضمن البرنامج حداً أدنى بما يُخصص لكل عامل مقداره (220) دينارشهريا. وانطلاقاً من هذه الترتيبات فقد تمثل الهدف الرئيس للبرنامج، بتأمين العاملين في القطاعات الأكثر تضرراً بثلاثة أرباع أجورهم الاعتيادية والمحافظة على استقراراهم المعيشي، وتخفيض الكلف التشغيلية على المنشآت العاملة في هذه الأنشطة والقطاعات لفترة تمتد إلى (6) أشهر.
هذا البرنامج ممول بالتشـارك بين الحكومة والمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، حيث تساهم الحكومة بمبلغ (134) مليون دينار وستساهم المؤسسة بمبـلغ (66) مليون دينار تمول من فائض تأمين إصابات العمل، علماً بأن هذا التأمين يمول بالكامل من قبل أصحاب العمل.
عدد المنشآت المستفيدة (المستثمر بها) لغاية اليوم… نحو (5) آلاف منشأة تشغل بها نحو (90) ألف عامل أردني
برامج الضمان الاجتماعي…. هل هي حالة خاصة بالاردن؟
إذا ما استعرضنا سياسات تعامل مختلف الدول مع جائحة كورونا في شريحة واسعة من بلدان العالم، المتقدمة منها والنامية، فإنه يلاحظ وبشكل جلي اضطلاع أنظمة التأمينات والضمان الاجتماعي بدور رئيس في احتواء تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية.
ما يميز سياسات وبرامج الضمان الاجتماعي في المملكة، أنها جاءت مبتكرة ومتنوعة في أدواتها ومتوازنة في توقيتها وفي الوقت نفسه لن تؤثر على الاستدامة المالية للمؤسسة، والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق، كيف كان ذلك؟
في الواقع، جميع البرامج التي أطلقتها المؤسسة كانت ممولة ذاتياً. فبرامج التضامن ومساند (1) ومساند (2)، تم تمويلها من الحسابات الإدخارية للمستفيدين منها في تأمين التعطل عن العمل، وبرامج مساند (3) وتمكين اقتصادي (2) ما هي إلا سلف ضماناتها متحققة ويتم خصمها من الحقوق التأمينية للمستفيدين في المستقبل، والكلفة المالية الوحيدة الحاضرة في هذا المجال، هي كلفة الفرصة البديلة لاستثمار هذه المبالغ، وهذه لن تعادل في جميع الأحوال والظروف الكلفة الاجتماعية على عدم تنفيذ البرامج ولا إلى المردود الاقتصادي لحجم المبالغ المصروفة التي ستنعكس بشكل أو بآخر على الجانبين التأميني والاستثماري للمؤسسة.
والأمر ذاته ينطبق على برامج تعليق العمل بتأمين الشيخوخة وبرنامج تمكين اقتصادي (1) "الشمول الجزئي في تأمين الشيخوخة"، وما ترتب عليها انخفاض في حجم الاشتراكات والتي تقدر لغاية اليوم بنحو (180) مليون دينار، التي سيقابلها انخفاض في حجم الالتزامات المالية المستقبلية على المؤسسة.
بـرامج المؤسسـة… أيـن وصلت؟؟
اليوم ونحن نقترب من عام على بدء الجائحـة، تمكنت برامج الضمان الاجتماعي الـوصـول إلى أكثر من مليون و (100) ألف مستفيد بين مشترك حـالي وسابق في الضمان الاجتمـاعي.
تحليل البيانـات الإداريـة يظهـر بأن هـذه الشـريحـة الواسعـة من المستفيديـن يتبعـون لنحـو (604) آلاف أسـرة أردنيـة (28% من الأسر الأردنيـة) يصـل أعداد أفـرادهـا إلى نحـو (2.9) مليون مواطن أردني، وترتيباً على ذلك فقد تمكنت البرامج التي أطلقتها المؤسسـة من الـوصـول إلى نحـو (39%) من الأردنيين. هـذا بالإضـافة إلى استـفادة شريحـة واسـعة من المقيمين على أرض المملكـة المشتركين تحت مظلة الضمان الاجتماعي.
هذه البرامج تكاملت مع البرامج التي نفذتها الحكـومة من خلال صندوق المـعونة الـوطنيـة التي وصلت إعـانـاته وبرامـجـه إلى شريحـة واسـعة من المـواطنين غير المستفيدين من برامج المؤسسـة.
لقد شكلت الجائحة فرصة حقيقية للتفكير بإجراءات وتدابير استثنائية تتناسب مع حجم التحديات الاستثنائية التي أعقبتهـا ولربما تشكل هذه مساحة جديدة لتكريس مفاهيم وأدوات جديدة في السياسات المستقبلية للمؤسسة.
إضغط لتنزيل التقرير :