ما الذي يجري بجامعة تل أبيب؟
نبأ الاردن-يتعرض الطلاب الفلسطينيون في الجامعات العبرية لحملة قمع واعتداءات تنفذها شرطة الاحتلال الإسرائيلي واليمين المتطرف، كان أشدها في جامعة "تل أبيب"، فيما تقف إدارات هذه الجامعات موقف المتفرج.
وبدأت الأحداث قبل 15 مايو/ أيار الجاري، أثناء تحضير الطلاب الفلسطينيين لمراسم إحياء الذكرى الـ74 للنكبة الفلسطينية، حين اعتدى أعضاء من اليمين المتطرف عليهم.
وتطورت الاعتداءات على الطلاب ومساكنهم ليشارك فيها مستوطنون بشكل يومي، بل تعدت ذلك إلى الهجوم على المصلى، وما زالت متواصلة حتى اليوم.
تفاصيل ما جرى
ويروي الطالب المعتدى عليه نمر أبو أحمد (22 عامًا) ما وقع بالجامعة، ويقول: "كنا نحضّر لفعالية بذكرى النكبة، وكان يقف مقابلنا طلاب من اليمين المتطرف، يهتفون ضدنا ويشتموننا بألفاظ نابية".
ويضيف "أحد زملائي الطلاب حاول إبعاد أعضاء اليمين بعدما تخطوا الحدود في شتائمهم، فانقضوا عليه وضربوه بشكل همجي، وتدخلت شرطة الاحتلال حينها"، وفقا لوكالة صفا الفلسطينية.
ولم يكن تدخل شرطة الاحتلال إلا للمشاركة في الاعتداء على الطلاب الفلسطينيين، وحماية المتطرفين، وفق أبو أحمد.
ويتابع في شهادته "لم يسأل عناصرها عن أي شيء، هجموا علينا واعتدوا بوحشية، واعتقلوا ثلاثة، كنت واحدًا منهم".
وتعرض أحد الطلاب وهو أحمد جبارين لتعذيب أثناء اعتقاله، فيما تم الإفراج عن أبو أحمد وآخر، بعد يوم من انتهاء الفعالية.
ويكمل أبو أحمد "الفعالية تمت على الوجه الذي أردناه، ورغمًا عنهم، إلا أن الاعتداءات لم تتوقف".
استكمالها بغطاء
وفي اليوم التالي للفعالية، اقتحم مستوطنون مساكن الطلاب الفلسطينيين، حاملين الأسلحة البيضاء، في حدث شكل خطورة على حياتهم.
ويروي الطالب يوسف طه ما جرى: "تفاجأنا بأنهم يتجولون في الجامعة، وتابعوا إلى أن وصلوا إلى مساكن الطلاب، واقتحموها منادين على الطلاب الفلسطينيين بالخروج".
ويضيف "كانوا يهتفون بألفاظ ضد العرب ويطالبون الطلاب بالخروج لقتلهم، فكل شيء كان وارد في تلك اللحظة".
ولم تتوقف الأمور عند هذا الحد، فغطاء شرطة الاحتلال لأعضاء اليمين المتطرف ومشاركتها في قمع الطلاب، جعلهم يواصلون اعتداءاتهم لحد التعدي على حرمة المصلى.
ويقول طه "في صباح اليوم الخميس تفاجأ الطلاب بالاعتداء على مصلاهم، وتم وضع لافتات على باب المصلى تشير إلى أنه مرحاض".
هذا التعدي وصفه طه بغير المسبوق، واعتبر أن موقف الإدارة المتفرج شجع المتطرفين لتخطي هذه الحدود.
ويتابع، "نحن نتعرض لهجمة شرسة، فالاعتداءات لم تبدأ ببدء فعالية النكبة، بل من قبلها، لكن رفع الأعلام الفلسطينية والمشاركة الكبيرة من الطلاب فيها، أغاظهم فأرادوا الانتقام بكل الوسائل".
ويؤكد طه أن شرطة الاحتلال، وبعد اعتقال عدد من الطلاب، حاولت تلفيق تهم كاذبة وتقديم روايات غير صحيحة لمحاكمتهم، وهو ما فشلت به لعدم وجود أدلة.
ويضيف "تم الإفراج عن الطلاب، وموقف شرطة الاحتلال يدلل على أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من حكومة وغيرها لا تؤمن إلا بوجود اليهود، وأن الاعتداء على الفلسطينيين قاعدة لدى الجميع، ليس إلا لأنهم فلسطينيون".
ويرفض الطلاب موقف إدارة الجامعة التي حاولت أن تظهر وكأنها حيادية، وأن ما يجري مجرد مناوشة بين طلاب داخل الجامعة.
ويقول طه: "هذا الموقف رفضناه تمامًا، لأننا لسنا طرفًا في نزاع، كما أننا نرفض أن نوضع بمستوى هذه الجماعات المتطرفة لا بأخلاقها ولا بأساليبها ولا بوجودها، لأننا أصحاب أرض وحق، وسنكمل نضالنا ودفاعنا ومشاركتنا في كل ما يتعلق بقضيتنا رغمًا عن الجميع".
الحملة شاملة ومفتعلة
ولم تقتصر هذه الأحداث على جامعة "تل أبيب"، إذ شهدت جامعات عبرية أخرى نفس الحدث، منها جامعة بئر السبع التي اقتحمها مستعربون قبل أيام، واعتقلوا طالبتين، على خلفية مواقفهما الوطنية، وما زالتا قيد الاعتقال.
وبالإضافة إلى ذلك؛ فإن اليمين المتطرف يقود حملة ضد الطالبة بجامعة "تل أبيب" بيان مصاروة منذ أسبوعين، ويدعو لقتلها، وقدّم طلبًا بفصلها من الجامعة، على خلفية منشوراتها على "فيس بوك" حول الأحداث الأخيرة بالضفة ومخيم جنين.
وطرأ في العَقد الأخير ارتفاع في عدد الطلاب الفلسطينيين في الجامعات والكلّيّات العبرية، بنسبة ثلاثة أضعاف، وارتفع العدد خلال السنوات السبع الأخيرة إلى 47 ألفًا.
وفي الوقت نفسه يقصد عدد آخر جامعات خارج الأراضي المحتلة عام 1948 لأسباب منها العنصرية داخل هذه الجامعات، وبلغ عدد المتوجهين للدراسة في الخارج نحو 24 ألف طالب.
خطر يستدعي التدخل
المسؤول في لجنة متابعة التعليم في الداخل الفلسطيني محمد فرحان، يؤكد أن الجامعات العبرية تشهد منذ أسبوعين حملة قمع واعتداء ملحوظة وغير مسبوقة ضد الطلاب الفلسطينيين.
ويقول فرحان: "إن ملاحقة فعاليات الطلاب بذكرى النكبة وعلى خلفية مواقفهم الوطنية، ومنع إحياء هذه الفعاليات في الجامعات العبرية، يأتي في إطار ضجة متعمدة يراد افتعالها ضد الطلاب الفلسطينيين".
ويؤكد فرحان أن الاعتداءات تأتي بفعل رفض عدد من الكتل الصهيونية أي تحركات أو كتابات لأي طالب فلسطيني على أرض الواقع وحتى على مواقع التواصل.
ويحذر من أن التطورات في هذه الاعتداءات وصلت إلى حد تشكيلها خطرًا على حياة الطلاب ووجودهم، وهو ما تجسد في الاعتداء على مساكن الطلاب قبل أيام في جامعة "تل أبيب".
ويتهم فرحان إدارة الجامعات العبرية بالتماهي والتغطية على هذه الاعتداءات، مضيفًا "بل إن الأمر وكأن هناك ضوءًا أخضر من شرطة الاحتلال أيضًا لتنفيذ هؤلاء المتطرفين اعتداءاتهم".
ويشير إلى أن المستوطنين أصبحوا ينتظرون الطلاب على مفترقات الطرق خارج الجامعات، ليعتدوا عليهم ويهتفوا ضدهم، وسط موقف داعم من شرطة الاحتلال.
ويشدد على أن هذه الاعتداءات بحاجة إلى تحرك من المؤسسات الحقوقية في الداخل لحماية الطلاب والوقوف معهم ليس في وجه المستوطنين فحسب، بل من "ملاحقات غير قانونية وتافهة من شرطة الاحتلال".