ميسر السردية تكتب: فراق الصغار

{title}
نبأ الأردن -


استيقظت باكرا على بكاء فادي، فدوش كما أحب منادته، خرجت أتبين سبب هذا البكاء الذي جمع كل مابين الشجن والمرارة وقلة الحيلة ، مالذي يبكي الصغير صباحا بهذه الصورة الموجعة، ما الذي حصل، وكأن الدنيا هُدت فوق رأسه.. وكأنه سيشق زيق بيجامته من الضيم ؟!.. َيكأن حاله تعيد للذهن ماقاله الأعشى بوداع هريرة.. "وهل تطيق وداعا أيها الطفل"
إنها أخته ، هذا يومها الأول في الروضة.. تلتفت إليه وهي على عتبة باب الحوش،يراودها شعور العودة إليه، أمامها السيارة التي ستقلها بعيدا عنه لأول مرة في حياتهم… لا تدري ولا تعي كيف تبرر له افتراقهما الآن.. لا يعي هو لماذا تغادر بدونه.. لا يدري كيف ينتظر.. بل لم يتعلم بعد معنى الإنتظار.
وددت لو أهرع الدرجات واحتضنه… ستعود بعد ساعات.. لا تخف… وأنت ستكبر ياحبيبي، ستكون لك حقيبة وكتب ومطرة ماء، سترافقها في العام القادم.. لكن كيف سيستوعب هذه الوعود؟!
دخل الدار وأصوات عجلات السيارة تفر بعيدا بصديقته وأخته التي كانت تقوم بترجمة كلماته معي
… هدأ ضجيج حافلات المدارس… توارت الأمهات وراء الأبواب.. جلست أعيد المشهد وبكاء فدوش مازال حاضرا.. بالكاد يصل مابين كلمات أمه التي لا فائدة من شرحها الموقف وتطييب خاطره…..
يا الله ما أجمل وأصعب الموالفة في ذات الوقت. إنه رباط الأخوة المقدس… نظرت للبعيد.. ستمر السنوات ويكبر هؤلاء الصغار.. سينصرف كل منهم لمصارعة حياته ومناوشة آماله… سيكون لكل منهم بيته.. وقصصه وصعوده وهبوطه…. سيجتمعون.. كثيرا.. قليلا.. في المناسبات.. إفطار رمضان.. اقتسام أضحية العيد… يا ألهي ما أعمق الأخوة واشجاها .. في زمن ما قبل الصعاب… منذ الغد سيبدأ البكاء اقل درجة، حتى يتلاشى خوف الفقدان.. سيعتاد على الصبر و إنتظار حلة المدارس وحبة شكولاته تعود بها أخته له… ويظل الفراق مراً بغض النظر عن حجمه وفهمه… وكم من موقف يجر موقف.. كي تبكي فراقا كان رغما عنك…


تابعوا نبأ الأردن على